في بداية القرن الثامن عشر، أصبح اسم مدام بلافاتسكي الروسية على كل لسان في مدينة (لندن)؛ حيث كانت فريدة ومميزة بثقافتها العالية، وإتقانها لغات عدة، واضطلاعها بالروحانيات، ما تطلب منها الاستحصال على شهادة طبية رسمية تثبت بأنها امرأة!! نظراً إلى أن مجتمع تلك الحقبة لم يقتنع بأن مجرد امرأة -وليس رجلاً- تمتاز بهذه الصفات الثقافية الرفيعة!.
هذه الحادثة تثير في أذهاننا الدعاء (التلمودي) الشهير الذي يدعوه بعض اليهود كل صباح (الحمد لله الذي لم يخلقني امرأة أو كلباً).
والكاتبة الإنجليزية (جورج ساند) عرفت واشتهرت كتاباتها الأدبية الرفيعة تحت هذا الاسم في مجتمع آنذاك لم يكن يطيق وجود امرأة تمارس العبث بسحر الأبجدية، ولعل الأسماء المستعارة التي تتوارى خلفها الكثير من التجارب الشعرية الشعبية النسوية لدينا هي أحد تجليات هذه الظاهرة.
ذكرت لي بروفسورة أمريكية تعمل في مجال علم النفس بأن ما حققته كامرأة في الولايات المتحدة يتجاوز كثيراً ما كان لدى أمها في خمسينيات القرن الماضي، وما حصلته المرأة من حقوق كان كثيراً موازاة بما حصلته الأمهات والجدات.
إذاً، المشهد العالمي عموماً عبر الزمان والمكان لم يكن يقدم صورة متفائلة عن المرأة وحقوقها.
إذاً، لم تُقدَّم لنا فواتير باهظة عن المرأة لا بد من تسديدها على وجه السرعة؟! لما لا يترك هذا للطبيب العجيب المسمى (الزمن) على اعتبار أن الصيرورة الزمنية المتبدلة المتحولة دوماً تلعب دورها الحاسم في هذا المجال؟!
أجمل ما سمعته مؤخراً في هذا النطاق هو ما ذكرته د. سلوى الهزاع في المنتدى الاقتصادي في جدة؛ حيث ذكرت بأنها بروفسورة في تخصصها العلمي، ولكن والدتها أُمِّية، فهذه النقلة الكبيرة تعطي مؤشراً واضحاً على أن الصيرورة الزمنية لا تبدل من قوانينها على وجه الإطلاق، وإن مكر التاريخ لا بد أن يظهر سواء شئنا أم أبينا، كل ما هنالك أن نحاول أن نجير ونستغل هذه العربة المندفعة إلى الأمام بقوة عظيمة.. ولا تنتظر أحداً على وجه الإطلاق.
|