تجاوزت المنطقة العربية أزمة كانت تلوح في الأفق بعد تأجيل القمة العربية، وفيما بدت النفوس مشحونةً بالانفعال حال الإعلان عن ذلك التأجيل فإن مرور 24 ساعة، تميزت بالمشاورات المكثفة التي شاركت فيها بصفة خاصة المملكة ومصر، أزالت بعض ما علق بالنفوس، وبدا أن الجميع يؤكدون ضرورة الانعقاد العاجل للقمة.
مظاهر الانفراج تمثلت أيضاً في عدم تمسك الأطراف بمكان انعقاد القمة، وبينما أعلنت مصر أنها مستعدة لاستضافة القمة، فإنها قالت في وقت لاحق إنها لا تمانع أن تنعقد القمة في تونس أو في شرم الشيخ برئاسة الرئيس التونسي، غير أن تونس ظلت متمسكة باستضافة القمة.
ويلاحظ من التطورات الأخيرة أنه ليست هناك مشكلة في مكان انعقاد القمة.
يبقى من المهم مع زوال مظاهر التوتر أن يتم التركيز على موضوع القمة وضرورة الخروج بشيء ملموس يتفق مع ضخامة التحديات التي يواجهها العالم العربي.
وقد أتاحت الأزمة - حول القمة - الفرصة لتقييم ما يمكن أن تسفر عنه مثل هذه القمة، وبدا أن هنالك رأياً عاماً جماهيرياً يطلب من القادة أكثر من مجرد قرارات إلى ضرورة الالتزام بهذه القرارات.
وعلى الرغم من الآراء الكثيرة حول القمم العربية بين السلب والإيجاب فقد كان هناك اتفاق على أن مجرد هذا اللقاء يؤكد أن هناك كينونة عربية يمكن تمتينها وتفعيلها.
ويستدل من ردود الفعل على تأجيل قمة تونس، خاصة رد الفعل الإسرائيلي الذي عبر عن ارتياح لذلك التأجيل، أن مجرد جلوس القادة العرب معاً يرسل رسالة ذات مضمون بالوحدة والعمل المشترك إلى الآخرين ومنهم إسرائيل.
ومن الطبيعي أن يكون طموح الشعوب العربية أكبر من مجرد جلوس القادة معاً، فهذه الشعوب التي تحس بوطأة التدخلات الأجنبية وتزايد الغطرسة الإسرائيلية تلاحظ باهتمام أيضاً ما تفعله الكيانات الدولية الأخرى في أنحاء العالم، وكيف أنها ترتقي بحياة وتطلعات الشعوب، وهكذا فإن شعوب المنطقة تتطلع إلى الانتقال بطموحاتها وآمالها إلى مرحلة التطبيق والانتفاع بثمار العمل المشترك.
|