أصابعها الصَّغيرة تعبث في أزرَّة التِّلفاز...
تغلقه...
يعود الصَّغير الذي سبقها طولاً لإعادة الإرسال...
يقتعد مجلسه الصَّغير...
تعود فتغلق التِّلفاز...
حركة لا إرادية.. تلقائية... (ميكانيكية) كما يقولون...
لم يبدأ (الإدراك) عمله في رأسها الطُّفولي...
الذي طال قبلها...
ارتفعت هامته عنها... صرخ ينهرها... فهي تقطع عليه مواصلة الاسترسال مع الأبطال الذين يتحرَّكون على الشَّاشة أمامه... يحفظ أسماءهم، يعرف كواكبهم، لا يجهل مصادر قوَّتهم، أصبحوا له أصدقاء، يحرص عند الذَّهاب أو الإياب من السُّوق أن يبحث عنهم فيقتنيهم ويعود بهم...، يرفض أن ينام أو يهجع للسُّكون في وجودهم...
بين حركة طفلة الشّهور وهي تعبث بأزرَّة التِّلفاز فتغلقه وبين حرص الأكبر على استمرار التَّواصل معه شيء من (الأمر)... أمرٌ بالغ الأبعاد...
قالت تحدِّث صديقاتها: كيف يخاطبها ابنها كما تتخاطب أبطال المسلسلات الإلكترونية، كيف يكوِّن الصِّغار علائق الودِّ مع متحرِّكين من الورق والأشعة، فيما لا توجد لديه علائق مع سواهم كيف يقلِّدهم في الحديث باللُّغة الفصحى بينما تعجز الألسنة البشرية عن أنْ تكون القدوة له في هذا الأمر؟
وبين حركة صغيرين لم يخرجا إلى لفح الحياة، وسَموم الواقع وتداخل المعطيات... فإنَّ أبواباً للأسئلة مشرعة إلى متى؟ إلى أين؟ و... ثمَّ ماذا؟...
|