Wednesday 2nd June,200411570العددالاربعاء 14 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "منوعـات"

وتاليتها... وتاليتها...
لا حياد.. الصمت خيانة
أ.د. هند بنت ماجد بن خثيلة

هذه العبارة التي قالها ولي العهد الأمين بعد الهجمات الإرهابية والأعمال الإجرامية الأخيرة، التي هزت قلوبنا وعيوننا، قبل أن تهز مكاتب وبيوت الذين تعرضوا للاعتداء في مدينة الخبر. إنها عبارة تحمل في طياتها من المعاني ما لا يمكن حصره، ومن الانتماء ما لا يمكن وصفه. فمن الذي يمكن أن يجرؤ أن يركن إلى الصمت في هذه اللحظات العصيبة التي يمر بها الوطن، التي تختصر كل المواقف في اتجاهين متعاكسين فقط: إما أن نكون ضد، وإما - معاذ الله - أن نكون مع. ولا حياد بين الاتجاهين، فالكل مستهدف، الرجل والمرأة والشيخ والطفل والمواطن والمقيم، ولست في حاجة إلى أن أذكِّر بالطفلة الضحية التي اغتالها المجرمون في الوشم، أو بالطفل الذي اغتالوه في الخبر. لست في حاجة إلى التذكير أن أياً منا يمكن أن يكون في نفس المكان والزمان تحت مرمى إجرامهم الأعمى، ويمكن أن يكون إحدى ضحاياهم البريئة، كيف لا والوطن كله، والمواطنة عينها هي الآن ضحية هؤلاء الذين وضعوا المروق من الجسد الواحد في كهوفهم المظلمة، وسلكوا سبلاً لا يليق بخطى المسلمين الحقيقيين أن تسلكها؟!
لم يتأخر القادة في هذا الوطن في إعلان الموقف الصلب والعزيمة التي لا تلين لاجتثاث تلك الفئة الضالة من حياتنا وإبعادها عن مجريات تاريخنا. ولم يقصر رجال الدين والعلماء الأفاضل في كشف تلك الفئة وتعرية أهدافها ومراميها، والإفتاء في ضلالتها. ولم يقصر الإنسان السعودي بحاجة، وكذلك الإخوة المقيمون في تأكيد ولائهم لهذه الأرض المقدسة, وخوفهم وحرصهم اللامحدود على أن تظل بعيدة المنال عن أيدي الطامعين الذين تسيِّرهم قوى الشر والطغيان معصوبي الأعين، مغلقي القلوب.
لم يقصر أحد حتى نساء وبنات وطفلات هذا الوطن تسلحن بخوف عليه ليس بعده خوف، ودعاء الى الله تعالى بحفظه ليس أصدق منه دعاء.. ولكن ألا يمكن أن يكون للمرأة السعودية في هذا الوقت العصيب دور أعلى قيمة, وأصدق فعلاً من الخوف والدعاء؟!
بلى والله فإن المرأة السعودية التي أنجبت رجال وشباب هذا الوطن، والتي أحبت وطنها وعاشت له مثلما أحبها وطنها ووفر لها حياة العز والفخار في ظل قيادة رشيدة وعقيدة سمحة..
بلى تستطيع المرأة السعودية ألا تقف على الحياد اليوم.. أن تجهر برفضها التخريب والإرهاب. وأن تأخذ دورها الصحيح، والواضح في المشاركة الحقيقية في تحدي الخطر الذي يدهم وطننا، وأن تبادر إلى ميدان العمل لحصر الأسباب التي تقف وراء بروز هذه الظاهرة المخيفة. وبخاصة تلك العوامل التي يمكن أن تساهم في اجتثاث هذا الخطر. من خلال إثبات وجودها وأهميتها في التربية وتعديل السلوك. وفي التوعية والوعي بعوامل الاستقرار، وبما يمكن أن تقدمه لبلادها وأهلها، وما يقع على عاتقها من مسؤوليات أقلها الشجب والاستنكار، وجعل هذه القضية والموقف منها حية في أذهاننا من خلال مجالسنا ومدارسنا وبيوتنا وجامعاتنا، بل من خلال أحاديثنا ورسائلنا الهاتفية أيضاً، بحيث تصبح هذه القضية همنا الذي يسكننا، ونقرأه ونحياه ليس بعاطفتنا وحدها، بل بالعزم واليقظة، والفطنة والصدق مع الذات، وإيقاظ جذوة الولاء والانتماء في نفوسنا جميعاً، وكل يهب من موقعه عند كل موقف يسمح له أن يوضح موقفه ويعبر عن رأيه تجاه هذه الحالة الإجرامية الغريبة عن سمات مجتمعنا وأخلاقه الإسلامية والعربية الأصيلة، وعلينا أن نصارح أنفسنا فنعرف أين قصرنا في تربية أبنائنا ومتابعتهم، وأين أهملنا في غرس الولاء والانتماء في نفوسهم؟!
وأين غفلنا عن واجباتنا مثلما فطنَّا لحقوقنا؟! وأين أخطأنا حين استهنَّا بما يحاك ضدنا من مؤامرات ودسائس، حتى فاجأتنا في بيوتنا ومكاتبنا وشركاتنا، وأصبح واضحاً أمام أعيننا أن شعبنا مستهدف... وقيادتنا مستهدفة... وعقيدتنا مستهدفة... واقتصادنا مستهدف... وسمعتنا مستهدفة... ومستقبلنا مستهدف، ولا شك أنه لا يستهدفنا بهذا القدر الكبير إلا عدو ماكر خطير.
والاعتراف بجسامة الموقف لأن مثل هذا الاعتراف يدفعنا إلى الإعداد والاستعداد الصحيحين لدرء الفتن وحفظ الوطن... وذلك كله وارد في عبارة ولي العهد الأمين لا حياد.. الصمت خيانة، فلنعلنها صريحة (قوية) عالية النبرة: نحن مع الوطن... ومع الوفاء... ومع الانتماء... وضد الأعداء، حيثما كانوا، ومن أي مشارب الشر نهلوا.

فاكس 2051900


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved