Monday 12th January,200411428العددالأثنين 20 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الزوج لن يدفع ثمناً باهظاً في الطلاق كما المرأة الزوج لن يدفع ثمناً باهظاً في الطلاق كما المرأة

نشرت «الجزيرة» تحقيقاً عن الطلاق في العدد رقم 11410 قامت به سلطانة الشمري.. ورقة وقلم.. وبقايا ألم.. تحركت في خاطري وأنا أتأمل تلك القصص وأقرأ تلك الاحصائيات التي كشفت هذا الواقع المؤلم للمطلقات.. حقاً قصص وارقام.. تحسبها مجرد افلام.
عذراً اختي المطلقة.. انْ نكأتُ الجراح المسترخية التي اناخت عند باب الزمن.. وحركت دموعاً خرساء ذابت تحت اقدام هذا الموقف العصيب.. المسكون بتوجس كئيب.. قصص وحكايا.. تتهشم منها المرايا.. مضيت أستجمع شيئاً من ملامح الوجع.. وأثير مشاعر واجمة عبر قراءة عجلى لمفردات الطلاق، هذه المحطة الحزينة التي طالما عصفت بأحلام.. وأحدثت آلاماً.
نسمع عن حالات كثيرة انتهت بطلاق كان يمكن تجنبه بشيء من الحكمة والتأني وتقريب وجهات النظر.. وقراءة ابعاد الموقف تحت مظلة المشورة والكلمة الطيبة.
أكاد اجزم أن غالبية حالات الطلاق تنبع من قرار الزوج وبخاصة انه لن يدفع ثمناً باهظاً كما تفعل المرأة تحت وقع خطوات نظرات المجتمع إذ كثيرا ما يتردد لفظها هي مطلقة بينما يندر أن تسمع عن لفظ يشير إلى رجل مطلق!
نعم إن الطلاق دائرة صعبة تذرف آهات المرارة والحسرة في قلب المرأة التي ربما واجهت رؤى مجتمعية قاسية فضلاً عن جحود الزوج السابق ونكرانه وتهربه عن النفقة على هاتيك المرأة المكلومة وأولادها الذين يدفعون فاتورة ضياع وانكسار.. ويعانون شرخاً نفسياً حاداً يظل يلازمهم اينما كانوا.. آه من بيوت ملأى بالاسرار.. التي تحجبها الاسوار.
وكم يكون الالم كبيراً حينما تسمع عن فتيات في عمر الزهور يجدن انفسهن امام تجربة صعبة.. يحملن هوية الطلاق.. ويلقين بمفاتيح الزوجية.. وربما اصابتهن الصدمة النفسية بالاحباط.. امام رجال.. جنحوا لأبغض الحلال.. وربما كانت الطريقة رسالة عبر الجوال!!
أعجبني ما حمله هذا التحقيق من اقتراحات منصفة لمعشر المطلقات حول ضرورة قيام «هيئة أو لجنة وطنية تتولى رعاية المطلقات وابنائهن، عبر تأهيل اجتماعي ونفسي وتوفير عيشة كريمة وإنصاف المطلقة من زوجها السابق الذي ربما تنصل من مسؤولياته وغفل عن تسريحها بإحسان.
ترى هل ثمة اسباب واقعية للطلاق ام ان الامر مجرد نزوة طارئة وموقف منفلت من اطار الحكمة.. احيانا ًتتجلى مشاكل زوجية ذات نَفَسٍ طويل لا تنفع معها عمليات الترميم.. عدم وجود توافق نفسي أو تكافؤ فكري.. غياب الانسجام والتفاهم.. المكابرة والعناد من الزوجين.. عدم كفاءة احد الطرفين.. الخلاف المالي تدخل أطراف أسرية اخرى في حياة الشريكين.. الاستعجال في التعامل مع مواقف الغضب والانفعال.. التصرف الشخصي وغياب الناصح الاميز.. كلها عوامل تذكي شرارة الطلاق وتفتح ابوابه الموجعة.. فضلاً عن الاستعجال في قبول الزوج الذي ربما اعتبر الزواج تجربة عابرة.. ولديه الاستعداد لتكرار تلك التجربة.. مقدماً حججاً معلبة ومبررات جاهزة!! تكشف عن استخفاف ممجوج.
ولا بد أن يتم إنصاف المطلقة وتحقيق الامن النفسي والاستقرار المعيشي لهذه المرأة التي ربما وقفت تحت ضغوط شديدة امام رجل يعبث بأعصابها ويمسك بخيوط الموقف دون رحمة.. فأين الانسانية؟ وأين الوازع الديني الذي رسم المنهج القويم؟
نعم ايجاد لجنة أو هيئة تقوم بشؤون المطلقة وتتابع قضيتها وتفصل موضوعها من خلال موقف منصف يعيد تشكيل مفردات الموقف ويرتب عناصر الانصاف.
ان المطلقة لا تريد نظرة اشفاق وعطف وليست بحاجة إلى شعارات وعبارات.. بقدر ما تحتاج إلى موقف حاسم يخلصها من اطار الظلم والنكران..فهناك مطلقات ظللن معلقات تعبث بهن تيارات المواقف.. وتضغط على اذهانهن دوائر الاستبداد التي يقيمها رجل قاس.. تنكَّر لأبسط مبادئ الانسانية.
ولم يرأف بحال امرأة كسيرة.. آه منك يا زمن المخالب حينما ترمي بحواء فوق دائرة العوز والشقاء.. وتدعها امام مصير مظلم.. بعد رحلة فشل زوجي.. مع رجل لا يقدر المسؤولية أو يراعي الحقوق.
ولا بد أن أشير إلى تسرع بعض الاسر في الموافقة وقبول الخاطب وخاصة حينما يكون الشاب غير مكتمل النضج لم تستوِ معالم ادراكه لمفردات الحياة الزوجية وربما كانت له مواصفات خاصة استقاها من القنوات الفضائية أو قام بتمرير المشروع المبارك مجاملة لاهله والضحية فتاة في عمر الزهور اسقوها ملامح الذبول.
ويزداد الأمر مرارة حينما يكون للمطلقة أولاد.. حيث ينقدح زناد الظروف والاعباء المالية..
ألم أقل ان المرأة تدفع ثمن الطلاق بينما يذهب الرجل لتجريب مشروع زواجي آخر وربما ضحية اخرى.. هكذا يترك مطلقته تكابد آثار الطلاق وتواجه تبعاته وتقع تحت طائلة ركامه النفسي الكئيب. عذراً معشر القوم.. الطلاق ليس بحاجة إلى بحوث دقيقة ودراسات عميقة..فقط اقرأوه تلك القصص المبكية التي تعكس الواقع الاليم للمطلقات اللاتي بتن بحاجة إلى نظام اجتماعي أو هيئة تقوم بشؤونهن وتعالج مشاكلهن وتقف على قضاياهن.. ولم يكن ثمة عيب أو حرج يقع على تلك المطلقة المسكينة التي ربما خذلها الحظ بزوج غير كفء.. وليس لها الحق في ان تخجل من هذا اللقب الذي لم تكن هي سبباً فيه وعلى المجتمع أن يقف معها وقفة احترام وتقدير ويعطيها الأولوية في التوظيف والتكريم وهذا ما يمكن ان تقوم به هيئة خاصة.. اضافة لأهمية اقامة مراكز استشارات اجتماعية أو مراكز الحي التي تقوم بتوعية الناس بأضرار الطلاق.. وكم اتمنى أن يمارس الخطاب الإعلامي المرئي والمقروء والمسموع دوره في إبراز آثار الطلاق وسبل تلافيه ورفع معنويات المطلقة وتأكيد تضحياتها عبر موقف إنساني نبيل.. ان وسائل الاعلام مطالبة بالوقوف مع هذه الفئة المستضعفة من النساء وانتشالها من براثن الظروف وامتصاص حدة الموقف الضاغط وتكريس كل جهد مبارك يحفظ حقوق المطلقات.. ويرعى شؤونهن.. وليس غريباً على مجتمعنا الكريم ان يقوم بذلك.. فالمطلقة امرأة ذات مشاعر وأحاسيس رسمتها ريشة المواقف الصعبة.

محمد بن عبدالعزيز الموسى - بريدة


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved