حصلت بعض الأخطاء المطبعية في مقالي يوم أمس الأول ولم أسكت هذه المرة كما جرت العادة ، قدمت شكوى رسمية لأبي بشار لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من كلامي المطبوع ، فكما هو معروف لدى البعض فأسلوبي رديء وأتمتع بضعف غير مسبوق في استخدام قواعد اللغة العربية ، ثم يأتي إخواننا في قسم الصف والطباعة ويحوسون ما تبقى من أمل في الفصاحة ، ويا ليت الأمر يتوقف عند اللغة العربية ، فقد كتبت مصطلحاً إدارياً شائعاً في اللغة الإنجليزية بصورة صحيحة ، وقام الأخوة وكتبوه بطريقة خاطئة..
لا أجيد الكتابة بالعربي هذا متفق عليه ، أما أن يكتشف القارئ أني لا أجيد صف كلمتين بالإنجليزي لا يخطئ فيهما طالب في المتوسط فهذا غير مقبول ، على كل حال أرجو ألا تتسبب الركاكات المتنوعة التي أتمتع بها في تغييب المعنى نهائيا .
أرجو أن أقدم شيئاً مفيداً فيما أكتب فأنا كاتب مدفوع الأجر ، ولا نية عندي أن أتوقف عن الكتابة في يوم من الأيام ، لذا أرجو من الأخوة القراء تحمل ما أكتب بصدر رحب واستنباط المعاني مما أكتب إذا أرادوا قراءة ما أكتبه فلست وحدي المعني بإنتاج الركاكة ، فالأخوة العاملون في الصف يسهمون بجهدهم المشكور في ذلك (ورغم كل هذه الركاكات المتدفقة أشعر أنني أكتب في بعض الأحيان شيئ كويس ومفيد).
وهذا الشعور لم ينشأ من قناعة ذاتية فقط بل من الواقع القائم ، فليس من المعقول أبداً أن تدفع الجريدة مكافأة لتكريس الركاكة فقط ، قد أكون أسوأ كاتب في هذه الجريدة وربما أكون أسوأ كاتب في بلاد الحرمين كلها ولكن هذا لا يعني أبداً أن كلامي خال من الفائدة.
من نصائحي القليلة التي أوزعها ذات اليمين وذات الشمال: لا تقرأ لمن يغثك وينغص عليك يومك ، فأنا على سبيل المثال أختار من أقرأ لهم ، هناك كتاب يتفقون مع ميولي أتابعهم وأقرأ لهم وأطرب لكلماتهم حتى وإن جاءت ركيكة لأنهم يقولون ما أود أن أقوله ، أما من يقف ضد مفهومي فأنا أتجنبهم أو أقرأهم من باب التسلية لا أسمح لهم برفع ضغطي ، أنمي في داخلي مفهوم أن هؤلاء ما يفهمون عندئذ لا أحس بثقلهم على قلبي.
الشيء المحزن الذي اكتشفته بعد أن كبرت أن العالم ليس لي وحدي فحضن أمومة العالم الدافئ ولى بلا رجعة ، عندما كنت طفلاً مجرد أن أصرخ يتدفق الحليب في فمي أما الآن فعلي أن أسعى إليه ، ربما أحصل عليه وربما لا ، صدمت في البداية وحاولت إعادة الدفء بالصراخ ثم بالتخيل وأحلام اليقظة دون فائدة.. السعودية أيضاً كبرت فجأة ، رفضنا أن نذهب إلى العالم فجاءنا العالم بنفسه ، في فترة من الفترات نسينا أن بيتنا يقع على الطريق العام الذي يمر معه العالم وهو رايح وهو جاي ، هذا العالم المتحرك صخاب يحمل معه كل أشكال الضجيج.
أتذكر عندما كنت مراهقاً قبل أن يفكني الله من عادة التدخين ذهبت للدكتور أشكو له من ألم في صدري ، قلت له بالحرف الواحد: أحس يا دكتور بألم في الصدر كلما شربت دخاناً فقال الدكتور بكل بساطة وهدوء :
توقف عن شرب الدخان ، فوجئت بالجواب كنت أتوقع أن يطلب مني ان استلقي على ظهري ويضع السماعة على صدري ويكتب حبوباً وشراباً ودهاناً وأشعة. هذه النصيحة التي أقدمها لكل من لا يرتاح لكاتب من الكتاب ، توقَّفْ عن قراءة هذا الكاتب يا أخي ، وفي الوقت نفسه عليه أن يعرف ان العالم تغير ومَنْ تعود على سماع نفسه فقط عليه أن يتعود على سماع الآخرين ، لماذا يترك المرء نفسه نهباً لأمراض يمكن تفاديها ؟
قد أكون ابتعدت عن مسألة التدريب ولكن ليس كثيراً ، فكلامي هذا في نفس السياق لأن سماع الرأي الآخر وتحمله يحتاج أيضاً إلى تدريب.
كما أن كثرة الأخطاء المطبعية تحتاج إلى تدريب ، والأهم من هذا كله فأسلوبي الركيك يحتاج إلى تدريب ، ولو قلبت الأمر لاكتشفت أن هناك الكثير في المملكة في حاجة إلى تدريب ؛ لذا سأواصل الحديث عن التدريب يوم الأربعاء القادم.
yara4u2@hotmail com
فاكس: 4702164 |