Wednesday 2nd June,200411570العددالاربعاء 14 ,ربيع الثاني 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

انت في "مقـالات"

شعارات.. ولا (غازيَ) لها...! شعارات.. ولا (غازيَ) لها...!
إبراهيم عبد الرحمن التركي

(1)
**** مَنْ يقرأُ الرقم..؟
أو ربما
هل نقرأُ الرقم..؟
**** فلعلها مشكلة الثقافة (الصوتيّة) التي يطمئنُها (خطاب)، وتهدهدها خطبة، أو لعلها مشكلة ثقافة (التنميط) التي يُخيفُها (التغيير).. فمن يضمنُ غداً أفضل من أمس..؟ أو ربما هي ثقافة (الواقع) التي تهاب الوقائع.. فالمحدثاتُ (الدنيويةُ) زوابع.. والهواء على الأرض أنقى منه في الفضاء.. والمطلوب هو (توطينُ) ذرات الأوكسجين كيلا نلتاث أو نتلوث..!
**** هل هي إذن ثقافة (الشعارات) التي تزايد بلا قضية..؟.. أو ثقافة (الخوف) التي ترى الرِّضا وتطمئن بالقناعة.. وتتطلع إلى تمضية الأيام.. فالأعوام..!
**** أما المشروع الحضاري الذي أضعناه فليس مسؤولية أفراد يعيشون في الهامش.. ويستلذون بالظل.. حتى وإن احترقوا أو أحرقونا بشموسهم أو ربما... بشموعهم..!
(2)
**** يقول الرقم (الوطني):
نسبة الطلاب المسجلين في التخصصات (النظرية) في برامج التعليم العالي:
87.1% لمرحلة البكالوريوس
99.9% لمرحلة الدبلوم العالي
68% لمرحلة الماجستير
95% لمرحلة الدكتوراه
**** ويعلّق التقرير الوارد ضمن (دراسات منتدى الرياض الاقتصادي الأول - 2003م) بأن (هذه النسب العالية تأتي على الرغم مما يشهده قطاعُ الصناعة من نمو مطرد يتطلب توفير المزيد من التخصصات العلمية والتقنية لمواجهة احتياجات مختلف المؤسسات الصناعية...) (ص530)..
**** هل يمكن لنا استعادةُ (الاستفهامات) السابقة التي أشارت إلى احتمالات الخلل في كينونةٍ ثقافية مجتمعية يصعبُ معها مقارنة الرقم المدقق الموثق بما صرّح به (ثبتٌ) عن أبيه عن جدّه أنه قال: (دعوا الشائعات.. وانتبهوا للمغرضين.. فربَّ باطلٍ زُيِّن بحق.. أو حق أريد به باطل..).
(3)
**** في زمن يعود إلى نصف قرن أوشكت (ثانويةُ عنيزة) أن تقفل أبوابها لولا جهود (استثنائية) بذلها أستاذنا (عبد الله العلي النعيم) رغم عمله حينها في المعهد العلمي، فظلّ فيها بضعةُ طلاب لا يتجاوزون ستة أشخاص في مقدمتهم أستاذنا (عبد الله الناصر العوهلي) صاحب مكتبة دار العلوم بالرياض الذي يستحضر تفاصيل القصة كاملة.. وإن وردت موجزة مع أسماء الطلاب في كتاب (عبد الله العلي النعيم.. الإدارة بالإرادة /ط2 ص64)..
**** وفي زمنٍ تلا ذلك الزمن اشتد التنافس بين مؤسستي التعليم العام والتعليم الديني.. وكان حقّه ألا يكون.. فلو تولت المعاهد العلمية التخصصات النظريّة بما فيها (الأقسام الأدبية)، وركزت الثانويات على (الدراسات التطبيقية) بما فيها (الأقسام العلمية) لكانت المحصلة العامة أفضل.. فقد أثبت خريجو المعاهد -فترةً من الزمن- أنهم أكثر تمكناً في قضايا اللغة العربية والأدب والنقد والبلاغة والمكتبات والمعلومات والتاريخ والجغرافيا والاجتماع والخدمة الاجتماعية والعلوم الشرعية، ولم يكن للأقسام الأدبية دور مختلف إلا في مجال اللغة الإنجليزية وإن حظُوا بقبولهم في كليات التجارة والاقتصاد والإدارة، ثم فتحت (للمعهديين) فبرزوا فيها مثل (الأدبيين)..!
(4)
**** رغم كرّ الأعوام فلم يُصَرْ إلى توحيد التعليم رغم أن الفرق ينعدم بين خريجي الأقسام الشرعية والمعاهد العلمية، ويتضاءل بين هؤلاء والمتخرجين من الأقسام الإدارية..!
**** أشيع شيء عن (الدمج) في (التسعينيات) الهجرية ولم يتجاوزْ ذلك أحاديث المجالس، ثم أصبحت مفردة الدمج في وقتنا هذا (سيئة السمعة) مما لا يتوقع معه تكرّرها ولو على سبيل الشائعة.. مع أن الحكاية لا تعني فقط دمج المعاهد بالثانويات بل ربما دمج الأقسام الشرعية والإدارية الثانوية بالمعاهد العلمية ليتوافر أمامنا تخصصان (فقط)، هما (الدراسات النظرية) و(الدراسات التطبيقية)، وتشرفُ عليهما وزارة التربية، ويبدأ التخصص فيهما من المرحلة المتوسطة..!
(5)
