Wednesday 2nd June,200411570العددالاربعاء 14 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

البوارح البوارح
كيف تكون مصداقية التاريخ؟
د. دلال بنت مخلد الحربي

نشرت صحيفة الجزيرة في عددها (11505) الصادر يوم الاثنين 8 صفر 1425هـ، ثم استتبعته بالعدد (11513) الصادر يوم الثلاثاء 16 صفر 1425هـ وفي صفحة مدارات شعبية التي يحررها الأخ زبن بن عمير تعقيبان مهمان من اثنين مهتمين بالتاريخ المحلي حول حادثة خروج الأمير عبدالله بن رشيد من حائل قبل تسنمه حكمها، ومرافقة زوجته له وأحد أصدقائه. وكان زبن بن عمير قد أثار الموضوع عندما أورد الحادثة ناقصة وفيها نقص ولبس من خلال نشر قصيدة مشهورة لعبدالله بن رشيد احتوت على مضامين جميلة وأثارت تساؤلات عديدة منها.. من هي زوجته التي رافقته في رحلته تلك؟
ومن هو صديقه الذي أشار إليه عبدالله بن رشيد في القصيدة؟
وجاءت الردود من ذوي الاهتمام ما بين مؤيد ومفند وموضح لرواية زبن بن عمير وكل يقدم حججه.
وفي العدد (11566) الصادر يوم السبت 10 ربيع الآخر 1425هـ نشرت الصفحة نفسها تعقيباً لثلاثة أشخاص عدته الفصل في مسألة الخلاف حول من تكون زوجة عبدالله بن رشيد ومن هو صديقه.
إن مثل هذه الإشكالية تعطيك نموذجاً لما يعتور تاريخنا المحلي من نقص في المعلومات وتضارب في الرأي.
أقول ذلك كمتخصصة وباحثة في التاريخ المحلي، فمن المؤسف أن تاريخنا ما زال يكتنف الغموض بعض جوانبه، لم ينجل حتى الفترة الراهنة وهذا ما أدى إلى خلل الرواية التاريخية في بعض أحداثه إذ تأتي ناقصة أو غير واضحة.ومن خلال تجربتي أوضح أن الرواية الشفوية التي تعد مصدراً يعتمد عليه ويعتد به، وعلى الرغم من أهميتها إلا أنها لا تخلو من جوانب سلبية قد تؤثر في أحيان كثيرة على مصداقية كتابة التاريخ من خلال مصداقية المعلومة أو عدمها، فإذا لم يتحقق منها الباحث وثبتها كما حصل عليها، نقل عنه آخرون من كتابه أو دراسته وبالتالي انتقلت الرواية الشفوية من طورها إلى طور آخر وهو المعلومة المثبتة في مرجع. وللدلالة أشير إلى أن زبن بن عمير وفي العدد (11566) عندما أراد أن يغلق موضوع حادثة ابن رشيد كتب الفصل النهائي للخلاف تحت عنوان: (القصة الكاملة لابن رشيد) مستنداً على مراجع معروفة ومصادر: وهي (نشأة إمارة آل رشيد، وأوراق جوفيه، وتاريخ منطقة الجوف)، وهذه المراجع اعتمد فيها مؤلفوها في بعض معلوماتهم على روايات شفوية، وإن كان أشهرها (نشأة إمارة آل رشيد) لمؤلفه الأستاذ الدكتور عبدالله الصالح العثيمين والذي ضمن فيه عدداً غير قليل من الروايات الشفوية التي بذل الدكتور فيها جهداً واضحاً وكبيراً في التدقيق، كما أن الطبعة الثانية من الكتاب حوت معلومات أو تعديلات أعاد الدكتور النظر فيها. أما المصدر الذي اعتمد عليه زبن بن عمير فهو (نبذة تاريخية عن نجد) لمؤلفه ضاري بن فهيد الرشيد، وهو من المصادر المهمة في التاريخ السعودي لمعاصرة صاحبه للأحداث، ولكونه أورد معلومات عن آل رشيد قلما نجدها في مصدر آخر باعتباره من الأسرة نفسها.
كما اعتمد زبن بن عمير على إنهاء الخلاف على تعقيبين لعبدالعزيز الرشيد ولممدوح المسطح، وكلاهما ذو صلة بأبطال الحادثة، فالأول ينتمي إلى أسرة آل رشيد، والآخر ينتمي إلى الشيخ ملاقي بن مسطح صديق الأمير عبدالله بن رشيد، وقد أتى رد عبدالعزيز الرشيد مقنعاً ومنطقياً مما يجعل الباحث يميل إلى رأيه، أما ممدوح المسطح فمن المؤسف أن المحرر لم ينشر نص تعقيبه.
أعود للحديث الرئيسي الذي قصدت به هذه المقالة من أنه إذا ما كانت حادثة كتلك أخذت هذا النقاش الطويل، وهي حادثة تعد بعمر التاريخ حادثة قريبة زمنياً، فكيف بالأحداث الأبعد زمنياً؟ثم أتساءل عن السبب في غياب المعلومة الصحيحة والنقص في رواية الأحداث لدينا، وكنت في مقال سابق لي وبعدد الجزيرة رقم (11528) قد أشرت إلى هذا الموضوع تحت عنوان (الروايات المتضاربة). وأعود مجدداً لأكرر الطلب من مراكز المعلومات والتي لها صلة بتاريخ المملكة التدقيق بالروايات المتضاربة والتدقيق بمن يختارون لمهمة تدوين الروايات الشفوية، والأهم حصر كل الروايات المختلف عليها والخلوص إلى الحقيقة.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved