Thursday 22nd April,200411529العددالخميس 3 ,ربيع الاول 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

نوافذ نوافذ
المهرِّج
أميمة الخميس

الوجدان العربي المحتقن بالقهر والغضب ويصبح حساساً ومتورماً وقابلاً للانفجار في أي لحظة، وهو بالتالي تحت هذا التوتر يفتقد الرؤية العقلانية المنطقية التي تقدم الصالح العام والخطط البعيدة المدى على الانفعال اللحظوي المشتعل بحريق الكلمات والشعارات، فأي طرح يلامس هذا الوجدان ويعزف عليه بإمكانه أن يستقطب البسطاء والعامة ومفتقدي الحكمة وبعد النظر.
فلم نكن بحاجة إلى المزيد من المهرِّجين في المشهد العربي ليظهر لنا الفتى العربي المتحمس مقتدى الصدر ويداه ما زالتا تقطران بدماء (السيد عبدالمجيد الخوئي) ليقود شعارات غوغائية كبيرة باسم العروبة والإسلام فقط؛ لأنه لم ينل نصيبه من كعكة الحكم في الحكومة المؤقتة، وهو يسعى حثيثاً كي يحولها لفتنة طائفية كبيرة تلتهم في طريقها الأخضر واليابس.
كبار الرموز الشيعية في العراق؛ مثل المرجع الشيعي آية الله السيستاني والحكيم، فضلوا أن يلجأوا إلى صوت العقل والتروي والحكمة في النظر إلى الأمور، وكانوا يعلمون بحكم المراس والخبرة بالحياة والشؤون السياسية والدينية بأن حقن دماء المسلمين والانطلاق من أرض الواقع أهم من إطلاق الشعارات المشتعلة التي لا تتجاوز مخارج الحلق اللفظية كما هو العادة وكما عهدناه في هذه الأمة المغلوبة على أمرها والمبتلاة بعدد وافر من الحواة والمهرِّجين الذين يلوون أعناق الكلام ويجيرونه لمصالحهم الخاصة وطموحاتهم بالحكم والسلطة، هم أنفسهم اولئك الذين كانوا يرشقون الحجاج بالحصباء قبل أن يلقي عمامته ويهدر بخطبته المشهورة.
اتفق أعضاء مجلس الحكم الانتقالي في العراق على العديد من الخطوط العريضة والتي تخدم المصالح العراقية على الأقل ولا تتقاطع مع شروط المحتل، والجميع يعرف بأن السياسة هي فن الممكن، هي الدهاء والدبلوماسية أمام القوة والطغيان، وليس مجموعة من الشعارات الغوغائية التي يدفع ثمنها الشباب والنساء والأطفال، بينما مروجوها في كهوفهم المنيعة المحصنة.
ولكنها هذه الأمة التي ستظل مبتلاة بمجموعة من الحواة المنفصلين عن واقعهم الغائبين بداخل خيام اللغة وكهوف الإنشاء.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved