التهدئة في العراق

في كل الأحوال يحتاج العراق إلى قدر كبير من التهدئة، وتبقى مسؤولية كل القيادات الالتزام بتطويق أي انفلات في الأفعال والتصريحات، والمقصود دائماً كافة القيادات الطائفية والحزبية وفي مجلس الحكم الانتقالي، إضافة إلى قوات الاحتلال.
فالتوتر الحالي على الساحة العراقية يفوق الحدود، وهو مؤشر للمزيد من التصعيد، خصوصاً وأن البلاد تواجه استحقاقات كثيرة تتعارض بشأنها وجهات النظر، وإذا اقتصر الأمر على اختلاف الآراء فقط فهو أمر مطلوب، ويعكس طبيعة الأشياء، لكن أن تتطور الخلافات إلى أعمال مسلحة فذلك ما ينبغي تطويقه بقدر الإمكان، لأنَّ أرض العراق وظروفه الراهنة تشكلان بيئة مثلى للتصعيد المسلح والقتل بالجملة.
ويواجه العراق الآن عدة مهام تتمثل في الانتخابات المرتقبة، حيث قال الأمين العام للأمم المتحدة أمس إنه لا يمكن تنظيمها في نهاية شهر يونيو المقبل، لكن هناك من يرى أن بعض الجهات تنعم بقدر من الاستقرار يمكِّنها من إجراء انتخابات، وهناك من يعارض هذا التوجه.
ويبقى من المهم إزاء ذلك أن تنظمه القيادات العراقية وتركز على الرأي الذي تكمن فيه مصلحة العراق بأكمله وليس مصلحة هذه الفئة أو تلك لأن تحقيق مكاسب جزئية قد يعني حرمان آخرين، وهو أمر يعني أيضاً تجهيز قنبلة موقوتة لقادم الأيام.
وهناك جدل حول ترتيبات الفترة الانتقالية بما تتضمنه من خلافات حول مصادر التشريع ووضع المناطق الكردية وغيرها.
مسؤوليات التهدئة يتحملها أيضاً جيش الاحتلال الذي يخوض اشتباكات يومية مع جماعات المعارضة، غير أن هذه الاشتباكات يسقط أبرياء ضحايا لها في كثير من الأحيان، كما أن تصريحات مسؤولي الاحتلال تتجاوز أحياناً محيطها لتدخل في خصوصيات الشأن العراقي، فقد أثار تصريح للحاكم المدني بول بريمر حول مصدر التشريع في العراق حفيظة مجموعات كبيرة من العراقيين لدرجة أنَّ البعض تحدث عن التصدي المسلح للأمريكيين.
وهناك حالياً تصدٍّ مسلح بالفعل لكن الذين هددوا به مؤخراً ما زالوا حتى الآن خارج ميدان المعركة.
وهكذا تبقى مراعاة حساسية الوضع العراقي عنصراً مهماً لسلامة العراق ومنع الانفلات الأمني أكثر مما هو حادث الآن.