كشف الأستاذ زين العابدين الركابي.. بمقالة نشرت له في مجلة اليمامة العدد (1792) الصادر يوم السبت 9-12- 1424هـ.. عن تقرير خطير،وبحث ميداني.. أنجزه معهد الإدارة العامة.. عن الأداء الوظيفي في القطاع العام بالمملكة.. اشتمل على أكثر من (181) جهازاً حكومياً في مختلف المناطق والمحافظات.. جاءت نسب الأداء فيها مرعبة ومخيفة.. وخطيرة جدا على مسيرة التنمية.. وبناء الوطن. وعلق على النسب التي أوردها قائلا إن (خطراً ذاتياً وميدانياً يتهدد البلاد، وأن هذه أزمة وظيفية تتطلب علاجاً جاداً وشاملاً.. طويل المدى وقصيره، ولعل من الحلول العاجلة الربط اليومي بين الراتب والأداء) والنسب التي ذكرها.. تؤكد الشكاوى المريرة، والانطباع السائد في الأوساط الاجتماعية، وتذمر أصحاب المصالح من المواطنين.. الذين لا يجدون من يستقبلهم في مراجعاتهم، ويجلسون الساعات الطوال في الانتظار والترجي.. ثم تذهب تلك الأماني، وتضيع عليهم أوقاتهم هباء عندما يحضر الموظفون. ثم يصرفونهم بالوعود.. يوماً بعد يوم، وشهراً بعد شهر، وسنة بعد سنة.. بوجه عبوس مع قليل من الاعتذارات الوهمية، وهذا الانطباع وللأسف الشديد.. هو ما تعارف عليه المواطنون عن أغلب الموظفين الحكوميين.
ولكن ما يهمني، ويزعجني.. هو ما أشارت إليه الدراسة.. من أن 47% من المسؤولين المباشرين، لا يتابعون الدوام، وسياق الأداء.. وهذه هي المصيبة. فإذا كان المسؤول المباشر.. لا يتابع، ولا يحاسب، ولا يدقق، ولا يفتح مكتبه لاستقبال الشكاوى، والتحقيق المباشر فيها مع الموظفين المختصين.. يصبح الأمر على طريقة المثل (إذا غاب القط.. العب يا فأر) ومن تلك النقطة يبدأ التسيب والإهمال.. ثم التعطيل والضياع.. لست والله أدري بعد ذلك!! من المسؤول عن هذا المسؤول؟! هل هو الضمير أم ديوان الرقابة والتحقيق أم ديوان الخدمة المدنية؟! لست والله أدري.
أما النقطة الثانية.. التي أثارت انتباهي فهي أن نسبة الخروج الأعلى أثناء الدوام، سجلها حملة الدكتوراه، والماجستير.. وهذه هي المصيبة الأكبر.. فحملة الماجستير، والدكتوراه.. يفترض فيهم الولاء والإخلاص في العمل أكثر من غيرهم من أصحاب المستويات العلمية الأقل.. لأن هؤلاء من الموظفين.. يجب أن يكونوا هم القدوة الحسنة.. وأن يكونوا من القيادات الإدارية الناجحة.. وأن يكونوا من صناع القرارات الإدارية الحازمة.. والمؤثرة في أخلاقيات وسلوكيات زملائهم من الموظفين الصغار.. فإذا كان عطاء مثل هؤلاء النخب المؤهلة من الموظفين بهذه المستويات المتدنية في الإنتاجية والعطاء.. فكيف بغيرهم من سائر الموظفين. إن الموظف المؤهل تأهيلاً متقدماً.. أو عالياً كحملة الدكتوراه والماجستير.. يجب أن يكونوا هم القدوة الحسنة.. وهم أصحاب الحزم والعزم.. وهم أصحاب المبادرات الإصلاحية البناءة الحريصة على خدمة الوطن وإنجاز مصالح المواطنين.. بكل يسر وسهولة، وإلا فما قيمة التعليم العالي؟! وما قيمة الماجستير والدكتوراه.. إذا كانت نسب أدائها بمستوى أداء غيرها من المستويات التعليمية المتدنية؟! وفي مستوى صغار الموظفين الذين لا نستطيع أن نحملهم المسؤولية.. ورؤساؤهم من أصحاب الشهادات العليا أكثر منهم تخلفاً، وأقل عطاءً، وأضعف إنتاجاً.. ولهذا فإنه كما قال أخي الأستاذ (الركابي) نتائج يرجف لها الضمير الديني والوطني وتستدعي إعلان طوارئ مدنية.. ويجب تبعاً لذلك وضع تلك النتائج موضع الاهتمام وأن يتم تشكيل لجان وليس لجنة واحدة من الخبراء والمختصين لدراستها بدقة.. ووضع الحلول المناسبة لعلاجها لأن الوظائف الحكومية ليست مقررات شهرية، ولا عوائد ومخصصات مالية تمنح لهؤلاء الموظفين كما تمنح للفقراء، والعجزة، والأيتام، وأرامل النساء وإنما هي أجور شهرية لقاء القيام بأعمال وطنية واجبة لخدمة الوطن، وتنظيم حركة البناء والتطوير والإنشاء والتعمير والإصلاح والتنمية في مختلف القطاعات الحكومية.. وأي نقص، أو تهاون، أو إخلال بمسؤوليات وواجبات هذه الوظيفة.. يعتبر سرقة واختلاساً للحقوق العامة التي تبنى عليها حضارات الأمم والشعوب، وتعطيلاً متعمداً لتنفيذ خطط التنمية والإعمار والازدهار يحاسب عليها المرء في الدنيا والآخرة.
ولهذا فإنني أناشد المسؤولين، وأطالب جهات الاختصاص بوضع هذه الإحصائية تحت المجهر وأمام لجان متخصصة، لوضع الحلول العاجلة، والآجلة.
وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال كل الموظفين، كما قد يتبادر إلى الأذهان، وإنما يعني وبالتحديد أصحاب النسب المتردية التي أثبتها الاستطلاع مدار البحث.. والله ولي التوفيق.
فاكس-4382424 |