**** كما الرقم الحقيقة.. فالمعلومات المنشورة في أكثر من مكان (عدا التصريحات الرسمية) تقول: إن لدينا بطئاً في تطوير محتويات الكتب المدرسية، وإن معظم المباني المدرسية منازل وأحواش يستخدم فيها المطبخ معملاً، والمجلس إدارة، وغرفة السفرة مكتبة، وإن لدينا قصوراً كبيراً في المعامل والمختبرات والتجهيزات، وإن في أنشطتنا غير الصفية رحلات واستراحات يكرّس بعضها للفكر الإقصائي، ويغيب عن بعضها الانضباط الأخلاقي..
وتضيف الحقائق أن مستوى معلمينا في هبوط، وأساليب التدريس نائية عن التجريب وتوظيف الخبرات المباشرة والاستنتاج والارتباط بالبيئة المحلية والتعريف بالتحديات التقنية والثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية الحالية والقادمة..!
**** تضيفُ الحقائق كثيراً عن انفصال مخرجات التعليم عن سوق العمل، وتتحدث عن بطالةٍ تطال خريجي الثانوية الذين لا يجدون مقاعد في الجامعات، وخريجي الجامعات الذين لا وظائف لهم في القطاع العام أو الخاص..!
**** وتؤكد الاستشرافات أن سياسات التوطين الإجباري المقرر بنسبة وتناسب لن تنجح مهما أحيطتْ بصرامة التنظيم.. وحتى لو جاء (غازي القصيبي) ببرنامج طموحٍ لحلِّها.. فسعودة العقول عمليّة ممكنةٌ نظرياً.. لكنها ستصطدم بمشكلات عدم التأهيل وضعف الدوافع وندرة تخصصات وفائض تخصصات.. مما يجعل وزارتي التعليم العالي والتربية في مرمى التساؤلات، ومما يدعو -من أجل التوظيف- إلى دمجٍ مشروعٍ (حسن الصِّيت).. فلماذا وزارة العمل.. ولماذا وزارة الخدمة المدنية..؟ ولم لا تُكوِّنان وزارة واحدة (للقوى العاملة)..؟
(6)
**** يتندر كثيرون حول وزارة التربية التي يقال إنها طلبت ممن يأنسُ في نفسه الكفاءة من معلمي أي تخصص تدريس مادة اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية..!
**** لتكنْ مجرّد دعابة مع أنها لا تبدو كذلك.. فمن الواضح أن ثمة قصوراً في الإعداد والاستعداد لتوفير (الأعداد) - وليس الكفاءات- المتخصصة في هذه اللغة، مما يطرحُ أهمية وجود برنامج مكثف لإعادةِ تأهيل فائضِ خريجي الجامعات بابتعاثهم إلى الدول الناطقة بالإنجليزية لتوفير معلِّمين قادرين على تدريسها..!
**** مجرد نموذج ضمن نماذج تشير إلى خللِ التوازن بين العرض والطلب، وتُعيدنا إلى المربّع الأول؛ حيث ألقت (التساؤلات) علامات في طريق ثقافة الصوت والتنميط والواقع والتسليم التي خلقت إشكالاتٍ في مسيرة التنمية..!
**** وربما جاء إدخال المناهج في الجدل الدائر بين دعاة التقليد والتجديد ليضيف أزمة أمام تطويرها بعيداً عن مزايداتِ الأدلجة التي تحاول اختطاف التعليم وحمل رايته..!
(7)
**** لنقرأ (الرقم) -مرة ثانية.. بصورةٍ أخرى- فأقلُّ من 13% في مرحلة الجامعة، وواحد من عشرة في المائة (0.1%) في الدبلوم العالي، و32% في الماجستير، و5% في الدكتوراه هم فقط مَن يلتحقون بالدراسات العلمية التطبيقية.. مما ينقل حجمَ المشكلة من الإحساس إلى المواجهة، ومنها إلى التغيير..!
**** نحتاجُ إلى (رؤيةٍ) تُرسمُ بمعزلٍ عن أيّ أحداثٍ أو تأثيرات.. فلعلها تسهم في تغيير المعادلة التي تكتفي بتخريج أرقام، وتخليط أفهام، وتكوين أسس التغيير لبناء المشروع الحضاري الإسلامي الذي يحتاجُ إلى عالِم الفضاء مثل رجل القضاء، ويهمه متخصص الشريعة والباحث في الطبيعة على حدٍّ سواء، ولا ضيرَ إن تفاوتتْ النسب فعلا بعضها فوق بعض..
فالأهمُّ الوطن.. والحلم هو الغد.. وسقوط القمر أغنيةُ (درويش) لعصافيره قبل أن تموت:
في البال أغنية يا أخت عن بلدي
نامي لأحفرها وشماً على جسدي
** المستقبل فهم.. لا وهم..!

E:Mail


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved