Saturday 3rd April,200411510العددالسبت 13 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يارا يارا
كل شيء بسعره
عبدالله بن بخيت

سألت( واحد انجليزي) عاش فترة في المملكة وفي أكثر من دولة عربية: ليش عندكم الغلاء إلى هذا الحد: البيبسي فقط يكلف أكثر من ثلاثة ريال، والتاكسي من المطار إلى البلد أكثر من ثلاثمائة ريال وكشفية الدكتور حوالي سبعمائة ريال، بينما نحن نشرب نفس البيبسي ريال ولله الحمد وأكبر مشوار من المطار إلى وسط البلد لا يصل إلى مئة ريال مهما كانت المسافة وكشفية الطبيب عندكم تعادل كلفة إجراء عملية صغيرة في مستشفياتنا؟.
هذه الأسئلة تدور في ذهني دائما فأنا لا أعرف في الاقتصاد ولا أعرف كيف تتمايز الأسعار من بلد إلى بلد، ولا أعرف ما الذي تعنيه كلمة تضخم، من حسن حظي أن هذا الإنجليزي مثله مثلي في المعرفة الاقتصادية، فتحدث معي من باب الافتراضات وحكي الاستراحات، فقال إنها الضرائب، الضرائب في بلادنا نار، ولكني وجدت أن هذا الجواب لا يكفي، فإذا كانت المملكة ودول الخليج لا تجبي الضرائب فأكثر الدول العربية تعيش على الضرائب ومع ذلك لم تصل عندهم الأسعار إلى هذا الحد، قلب الأمر في دماغه وبدأ يحاول أن يبرر، فرغم أنه يعيش تلك الضرائب إلا أنه بدا مقتنعا بها ومقتنعا بسلامة الأسعار في بلاده، فقال قارن بين لندن وبين المدن العربية، هل تفضل تعيش في أي من المدن العربية أم تفضل العيش في لندن، فقلت من حيث المجتمع أحب أن أعيش في المدن العربية ولكن من حيث الخدمات والنظافة والأمن والنظام فطبعا أحب أن أعيش في لندن، فكأنه قال: ها وصلت على خير، ثم قال: أنت لا تدفع ثلاثة ريال للبيبسي عندما تشتري بيبسي وإنما تدفعها لكل هذه الخدمات، فسألني هل تشوف شارع محفر ومجفر في لندن؟ هل تشوف سيارة واحدة مصدومة وخربانة تمشي في الشوارع؟ هل تشوف شحاذين من أهل البلد عند الإشارات؟ هل تشاهد عمارة متهدمة تهدد المارين قبل سكانها بالموت؟ هل تعتقد أن الخدمات التي تلقاها في لندن غائية عن القرى والأماكن النائبة؟ كل هذا لازم تدفع ثمنه، لازم يدفع المواطن ثمنه.
رغم سلامة هذا المنطق إلا أنني عجزت أن أفهم أن سعر الوجبة التي تكلف في الرياض عشرة ريالات تصل كلفتها في لندن إلى سبعين ريالا، فقال ها قد وصلت على خير أيضاً، تستطيع أن تخفض أسعار الأكل، ممكن أن تصبح الدجاجة بريالين، ولكن هذا لا يمكن أن يتم إلا على حساب الإنتاج، على حساب النوعية، ممكن تنتج الدجاجة بكلفة ريال أو ريالين وممكن في نفس الوقت تنتج نفس الدجاجة بخمسة ريالات، الفرق في الجودة، فالرقابة على إنتاج الأطعمة وبينها الدجاج تكلف كثيرا، الشروط والمواصفات الصحية تكلف فلوس، فالتاجر يضيف كلفة تنفيذ الشروط الصحية على سعر الدجاجة، فإذا كان ينفخها لك في ثلاثة أيام فأكيد سوف تصير رخيصة أما إذا التزم بشروط الصحة العامة فهذه لها سعر آخر، هناك مختبرات وهناك موظفو جودة وهناك موظفو متابعة وهناك آخرون، كل هؤلاء يجب أن تدفع رواتبهم ومعداتهم وكلفة أبحاثهم، فيصبح سعر الدجاجة مختلفا.
قلبت الأمر في دماغي فقلت له: الأفضل نغير الموضوع خشيت أن أدخل معه في هذه التفاصيل فأضطر أن أقول له أن مرض السكر يكاد يتحول إلى وباء ومعدل الإصابة بالسرطان من أعلى المعدلات في العالم والجلطات تنافس حوادث السيارات، فغيرنا الموضوع وتكلمنا عن نتائج فريق أرسنال الذي سجل رقما قياسيا في الانتصارات هذا العام في الدوري الإنجليزي.

فاكس 4702164


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved