Saturday 3rd April,200411510العددالسبت 13 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أضواء أضواء
جنون الغضب العراقي يحرق الأمريكيين
جاسر عبدالعزيز الجاسر

حتى وإن أدت الأفعال التي ارتكبت ضد الجنود الأمريكيين الذين حرقتهم الجماهير العراقية في الفلوجة وعلقت بعضهم على الجسر الحديدي الذي يربط مدينة الخالدية بمدينة الفلوجة.. نقول حتى وإن أدت تلك الأفعال إلى ترهيب وتخويف الجنود الأمريكيين، فإن هذا العمل المرعب يعد فعلاً غير إنساني ولا حضاري، حتى وإن ارتكب ضد جنود يعتبرهم كثير من العراقيين محتلين وغزاة، إلا أن الأخلاق العربية والإسلامية التي يحرص العراقيون على التمسك بها تجعل مثل هذا العمل مرفوضاً من أكثرية العراقيين، بل إن التعاليم الإسلامية تحث المسلمين على عدم التمثيل بجثث الأعداء حفاظاً على حرمة الإنسان الذي خلقه وكرمه على سائر المخلوقات.
والمقاومة العراقية إذا كانت فعلاً من ارتكب عملية حرق جثث أعدائهم ومن ثم تعليقها فوق الجسور تكون قد فقدت الكثير من التعاطف معها.. لأن الإنسان يبقى إنساناً حتى وإن جاء لقتلك، ويمكن أن ترد عليه بقتله هو الآخر، أما أن تمثل بجثته وحرقها وتعليقها فهذا تشفٍ نهى عنه الإسلام.. هذا من ناحية المبدأ والالتزام الإسلامي والأخلاق العربية، أما من الناحية السياسية والنفسية فيخطئ كل من يتوقع أن تؤدي مثل هذه الأعمال إلى هروب الأمريكيين مثل ما حصل في الصومال، فالوضع مختلف، فلا العراق مثل الصومال من حيث كثافة ووجود القوات الأمريكية، ولا جملة المصالح والأهداف الأمريكية التي جاءت من أجلها الجيوش الأمريكية إلى العراق.
كما أن وقع هذه المناظر إذا ما سمح بها ليشاهدها الأمريكيون- وحتماً ستتسرب بعض من هذه المناظر لمواقع الإنترنت، أو يحصل تسرب بهدف صنع رأي عام غاضب ضد العراقيين- فإن العديد من الأمريكيين الذين بدأ البعض منهم يضغط لسحب جنودهم من العراق، سيرون في الاستجابة لما هدف إليه من قاموا بحرق أبنائهم، نوعاً من التخاذل والجبن لا يقبله الأمريكيون في ظل الإدارة الأمريكية الحالية.
ومع قناعتنا بأن حالة جنون الغضب الذي دفع العراقيين إلى حرق الجنود الأمريكيين تعود بالدرجة الأولى لأفعال الأمريكيين أنفسهم، فالمداهمات وإطلاق النار العشوائي والقتل اليومي للعراقيين سيدفعهم إلى أكثر من ذلك.. وكان على الأمريكيين أن يدرسوا تاريخ العراق وردود فعلهم المرعبة جداً ضد من يستبيح كرامتهم ويحاول فرض إدارته عليهم.. هكذا فعلوا بملكوهم وزعمائهم السياسيين.. ولن يكون المحتلون بأفضل منهم.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved