Monday 12th January,200411428العددالأثنين 20 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يارا يارا
نحو أيام جديدة
عبد الله بن بخيت

في فترة من الفترات وصل عدد المبتعثين السعوديين في الجامعات الأجنبية إلى مئات الألوف غطوا كل التخصصات مع استثناء العلوم الفلسفية مع الأسف وهذا يمكن تداركه مع الإصلاحات القادمة إن شاء الله. ولكن المهم كما يقولون تفعيل دور هؤلاء وإعادة بنية الإدارة والعمل والتعليم في المملكة لكي يقوم هؤلاء بدورهم الحقيقي الذي ابتعثوا له. ولكيلا نكون مجحفين في حق أنفسنا علينا أولا الاقرار بالحقيقة التي تميل إلى صالحنا. علينا أن نعرف أن مستوى الإدارة في المملكة متفوق على أقرانها من الدول العربية. بإمكانك أن تعرف ذلك من المطارات بتأمل بسيط في المعاملة في أي من مطارات المملكة ومخارجها الحدودية وبين مطارات ومخارج الحدود لأي دولة عربية ستعرف أن المملكة متقدمة بكل المقاييس. وهذه المقارنة يمكنها أن تنسحب على كافة القطاعات الداخلية. في الصحة، في الشرطة، في الكهرباء، في البلديات، في كل نواحي الحياة العملية دون استثناء. المملكة متقدمة على العرب حتى فيما يخص المواطن ومدى احترامه للانظمة والقوانين. قف عند إشارة مرور في القاهرة أو بيروت وقف عند إشارة مرور في المملكة عندئذ ستعرف الفرق الحضاري.
أعتقد أن الصراع الذي دار بين المملكة ومصر في فترة الستينيات والحرب اللبنانية الأهلية أسهما بدور كبير في إنقاذ المملكة من الفوضى العربية. اضطرت المملكة بسبب عدم قدرتها على الاستعانة بالقدرات المصرية والأخذ بالنموذج اللبناني إلى الاتجاه مباشرة إلى الغرب. وقدأسهم آلاف المبتعثين والسياح السعوديين في المدن الغربية في نقل المقارنة والنموذج من مدن عربية كانت متقدمة علينا إلى المدن الغربية لندن، لوس انجلوس، باريس .. إلخ. فسياح النهضة السعودية (فترة أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات) رفعوا سقف المقارنة وصاروا يطالبون بما يشاهدونه في مدن الغرب، وكانت استجابة الحكومة إلى حد كبير إيجابية. في الصحف، في المنتديات، في المجالس الخاصة لم نكن نتحدث عن المدن العربية، كنا نعير بعضنا بعضاً بالمدن الغربية. نتحدث عن النظافة في لندن والنظام في باريس.. الخ . ومن حسن حظنا أيضا أن النهضة السعودية كانت ضخمة إلى درجة أن كل الدول العربية لم تكن تستطيع أن تستوعبها فذهبنا إلى الغرب وعاد إلينا آلاف مؤلفة من خيرة الرجال والنساء. ولكن هؤلاء الرجال والنساء قاموا بدورهم الإداري ولم يتمكنوا من نقل دورهم الحضاري. على أن أسارع إلى القول إن المقصود بالدور الحضاري هو روح البناء والنظر للمستقبل دائما والاحتكام للقانون والحوار والاعتراف بالتنوع والقيم الفردية، وبالتالي فأنا لا أعني الفكر أو العقائد. وأمامي دائما كنموذج دولة من العالم الثالث نجحت في تحقيق ما نصبو إليه وهي كوريا. وكوريا لم تنجح لأن قيادتها أفضل من قيادتنا ولكنها نجحت لأنها اعتمدت قيم التسامح ونظرت إلى الغرب بعيون محايدة، لم تشعر أنها كانت في حالة حرب مستمرة مع الغرب وإنما في حالة منافسة، لم تستخدم أسلوب الانكفاء وإنما الانفتاح والأهم الاعتراف العملي بأن الغرب متفوق في كل المجالات. في بداية السبعينيات كانت تلك الروح هي الروح التي تتملكنا، ولكننا مع الأسف تغيرنا بشكل كبير في فترة الثمانينيات. أعلنا القطيعة الدونكيشوتية مع الغرب والشرق والشمال والجنوب فتم تحييد المثقفين السعوديين والمديرين السعوديين الذين تعلموا في الغرب بحيث صاروا مساعدين لا قياديين. مثال بسيط يوضح هذا. تأمل في البيت السعودي وكيف تم تصميمه، عندها سترى أن المهندس لم يصممه الذي صممه هم قيادات الانكفاء والعزلة. فالمهندس كان دوره إنشائيا وليس ثقافيا.
مازال الوقت أمامنا لتفعيل دور الرجال والنساء المسلحين بالثقافة الحديثة في البلد وسوف نخرج بإذن الله من المأزق الكبير الذي زج بنا فيه أصحاب الفكر الاحادي الانعزالي.

فاكس 4702164


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved