Monday 28th June,200411596العددالأثنين 10 ,جمادى الاولى 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "الطبية"

الغذاء أولاً الغذاء أولاً

*د. محمد طه شمسي باشا :
* أن يقسم الله سبحانه وتعالى بالتين ، كما في قوله {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ....} سورة التين ، فإن في ذلك تنبيهاً للمؤمنين إلى أن في التين خاصة والثمار التي ورد ذكرها في القرآن الكريم كالزيتون والرمان والرطب والثوم والعنب وغيرها ، أعظم الفوائد الغذائية.
لكن المؤسف حقاً أن الدراسات العلمية الرصينة لا تأتينا اليوم إلا من الغرب ، وقد لا نجد الدراسات الكافية فيما يخص فوائد التين وغيره من الثمار المذكورة.
وقد ذكر النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه أهدي إليه طبق من تين فقال (كلوا) وأكل منه وقال:(لو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة قلت هذه ، لأن فاكهة الجنة بلا عجم (نوى) فكلوا منها فإنها تقطع البواسير وتنفع في النقرس).
والنقرس مرض استقلابي يأتي من زيادة حمض البول بالدم نتيجة الإفراط في تناول المواد البروتينية أو نتيجة خلل خلقي في الإنزيمات التي تدخل في استقلاب المواد البروتينية ، وبانتظار الدراسات العلمية المنهجية فإن من فوائد التين الثابتة بحكم التجربة أنه من أغنى الفوائد من الناحية الغذائية فهو سهل الهضم ، مانع للنفخة ، منظم لحركة الأمعاء ، مانع للإمساك ، مدر للبول ، نافع للكبد والطحال ، طارد للرمل من الكلى والمثانة ، مسكِّن للسعال ، ويمكن للإمساك أن يعالج بمنقوع ثمار التين الجافة ، حيث توضع بضع حبات منه في كوب ماء بارد في المساء وفي صباح اليوم التالي تؤكل ويشرب ماؤها على الريق قبل تناول الفطور.
وأما التمر فقد اختصه الله بفضائل كثيرة ، حيث إنه مصدر خير وبركة ، قال تعالى:{ وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا } (25) سورة مريم ، فالرطب غذاء السيدة مريم العذراء ، وهو يحوي مواد هرمونية تشبه الأكسيتوسين التي تساعد على تنظيم تقلصات الرحم وتقويتها عند الولادة ، كما أنه يقبض الرحم بعد الولادة مباشرة ولهذا أهمية كبيرة في الوقاية من النزيف الرحمي أثناء وبعد الولادة ، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (بيت ليس فيه تمر جياع أهله) ، فهذه الفاكهة الحلوة غنية جداً بالمواد الغذائية الضرورية للإنسان فإن كيلوجراماً واحداً منه يعطي ثلاثة آلاف كالوري وهي تضارع ما يعطيه اللحم من حريرات وثلاثة أضعاف ما يعطيه كيلوجرام واحد من السمك ، وقد أظهر تحليل التمر أنه يحتوي على (60 - 70 %) من وزنه من الكربوهيدرات و(2.5 %) دهون و(33 %) ماء و(1.32 %) أملاح معدنية و(10 %) ألياف نباتية ، بالإضافة إلى الفيتامينات ، حيث يحتوي على الفيتامين (أ) بنسبة عالية تعادل نسبته في زيت السمك ، وهذا الفيتامين يحافظ على رطوبة العين وبريقها ، وله دور في عملية الرؤية والوقاية من العشى الليلي وكذلك تكاثر وتميز الخلايا ، كما يحتوي على الفيتامين (ب1 ، ب2) وهذه الفيتامينات مفيدة للأعصاب وآفات الكبد وتشقق الشفاه والجلد ، والتمر غني بالمعادن فهو أغنى بالفوسفور من المشمش والعنب ، فكل مئة جرام منه تحوي 40 ملج من الفوسفور ، بينما لا تزيد كمية الفوسفور الموجودة في أي فاكهة عن 20 مج في نفس الكمية من المادة ، والفوسفور يدخل في تركيب العظام والأسنان.
كما يحتوي التمر على كميات كبيرة من البوتاسيوم ، بالإضافة إلى أنه يحتوي على الكالسيوم والحديد بشكل طبيعي يتقبله الجسم ويتمثله بسرعة ، بينما يكون تقبل أدوية الحديد صعباً على المعدة ، كما أنه ذكر أن الذين يتناولون التمر لا يعرفون السرطان مطلقاً.
وقد تقدم الحديث أن التمر يحتوي على نسبة عالية من الكربوهيدرات التي توجد على شكل سكاكر سريعة الامتصاص والتمثيل مثل سكر العنب والفواكه والسكروز (سكر القصب) ، ولا يحتاج امتصاصها إلى عمليات هضمية أو كيماوية معقدة ، حيث تستطيع المعدة هضمها وامتصاصها خلال ساعة أو بعض الساعة ، ويحتوي التمر أيضاً على ألياف سللوزية تساعد على تنشيط حركة الأمعاء وتجعل التمر مليناً طبيعياً ، ومن فوائد التمر أيضاً الوقاية من البواسير وقد ظهر ذلك في دراسة حديثة نشرتها إحدى مجلات التغذية الأمريكية وهي مجلة JOURNAL OF AMERICAN DIETETIC أوضحت فوائد التمر في علاج الإمساك والبواسير والوقاية منهما.
