لكل شيء في الحياة خطوة أولى.. وأعني بالخطوة الأولى هنا تلك التي يخطوها الإنسان عبوراً نحو ما قرر المضي عبره من مسالك الحياة المختلفة.
** ومما يبدو ف(للخطوة الأولى) موقع بارز في مفردات قواميس كافة الحضارات الإنسانية القديم منها والجديد..
** فعلى سبيل التمثيل لا الحصر، يقول الفرنسيون تمثلاً عن الخطوة الأولى (الخطوة الأولى هي المُعوَّل عليها)، بينما يتغنى الأمريكيون بالخطوة الأولى بتمثّلهم بالقول: (لكل شيء خطوته الأولى.. فأقْدِم)،
ويقول الصينيون عنها كما يمثِّلهم في ذلك حكيمهم (لاوتسو): (مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة)، أما أمثال وحكم العرب فيما محوره الخطوة الأولى فأكثر من أن تعد أو تحصى، ومنها قول شاعرهم في صدر بيت شعره القائل: (قدّر لرجلك قبل الخطْو موضعها....).
** ومما يبدو فالخطوة الأولى إما أن تكون مفتاحاً للنجاح أو مزلاجاً للفشل، ولذا ومرة أخرى اشتركت الحضارات الإنسانية في توصيف أنجع وصفة لعلاج زلل الخطوة الأولى.. وذلكم هو التأني.. أو عدم العجلة..
** فالغربيون يقولون تمثّلاً (أسرع ببطء)... و(ما نفعله بسرعة لا نفعله بإتقان)، بينما يتمثَّل اليونانيون بالقول (العجلة أم الإخفاق)، أما العرب فيقولون (في التأني السلامة وفي العجلة الندامة)...
و(من أسرع كثر عثاره)، ولذلك ف(السلاحف أكثر خبرة بالطرق من الأرانب) كما قال جبران خليل جبران.
** بل إن للخطوة في شعرنا العامي معايير ومقادير أيضاً.. من ضمنها صدر بيت الشاعر الشعبي الذي تغنَّى بتؤدة خطْو حبيبته قائلاً (تذكَّرْت يوم أقبلْت كنِّك تحسْب اخطاك..).
** أما أسوأ خطوة يمشيها الإنسان فهي انطلاقه قدماً أو بالأحرى اندفاعه طيشاً نحو شيء ما دون معرفة أو اطلاع وثيق على حقيقة ماضي أو تاريخ هذا الشيء.. وأظن هذه الحالة تسمى لدى أساتذة الإدارة وخبراء الاستثمار: (الخطوة أو المشية العشوائية: RandomWalk)... إذن إياكم وعشوائية الخطوة الأولى...
|