|
مع أن علماء التشريح والنفس نقلوا مراكز الإحساس إلى المخ واعتبروا القلب جهازاً لضخ الدم وله ردود أفعال فقط. إلا أنني أعتبر القلب موضع كل إحساس من الحب إلى الغيرة إلى الحقد إلى الرغبة الجارفة، التي تؤدي أحياناً إلى الهلاك.
فهذا هو قلب الأم العظيم الذي لا يوازيه قلب في الوجود.. ثم يأتي قلب الجدة، فهي الحنونة، والقاصة، والرؤومة والعطوفة، ثم يأتي قلب الأب في المرتبة الرابعة، ويمثل قلب الزوجة المرتبة الثالثة في الشهور الأولى من الزواج، ثم يتراجع في سرعة محسوبة ينظمها القانون الذي اكتشف حديثاً: وزن القلب « طول اللسان » حجم العيون. والناتج يقسم على حاصل ضرب طول زمن العشرة . المرتب الشهري ويميل مدرسو علم الأحياء إلى التعامل مع قلوب الضفادع والفئران بديلاً لعموم القلوب، لأنها أرخص من قلوب القرود. وقلب الأوضاع: هو قيام جماعة مسلحة بقلب الأوضاع في سبيل العدل أحياناً والشغب أحياناً أخرى (والعياذ بالله). والقلب الكبير هو (قلب الجمل)، حيث يمكنه أن يشبع لستة من أفراد القبيلة الجائعة، وقلب فريد الأطرش، وصغار الأطباء في بداية حياتهم المهنية. (قلبي ومفتاحه دول ملك ايديك) والمرابون حينما يغسلون مكاسبهم الضخمة بمياه التبرع للفقراء والقلب واحد من ثلاثة تصاب بالتضخم وهي: (الاقتصاد، والقلب، والكبد) فتداهم الثلاثة أمراض لقلب الشرايين، والحب المفرط، والحقد الأسود. كما أن القلب هو أول أهداف رصاص الاغتيال وهو أول ما ينصت إليه طبيب المشنقة فور الإعدام (أجارنا الله وإياكم). وأول ما يتلمس العاشق من دقات التجربة الأولى وأول ما يدخل عناوين القصص والقصائد المبكرة دقات قلب، ودمعة قلبين، وقلب من حرير، مع أن هذا التعبير (مجازي رديء) ومثله قلب من ذهب الذي يطلق عادة على رؤساء التحرير، دون انتباه لبرودة الحرير والذهب. أما ذوو القلوب التي من (حجر) فهم سائقو القطارات وباعة عظام جثث الموتى لطلبة الطب والسفاحين والضبع، وبعض الذئاب، وبعض ممرضي المستشفيات ونظار العزب، ووكلاء الأثرياء، والعقيمون من البشر إنجابا، أو إنتاجا، أو موهبة. أما ذوو القلب الواسع فهو (الحليم) الذي نادراً ما يغضب، حيث يصبح قلبه كالفندق يكثر رواده ومستعملوه وكان معن بن زائدة ذا قلب من فئة خمس نجوم ويليه حاتم الطائي من فئة أربع نجوم، أما زكريا حجازي فقلبه من ثلاث نجوم.. وأما أصحاب النجمة الواحدة والنجمتين فهم كل القلوب الغلبانة المتناثرة على أرصفة الثقافة المعاصرة. أما قلب المحبين.. فهو المفعم بالحب والآهات والعذاب يقول أحدهم لحبيبه:
وتبقى قلوب المحبين معذبة بسبب السهد والسهر والبعد والحرمان والقساوة والغدر.. كقول أحدهم:
وقال آخر:
وفي قول آخر.. قال أحدهم:
هذا عرض بسيط.. ونقطة في بحر، وبعض من كل لعل في ذلك إحساساً صادقاً عن تلك القلوب.. (حنان.. وحجر). وأبحث عنك كي أهديك ما حوشت من عمري أفتش عنك في أنحاء آهاتي وكاد البحث يضنيني ولكني.. وجدت رؤاك تشجيني وجدتك في شراييني وجدتك تحيا في ذاتي وفي أعماق تكويني وبعد: يأخذني القلم في الأعذار فيتدحرج كل الكلام لأن الأفكار حين تريد الخروج لا تستأذن الأرض لتزهر أمام الشمس، بل تأتي بلا موعد، لتتوغل في الروح بابتهاجات النشيد الماطر، يأخذني القلم في الأعذار لأكتب، والكتابة هي تاريخ الحس وميلاد الأمس، وهي زمن الزمان. فالأسارير العطشى هي كتابة، والوحدة هي كتابة.. نحرق الأخشاب، وتذيب صلابتنا، ونقطع الصخور ونسيل دماؤنا لكي نكتب كتابة تدوم طويلاً. حتى الدموع التي تسبح في خيال الدم هي مشوار دائم ثم في نمو الكتابة والقلوب وأوجاعها هي ألذ مشوار تنمو فيه الكتابة. حتى (أنت) يا من تقبع في ثناياي سجلتك عمراً مكتوباً في داخلي وأفكاري. لحظة دفء: تتغير الأشياء والأمكنة، والأوقات، وتغير البشر إلا القلوب العاشقة فهي نهارات مشرعة بالأمل ومساءات فضية تطول أو تقصر.. وعطاءات لا تنتهي وأنا لا أحتاج قبل الكتابة سوى حنيني إليك وقلم صغير وصفحة بيضاء ولا أحتاج بعد الكتابة سوى صدرك أضع عليه رأسي وأبكي بسخاء للتواصل: تليفاكس 0122317743
ص.ب 40799 الرياض 11511 |
[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة] |