وزيادة على ما ذكر فإن التمر يحتوي على منشطات جنسية؛ فإذا ما استخدم مع الحليب فإنه يزيد الباءة ويخصب البدن فالتمر الذي يحتوي على معدن الفوسفور وهو غذاء للحجيرات النبيلة وهي حجيرات التناسل فإن ذلك يزيد القوة الجنسية ، بالإضافة إلى أن الأرجينين وهو حمض أميني له دوره المؤثر ، حيث يؤدي نقصه عند الذكور إلى نقص تكوين الحيوانات المنوية ، ولذلك فإن له أهمية عند بعض الرجال الذين يعانون من ضعف الحيوانات المنوية.
وأما الثوم فإنه يتركب من (60 65%) ماء و(3 5.5%) بروتين و(23 30 %) نشويات و(3.5%) ألياف ، كما يحتوي على زيت طيار وفيتامين (أ ب ج) وأملاح معدنية وخمائر.
وتساعد مركبات الكبريت الموجودة فيه في إنقاص الكوليسترول بنسبة 12% ، والشحوم الثلاثية بنسبة 17% ، بالإضافة إلى زيادة سيولة الدم فيقلل من إمكانية حدوث الجلطات الدموية ويعمل على منع تطور تصلب الشرايين في جدران الأوعية الدموية.
وقد أثبت العلماء فوائد الثوم في مكافحة نزلات البرد فقد تبيَّن أن الناس الذين يتناولون الثوم يومياً هم أقل عرضة للإصابة بنزلات البرد ، كما أن له دوراً في علاج التهاب الشعب المزمن والأنفلونزا ، وتمتد فوائد الثوم إلى مجال الأورام الخبيثة؛ فإذا ما تم طحنه فإنه ينتج مادة تؤدي إلى تقليل حجم الأورام السرطانية إلى النصف إذا ما حقنت بها ، ويفيد أيضاً في حالات السعال والربو والجمرة الخبيثة وقرحة المعدة والغازات المعوية والتهاب المفاصل.
وهناك اختلاف حول أفضل طريقة لتناول الثوم من حيث المحافظة على الفائدة المرجوة بالإضافة إلى التخلص من رائحته ، حيث يمكن تناوله بالطريقة العادية مع الطعام أو عن طريق تصنيعه على شكل حبوب ملبسة بمادة تستطيع عبور المعدة فلا تؤثر عليها وتمتص من الأمعاء.
وأما الحبة السوداء أو حبة البركة (nigella sativa) فقد استعملت منذ أكثر من (2000) عام في الشرقين الأوسط والأقصى ، وقد وصى بها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فقال :(عليكم بهذه الحبة السوداء ، فإن فيها شفاء من كل داء إلا السام) ، والسام هو الموت ، وقيل في تفسير الحديث إن في الحبة السوداء شفاء لكثير من الأمراض ، إلا أنه لم يتم استخراج المادة الفعَّالة فيها وعزلها وهي مادة (النيجللون) وهي عبارة عن زيت طيار حتى عام 1929 ، حيث تبين من خلال الدراسات أنها من مضادات الأكسدة التي تحمي الجسم من مخاطر الشوارد الحرة (free radicals) ، ولم يتبين دورها المهم في تقوية المناعة الطبيعية حتى عام 1986 ، وقد نشر عن معهد للطب الإسلامي في الولايات المتحدة في فلوريدا مقال جاء فيه أن تناول جرام واحد مرتين يومياً له أثر مقوٍ على وظائف المناعة ، ويتضح ذلك في زيادة نسبة الخلايا اللمفاوية التائبة المنشطة ت4 عن المثبطة ت8 وفي تحسين النشاط الوظيفي للخلايا القاتلة الطبيعية natural killer Cells ، ويمكن أن يكون لهذه النتائج فائدة علمية عظمى في علاج السرطان والإيدز وبعض الأمراض الأخرى التي ترتبط بنقص المناعة ، ذلك أن الخلل الأساسي في جهاز المناعة يعود بالخلل على جميع أجهزة الجسم كما في الإيدز ، وأن صحة هذا الجهاز وتقويته تعود بالفائدة المباشرة أو غير المباشرة على جميع أعضاء الجسم.
ومن فوائد الحبة السوداء الأخرى نذكر فائدتها في الزكام والسعال والربو الشعبي وارتفاع الضغط الدموي وفي إزالة التشنجات المعوية والمعدية ، وفي علاج المتحولات الزحارية والديدان الشريطية والإسكارس ، ولها خواص مشابهة للمضادات الحيوية فهي لا تسمح بنمو الجراثيم في وسط غذائي يحوي الحبة السوداء ولها فائدة في تسكين آلام الصداع والشقيقة وفي التوتر العصبي كمنوم لطيف ، وفي علاج الضعف الجنسي عند الرجال وبعض الأمراض الجلدية مثل الثعلبة والبهاق ، والثآليل الجلدية ، وفي كثير من الأمراض بشكل عام والفيروسية بشكل خاص.
ويمكن للحبة السوداء أن تؤخذ على شكل مسحوق أو باستعمال زيت الحبة السوداء ، كما يمكن أن تؤخذ منفردة أو مخلوطة مع زيت الزيتون أو العسل أو مواد أخري.

( * ) أخصائي الأمراض الباطنية


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved