الوفاق الفلسطيني

تزامن بيان مسموم يقدح في زعامة الرئيس الفلسطيني عرفات ويطالب بتصفيته وآخرين من كبار قادة فتح، مع تحركات نشطة وعملية فلسطينية لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني وخاصة من جهة إزالة سوء التفاهم بين عرفات وكل من رئيس وزرائه السابق أبو مازن والمسؤول الأمني السابق محمد دحلان.
وجاء ظهور البيان في هذا الوقت مع إيحاءات بأنه صادر من دحلان لينسف كامل ترتيبات المصالحة الجارية، لكن لا يبدو أن البيان يستطيع ان يحدث الأثر المطلوب في ساحة ذات تجربة سياسية راسخة تنظر لمثل هذا العمل على أنه مجرد عبث يمارسه مبتدئون في فنون ودهاليز السياسة.
اللافت في البيان دعوته لتصفية عرفات ليكون بذلك أول بيان منسوب لفتح يطالب بذلك، ورغم أحداث غزة التي كانت إفرازاً لخلافات فلسطينية وما اعتراها من رفع السلاح في وجه الإخوة بعضهم البعض، فإن المسألة لم تبلغ في إي مرحلة درجة تهديد عرفات شخصياً، بل إن الفرقاء المختصمين كان كل منهم يؤكد على زعامة عرفات.
وفي الأوضاع الفلسطينية الحالية بكل ما يموج فيها من إيجابيات النضال بما في ذلك انتفاضة الأسرى التي استطاعت ان تجذب الاهتمام الفلسطيني والعربي والدولي فإن التركيز الإعلامي ينتقل تلقائياً لكل ما يجري في ساحة مثل هذه وسيكون مفيداً للنضال إضافة إيجابية أخرى تتمثل في مثل هذه المصالحة.
وفي ذات الوقت فإن الوجه الآخر للمسألة المتمثل في الانجرار وراء الخلافات وتعميقها سيوجه ضربة قوية لأفعال النضال مثل إضراب الأسرى المستمر منذ أكثر من عشرة أيام.
وتعمل إسرائيل بكل ما تملك لحجب الأنظار عن الإضراب الجاري حالياً في المعتقلات والذي يشارك فيه حوالي السبعة آلاف من المعتقلين، وذلك من خلال افتعال المواجهات وخصوصاً في نابلس التي اقتحمتها عشرات الدبابات أمس ومارست فيها قوات الاحتلال كل ما يمكن أن يقود الى مواجهة شاملة.
وتستطيع إسرائيل افتعال الكثير من المواقف، لكن الساحة الفلسطينية حبلى بالكثير من المفاجآت، غير ان الأولويات الفلسطينية الحالية تلح بشدة على أهمية إعادة ترتيب البيت بحيث يكون الرد الفلسطيني على كل هذه التحديات الإسرائيلية موجعاً، ويكفي أن تكلل مساعي الوفاق الحالية بالنجاح ليكون ذلك في حد ذاته انتصاراً فلسطينياً قوياً على إسرائيل وعلى ما تحيكه من مؤامرات لشق الصف الفلسطيني.