Wednesday 31th March,200411507العددالاربعاء 10 ,صفر 1425

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أضواء أضواء
آثار العراق تُسرق من جديد
جاسر عبدالعزيز الجاسر

حرصت المنظمات الدولية والهيئات الثقافية والإنسانية على تضمين المعاهدات الدولية بنوداً تُحرِّم بوضوح استغلال قوات الاحتلال لأي بلد تحت الاحتلال أو يخضع لسيطرة وإدارة قوات عسكرية دولية أجنبية بصفة مؤقتة، حرَّمتْ بوضوح أن تغير هذه القوات من الطبيعة الديموغرافية لسكان البلد المحتل، ولا تغير الطبيعة الجغرافية بالمسِّ بالحدود، أو تغيير طبيعتها لصالح جهة ما على حساب جهة أخرى، وشددت الاتفاقيات الدولية على عدم العبث بالمكونات التاريخية وآثار البلد المحتل، فضلاً عن عدم العبث أو نقل القطع التراثية من آثار أو مواقع تاريخية.
ومسألة الآثار تحظى بمتابعة واهتمام منظمة اليونسكو في باريس والتي كثيراً ما تدخلت لوقف عمليات نهب الآثار، أو تدميرها وحماية مناطقها بمنع دخول القوات العسكرية سواء التي تشارك في معارك الاحتلال، أو بعد السيطرة على ذلك البلد لفرض الأمن.
هذا الإجراء الذي تحرص اليونسكو على التزام الدول الغازية به عند احتلالها للدول التي تستهدفها قواتها، تتراخى عنه (اليونسكو) في العراق الآن، فبعد نهب الآثار العراقية في المتاحف في بغداد والمدن العراقية الأخرى وتهريب عشرات الآلاف من القطع الأثرية التي لا تقدَّر بثمن، والتي لم تسترجع أغلبها حيث لم يعثر إلا على بضع قطع في المدن الأمريكية والأوروبية ولا ندري هل أُعيدت تلك القطع أم لا؟!
أما الكارثة التي تتعرض لها آثار العراق منذ الغزو ودخول القوات الأمريكية والقوات الدولية الأخرى، فهو ما كشف عنه أثريون عراقيون والذين منعوا من الوصول إلى المناطق الأثرية في أور في منطقة الناصرية وبابل في الحلة، وسومر وآشور في الموصل، وقد أقامت القوات الدولية بتسييج المناطق الأثرية وإقامة نقاط تفتيش وحتى معسكرات صغيرة داخل المناطق الأثرية ولا أحد يعرف ماذا يفعل الجنود والخبراء الذين يتبعون لدول تلك القوات في تلك المناطق، إلا أن الذي أثار القلق والخوف لدى الأثريين العراقيين وصول عدد من الآثاريين الإسرائيليين إلى العراق حيث توجهوا مباشرة إلى محافظة الحلة، وسمحت لهم القوات البولندية بالدخول إلى المنطقة الأثرية والقيام بحملة تنقيب عن سوق يهودي كبير يقولون إنه كان موجوداً أيام مملكة بابل حيث عاش الآلاف من اليهود في المدينة العراقية عقب عملية الأسر البابلي التي قام بموجبها القائد بنوخذ نصر بأسر أعداد من اليهود من فلسطين ونقلهم إلى بابل.
إدارة الآثار والتراث العراقية تؤكد بأن الأثاريين الإسرائيليين يقيمون في مدينة الحلة ولا تبعد إقامتهم سوى عشرة كيلو مترات عن موقع مدينة بابل الأثرية وهم يعملون تحت إشراف أربعة من حاخامت اليهود الإسرائيليين الذين يتمتعون بحماية القوات البولندية التي تعمل تحت مظلة قوات التحالف بالعراق.
القوات البولندية تمنع العراقيين من دخول المنطقة الأثرية ولا تسمح سوى لبعض العراقيين الذين استأجرهم الأثريون الإسرائيليون لقاء 17 دولاراً يومياً وهذا ما دفع المسؤولين في إدارة الآثار العراقية بالمطالبة بإبعاد القوات البولندية من المنطقة الأثرية.
ولكن حتى لو أُبعِد البولنديون مَنْ سيمنع الإسرائيليين من العبث بآثار العراق، هل سيوكل الأمر للأمريكيين؟ أم تقوم الشرطة العراقية بحماية آثار بلدها وهي التي لا تستطيع حماية أفرادها حتى من رصاص القوات الصديقة..؟!!


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved