يحدث التشتت الفكري نتيجة عدم القدرة على استيعاب مفردات منهج فكري معين والقدرة على نقدها وتمحيصها نتيجة لقصور في الفهم العام لدى بعض المحسوبين على هذا المنهج الفكري وبالتالي يقبلونه كما هو ليس إيماناً به بل ركبوا الموجة التي يمثلها هذا الفكر لأنها هي الموجة المنتشرة في زمن معين.
فهم ساروا مع هذه الموجة. ليس اقتناعاً بالفكر الذي تمثله بل من أجل الظهور. ولكي يظهروا انتماءهم لهذا الفكر ذهبوا إلى حد التطرف وعدم سماع الرأي الآخر لسبب بسيط؛ لأنهم غير قادرين على مقارعة الحجة بالحجة والبيان بالبيان نتيجة قصور في فهم ثقافة الحوار وعدم الاستقرار الفكري الذي يجعلهم قادرين على التمييز والتمحيص والاقتناع بالمبادئ التي يدافعون عنها.
علماً بأن الفكر الذي قبلوا به (ليس اقتناعاً) هو الفكر السليم الواضح المبني على الكتاب والسنة. وهو فكر يدعو إلى التسامح والحوار والدعوة بالتي هي أحسن، ومع ذلك تشددوا في تطرفهم. كان ذلك نتيجة لركوبهم موجة الشريط الإسلامي التي انتشرت في أوائل التسعينيات الميلادية. بعد أن هبت علينا موجة الحادي عشر من سبتمبر الشهيرة والتي لازالت رياحها مستمرة، ونظراً للرغبة في اغتنام فرصة الظهور المسيطرة على توجيه انتمائهم الفكري فإنه شيء بديهي أن لا تفوتهم هذه الفرصة التي نزلت عليهم من السماء فقاموا بالتخلي عما كانوا يعتقدون بأنه هو الفكر الصحيح والذي سببوا له الكثير من الضرر لأنهم كانوا محسوبين عليه إلى فكر مضاد له تماماً بل أنهم كالوا (لبعض مشايخ الفكر الأول) التهم. يا سبحان الله من التطرف الحاد في الدفاع عن الفكر الأول إلى التطرف الحاد في مهاجمة (شيخ الإسلام) وتحميله تبعات ما حصل.
الاقتناع بالمبادئ والمناهج الفكرية حق لكل شخص سواء اتفقنا معه أم لم نتفق لأن لكل إنسان الحرية في قناعاته والمحافظة على مبادئه التي يتمسك بها بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف في بعض جزئياته. وهذا حق مشروع لأن الاختلاف لا يفسد للود قضية. ولكن ان ينتقل الإنسان من فكر إلى فكر آخر مضاد فهذا ليس ناتجاً عن تمسك بقناعات ومبادئ بل ناتج عن تشويش وتشتت في الأفكار غير المستقرة وغير المدركة للشيء الذي تريده والتي سيطرت عليها رغبة الظهور والتواجد في الساحة مهما تكون النتائج. إلى هؤلاء أقول هل ما كنتم تنادون به من أفكار في السابق ليست صحيحة؟
هل الصحيح ما تنادون به الآن وإذا كان كذلك لماذا لم نسمعه منكم إلا هذه الأيام؟
وقفة
فضيلة الشيخ صالح الفوزان، ينشرح صدري كلما قرأت لكم مقالة، استمر شرح الله صدرك بالإيمان و أنار الله طريقك بالقرآن.
حفظ الله ولاة أمرنا وبلادنا والله من وراء القصد.
| 
