إنه لا يخفى على أي مسؤول الطفرة النوعية التي مر ومازال يمر بها وطننا الحبيب التي سعت من خلالها الدولة لبذل الغالي والنفيس وكل ما تستطيع لتوجيهها واستغلالها في كل ما ينفع مواطني هذا البلد المبارك من دعم مادي ومعنوي رمت من خلاله الدولة - حفظها الله - إلى إتمام كل نقص وسد كل حاجة في شتى المجالات التي تمس بشكل مباشر حياة المواطن والارتقاء به لكل خير, فكان للقرار الموفق الذي أقره مجلس الوزراء في الثمانينيات بإضافة بدل تعليم لراتب المعلم مثلاً، ثم ضم هذا البدل إلى راتب المعلم الأساسي المحتسب عند التقاعد، أثرا عظيما لا ينكره أحد فيما وصل إليه وطننا الغالي من تميز في سعودته لقطاع التعليم بنسبة تكاد تتخطى فيه حاجز الـ 90% وكلنا الآن يجني من وراء ذلك القرار السديد الثمار اليانعة المتمثلة بالمستوى الرفيع والمتميز لأبنائنا الطلاب.
لم يكن قطاع التعليم هو القطاع الوحيد الذي أولته الدولة اهتماما خاصاً فحسب، بل كان للقطاع الصحي نصيبا من ذلك الاهتمام، وهو القطاع الحيوي الذي يمس أغلى ما يملكه المواطن، وهو حياته وعافيته، فكان من الدولة مشكورة أن أقرت الكادر الصحي الجديد الذي دعمت فيه (بالبدلات) راتب الطبيب، الذي قضى في تعليمه مدة سبع سنوات لا يشك أحد بالجهد المضاعف الذي بذله خلالها ثم هو بعد ذلك لا يبخل بالساعات الطوال من يومه بين مرضاه يرسم البسمة على شفاه هذا ويساعد ذاك ويقضي حاجة المرضى، حتى شاب رأسه قبل أن ينتهي من تطوير نفسه في شتى التخصصات وأدق العلوم التي نحن في أمس الحاجة إلى أن يتقنها أبناء هذا الوطن العزيز خدمة لإخوانهم.
فهل ما قُدِّم في هذا الكادر الصحي الذي وُضع في الأصل لمصلحة الطبيب حقق الهدف الذي حققته القرارات الجريئة التي منها تعديل راتب المعلم؟
وهل حفظ هذا الكادر ببدلاته وأرقامه حقوق الطبيب المستقبلية عند التقاعد وحقوق أبنائه بعد الوفاة ليبقى له ولهم المستوى المادي الذي اعتادوا عليه كما هي الحال في بقية موظفي الدولة؟
أقول عندما نعلم أن الراتب الأساسي للطبيب في مختلف قطاعات الدولة المدنية والعسكرية يقارب الـ 6000 (ستة آلاف ريال) فقط لا غير وأن اكثر من نصف راتبه عبارة عن بدلات وقتية سرعان ما تختفي عند تقاعده أو وفاته بشرط أن يكون قد أتم الخدمة كاملة فلا يبقى له عندها إلا القليل الذي لا يوازي راتب المدرس المتقاعد.
وعندما نعلم أن السعودة في القطاع الصحي بين الأطباء مازالت لم تتخطَ حاجز الـ 20%، فإن الحلم الذي يحلم به كل مواطن حريص على صحته وعافيته، هو أن يأتي ذلك اليوم الذي يستيقظ فيه فيجد أن القرار الذي دعم المعلم شمل بخيره الطبيب في كل قطاعات الدولة المدنية والعسكرية وضمت من خلاله البدلات الواردة في الكادر الصحي الحالي إلى راتبه الأساسي لتدخل في احتساب راتبه التقاعدي، مما حفز أبناء الوطن إلى خوض غمار هذا التخصص المتعب وتكاثرت أعداد أبناء الوطن الأمناء الشرفاء في هذا المجال الحساس إلى أن تتخطى نسبة السعودة فيه حاجز الـ90% ونستغنى عندها عن العنصر الأجنبي الذي هو في أغلبه أقل في تفانيه وفهمه لطبيعة أبناء الوطن، ونقفز عندها في خدماتنا الصحية إلى الأمام.
فهل كلنا أيها المسؤولون نحلم بهذا الخير ونسعى لتحقيقه لاشك ونحن نبث لكم همومنا في حرصكم الدائم واهتمامكم وانشغالكم المتواصل في البحث والتطوير والتعديل لكل نظام متى ما تحققت فيه مصلحة هذا الوطن الكريم وأبنائه، كما أننا في الوقت نفسه ننتظر منكم وقفة تأمل وانصاف نطمح من خلالها إلى ايجاد الحلول المناسبة لهذه المشكلة.
لكم منا كل التقدير والاحترام
|