تشكل غزة اختباراً لمدى قدرة الفصائل الفلسطينية على التوافق ومن ثم النجاح لإقامة سلطة وطنية تعقب انسحاب القوات الإسرائيلية التي أرهقتها تكلفة الاحتلال ، ورأت ألا مناص من هذا الخروج درءاً لمزيد من الخسائر حتى وان حاول شارون اعطاء انطباع بأنه لا يتقهقر أمام المقاومة.
ولطالما ألمحت شخصيات في حكومة شارون، وهي تتحدث عن خطة الانسحاب من غزة إلى فوضى قد تعقب هذا الانسحاب ، وعن مخاوف من سيطرة حماس على الأوضاع في القطاع، وكلها تصريحات تنطوي على قدر من التحريض للآخرين في الصف الفلسطيني لاستباق بعضهم البعض لوضع إيديهم على المنطقة.
اللقاءات الفلسطينية التي تجري الآن تعد البداية الصحيحة لتأمين الوضع في غزة بعد الانسحاب ، والمتوقع أن تسعى الفصائل لتقديم أفضل نموذج لكيفية إدارة المنطقة وإظهار الوحدة الحقيقية لعمل مشترك يرقى إلى الطموحات الفلسطينية ويلجم التوقعات الإسرائيلية الشريرة بما فيها من توق شديد إلى تحول غزة إلى بؤرة للصراع والاقتتال الفلسطيني.
يستطيع الفلسطينيون تقديم النموذج الأمثل الذي يعكس قدراتهم كما يعطي الدليل على أنهم دعاة سلام وليسوا متعطشي دماء ، كما تحاول آلة الدعاية الإسرائيلية والصهيونية الدولية تصويرهم في إطار التشويه المتعمد لنضالهم.
نموذج غزة المرتقب هو لمحة لكيفية معالجة أبناء فلسطين لمختلف أمورهم وشؤونهم بما فيها إقامة الدولة الفلسطينية ، التي تستوجب عملية إقامتها سعة في الأفق وبعداً للنظر ، بحيث يتم استيعاب وجهات نظر الجميع، فالنجاح في غزة يحقق ايجابيات عديدة ويجلب احترام وتقدير المجتمع الدولي وبالتالي تفهمه استحقاق هذا الشعب لدولة يدير شؤونها بنفسه.
|