Wednesday 2nd June,200411570العددالاربعاء 14 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "متابعة "

حادثة الخبر تلقي بظلالها على الشارع السوري حادثة الخبر تلقي بظلالها على الشارع السوري
الاتجاه السياسي والثقافي يتجه اليوم نحو قراءة العمليات الإرهابية بشكل أكثر ترابطاً
طبيعة العنف يتولد على خلفيات متفاوتة واستراتيجية محاربة الإرهاب تتحول باتجاه صيغة اجتماعية

  * دمشق - الجزيرة - عبد الكريم العفنان:
لم يشكل حادث الخبر الأخير أي إضافة على شكل العنف أو التخريب الذي تسعى إليه بعض المجموعات تحت ادعاءات دينية، لكنه فتح أسئلة كثيرة حول ترابط أحداث المنطقة التي شهدت دورة من التوتر منذ الاحتلال الأمريكي للعراق.
عملياً فإن الاستنكار لم يعد الصورة الدقيقة لرد فعل الشارع العربي، والسوري على وجه التحديد، لما يجري على أرض المملكة، على الأخص بعد أن انتشر هذا العنف باتجاه مناطق جديدة، فكانت (حادثة المزة) في دمشق على سبيل المثال. لكن الاتجاه السياسي والثقافي اليوم يتجه نحو قراءة هذه المسألة بشكل أكثر ترابطاً.
فحتى لو كانت المجموعات الإرهابية متفرقة ولا يجمع بينها خيوط تنظيمية واحدة، لكنها تغذي نفسها على أرضية مما يجري داخل الشرق الأوسط إجمالاً.
ربما علينا العودة إلى تصريحات (آل غور) نائب الرئيس الأمريكي الأسبق كلينتون، الذي اتهم الإدارة الأمريكية الحالية بأنها جعلت العالم مكاناً غير آمن.
واتهامات آل غور جاءت على خلفية نتائج (الحرب الاستباقية) التي تخوضها الإدارة في مختلف أنحاء العالم.
هذه التصريحات الأمريكية ربما يتم تعميقها أكثر على خلفية العنف الذي يجتاح منطقتنا منذ الاحتلال الأمريكي للعراق، فصحيح أن إدارة كلينتون لم تستطع جعل الشرق الأوسط مكاناً آمناً، لأنها بقيت عاجزة عن كبح جماح إسرائيل، لكن الإدارة الحالية تسعى لتأجيج العنف رغم إستراتيجيتها في مكافحة الإرهاب.
وبنظرة سريعة نستطيع أن نقرأ طبيعة العنف الذي يتولد اليوم على خلفيات متفاوتة، لكن في النهاية يعطي مؤشرات بأن (إستراتيجية محاربة الإرهاب) تتحول باتجاه صيغة اجتماعية، سواء لدى الإدارة الأمريكية، أو داخل المجتمعات العربية إجمالاً.
فالولايات المتحدة ربما تحتاج لقراءة مشروعة بهذا الشأن على خلفية ثقافية لا تستند فقط إلى طاقة الحرب التي يتمتع بها المحافظون الجدد. لأن العنف الحالي لم يعد حالة تميز (تنظيم القاعدة) حسب ادعائها، بل نوع من النتائج التي تخلفها الحرب التي أصبحت أشبه بعمليات الغزو التي شهدها العالم مع نشوء حالة الاستعمار القديم.
والمؤشرات الأساسية ربما نجدها في:
- الحملات المتصاعدة ضد المملكة العربية السعودية داخل بعض الأوساط الأمريكية، وصلت إلى درجة الاتهام وإصدار الكتب وحتى التهديد.
وإذا كانت الإدارة الأمريكية لم تبد تبنياً رسمياً لهذه الحملات، لكن سياستها العامة تساعد على تطور التيارات التي تعتبر أن المملكة لا تقوم بما يكفي تجاه (ظواهر التطرف).
هذا الأمر يوحي بأن المملكة جزء من الحملة الأمريكية، ويحاول محاصرة المؤسسات السعودية في تعاملها مع الشأن الداخلي السعودي.
- طرح مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يثير إضافة للتحفظات الرسمية، تحفظاً اجتماعياً واسعاً، ليس على صعيد المملكة وحدها، بل في مختلف المناطق العربية.
هذا المشروع يحاول استلاب القرارات الداخلية العربية إجمالاً لعمليات الإصلاح التي أقرت قبل أن يطرح المشروع. ويترك مجالاً للمجموعات الإجرامية للتعامل مع هذه المسألة وفق تصوراتها.
عملياً فإن بعض التحليلات تعتبر أن ما يجري داخل المملكة هو ضريبة لمواقفها تجاه الكثير من المسائل، بدءاً من مبادرتها في قمة بيروت وانتهاء بمسألة احتلال العراق. ولكن إذا كانت الولايات المتحدة معنية اليوم بصياغة نظرة (استباقية) لحربها ضد (الإرهاب)، فإن مجتمعنا أيضاً يتحمل مسؤولية تطويق النتائج التي سببها الوضع الأمريكي في العالم، رغم إننا لا نتحكم بإنتاج الإستراتيجيات الخاصة بالبيت الأبيض، لكننا مضطرون لتحمل النتائج الكارثية الناجمة عن هذه الاستراتيجيات.. كافة شرائح المجتمع السوري قلقة مما يجري في المملكة، لأن ما يحدث ليس بعيداً عنها، وهي متأثرة به في سياق السياسة العامة للمنطقة.
وقلقة أيضاً لأن المملكة تضم العديد من السوريين الذين هم هدف لأي عمل تخريبي يطال المجتمع السعودي والمقيمين في المملكة. لكن هذا القلق يأخذ بعدا في الدراسة النقدية التي يظهرها الكثير من المثقفين، معتبرين أن الولايات المتحدة تصرفت بشكل لا يوحي بأنها ترغب في استقرار المنطقة، وخدمت ولو بشكل غير مباشر كل أنواع التطرف في الشرق الأوسط. فعندما حولت العراق ل(مكان غير آمن) عبر حل الجيش وترك الفوضى سائدة، فإن انعكاس هذا الموضوع كان انتشار العنف إلى العديد من المناطق.
ربما تواجه المملكة اليوم حالة استثنائية بعد أن تميزت بالاستقرار والأمان على امتداد عقود، لكن ما يحدث فيها يكرس التكوين السياسي الخاص بها، والذي عرفته المنطقة في أوقات الأزمات الحادة، لأن معركتها مع الإرهاب هي معركة المجتمعات العربية، وخلاصة لتجربة إسلامية تميزت بأنها الأكثر عقلانية وسط ضغوط دولية قوية.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved