لا تبالغوا في الحديث عن أسعار الحديد
بدر محمد عبد العزيز الراجحي

قرأت في الصحف مقالات لمقاولين وغيرهم من المسؤولين عن ارتفاع اسعار الحديد وخطورتها على المقاولين وتهديد بعض المقاولين بخسائر بالمليارات - على حد تعبيرهم - وآخر يذكر أنه يتوقع أن يتوقف المقاولون عن الاستمرار في البناء مما سيؤثر على جميع الانشطة التجارية. وإنني أتردد في إرسال هذه الرسالة التوضيحية لكم والتي يعرفها الكثير من المقاولين؛ لأنه للأسف الشديد أننا غير واقعيين ولا منطقيين بأعمالنا (للغالب) منا. كنت انتظر أن تجيب مصانع الحديد على المقالات المنشورة في صحفنا. نحن للأسف لا نعيش الشفافية في حياتنا. الكل يحب المصلحة لنفسه فقط دون مراعاة مصالح الآخرين (للغالب).. نحتاج مجتمعا يتبع سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم (أحب لغيرك ما تحب لنفسك.. )، و(والله لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).. أين نحن من هذا..؟
بل كنت أتمنى أن يتحرك المحاسبون القانونيون الذين دائماً لا يبخلون في التشكي بصحفنا عن أعمال المحاسبة في بلادنا الحبيبة. نعم ارتفع سعر الحديد أكثر من 50% ولكن: هل الزيادة فقط في السعودية أم في العالم..؟! نعم هي بالعالم والنسبة بالعالم الخارجي تزيد أكثر.. إذن لابد علينا أن نكون واقعيين بذلك ونحن جزء من هذا العالم.
الأمر الذي يهمني بهذه المقالة أن المقاولين لم يخسروا المليارات حسب ادعائهم.. نعم انخفض الربح، ولكن لم يخسروا مليارات.. إن تكلفة الحديد للمباني عند تسليم المفتاح يصل إلى متوسط 10% من التكلفة. إذن لو تم افتراض التكلفة 1000 ريال للمتر تكون حصة الحديد من التكلفة 100 ريال ولو تم افتراض زيادة التكلفة 50% يحصل زيادة 50 ريالا للمتر وهي تعادل 5% من التكلفة والمقاولون يعرفون أن الربح بالمقاولات لا يقل عن 20% بأي حال من الأحوال وكذلك في حالة المقاولة (عظم) فإن تكلفة الحديد تصل إلى 30% من التكلفة الإجمالية ولو تم افتراض التكلفة 600 ريال فإن حصة الحديد 200 ريال تقريباً؛ يعني مقدار زيادة الحديد (بالتكلفة الجديدة) مائة ريال وهي ما نسبته 50% والكل يعلم من المقاولين أن الربح أكثر من مائة ريال، واسأل المقاولين: لماذا لا يتم خصم مبالغ مالية عليكم في حالة انخفاض اسعار الحديد..!؟؟ ويتضح من هذا أن الربح قد قل ولا توجد خسائر بالمليارات..!؟؟ لأن كلمة خسائر بالمليارات تجعل الجميع يتشاءم من السوق السعودي والاستثمار فيه وهذا يجعل المستثمرين يتحفظون عند وجود فرص بإنشاء مشاريع استثمارية جديدة أو غيرها.. وهذا بالطبع يؤثر على الاقتصاد السعودي الذي يشهد حالياً انتعاشاً لم نشهده منذ زمن طويل.. وأكبر دليل على ذلك أرباح الشركات المساهمة والبنوك وارتفاع أسعار الأسهم والأراضي وغيرها من الأنشطة.. وهذا فضل من الله عز وجل ثم ثقة من المستثمرين بالاستثمار في هذه البلاد الطيبة، وأنتهز هذه الفرصة لأهنئ حكومتنا الرشيدة على هذا الاقتصاد والنمو غير المتوقع فيما أن العالم يعيش ركوداً اقتصادياً، والتحدي لدولتنا الحبيبة مع هذا الاقتصاد المزدهر في مقابل تدني الاقتصاد في دول عظمى، هو أن نمضي على هذا الطريق، وأن نشكر الله عز وجل على هذا الخير المبارك.