Friday 9th January,200411425العددالجمعة 17 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

مجلس الشورى عضو فاعل ولا بد له من مواكبة التطور.. الشهري: مجلس الشورى عضو فاعل ولا بد له من مواكبة التطور.. الشهري:
تطبيق قرارات المجلس في الواقع يحفز الأعضاء على العطاء

لكل عضو من أعضاء مجلس الشورى تجربته الخاصة في المجلس وانعكست عليه هذه التجربة بعدد من المعاني.. كما أن لأعضاء المجلس آراءهم ومقترحاتهم حول آلية عمل المجلس ونظامه.. وفي هذه الزاوية نستضيف أحد أعضاء المجلس ليحكي لنا تجربته في المجلس ويسرد لنا بعض آرائه حول المجلس.. ضيفنا هذا الأسبوع عضو المجلس الدكتور عبدالله بن محمد الشهري:
* حدثنا عن تجربتك في المجلس.. وبماذا خرجت منها؟
- قضيت حتى الآن ما يقارب ثلاث سنوات من العمل تحت قبة مجلس الشورى، وشاركت في شتى مناشطه من عمل في اللجان المتخصصة وعضوية في اللجان الخاصة وعضوا في الوفود الزائرة للبرلمانات العالمية ومساهماً في استقبال الوفود العالمية الزائرة ومشاركا في مناقشات المجلس بكامل أعضائه لشتى الأنظمة والتقارير والدراسات التي تطرح في جلساته الأسبوعية، وقد كسبت من ذلك الكثير من الخبرة والاطلاع والتعلم والإحساس بالغبطة والرضى للمساهمة بخبراتي السابقة فيما أرى أنه خدمة للدين ثم للوطن والمواطنين. هناك حقائق ووقائع ملموسة تجعل العضو في مجلس الشورى يسعد بعضويته فيه وتحفزه على العطاء والحرص على المساهمة الإيجابية في شتى أعماله ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
أولاً: وجوده بين نخبة من أكفأ الخبرات في المملكة ممن أثبتوا كفاءتهم العلمية والعملية في شتى المجالات، في الطب والهندسة والاقتصاد والقانون والشريعة والتعليم والتدريب والتجارة وغيرها، وهم والحمد لله في بلادنا كثير، وما هذه النخبة المنتقاة إلا عينة تمثل كافة القطاعات الحكومية والخاصة وتمثل كذلك جميع قطاعات المجتمع ومناطق المملكة المختلفة.
ثانياً: وجوده في جو مهيأ للعطاء دون حدود أو ضغوط أو موانع، فالعضو يجد في لجان المجلس وأنظمته واجتماعاته الأسبوعية أرحب فضاء للتعبير عن رأيه والإدلاء بمقترحاته ومناقشتها مع زملائه بكل ثقة من حسن النوايا وبأسلوب حضاري متمدن وصدور رحبة لدى زملائه وإدارة المجلس لتقبل كل اقتراح أو رأي يطرح وإعطائه ما يستحقه من البحث والتمحيص والدراسة.
ثالثاً: الإحساس بأهمية المواضيع والآراء التي تطرح للنقاش ومدى تأثيرها على تطور الإدارة والتنظيم وبرامج التنمية في المملكة وتأصيل هذا الإحساس عندما يرى تطبيق قرارات المجلس في الواقع ويلمس نتائجها الإيجابية على حياة المواطن وتطور الوطن.
وخلال وجودي في المجلس علمت الكثير عن مجالات لم تكن من قبل جزءاً من اهتماماتي ولم تكن في مجال عملي أو تخصصي العلمي، ولكن مشاركتي في دراستها ونقاشها أكسبني الكثير من الخبرة وسعة الأفق والاطلاع على جوانب شتى من الأنظمة والتنظيم وعمل الإدارات المختلفة في الدولة وإنجازاتها والصعوبات التي تواجهها ووسائل التغلب عليها.
كذلك استفدت كثيراً من المشاركة في النقاش والمناقشات الحرة والهادفة التي تدور في لجان المجلس وفي جلساته فهي تطبيق عملي للحوار الراقي بأسلوب حضاري وبشفافية مطلقة مما يؤدي إلى تنوع الأفكار وتمازج الآراء ومن ثَمَّ الحصول على نتائج قوية وثابتة تستطيع أن تصمد في أرض الواقع أمام شتى الاختبارات والتحديات، ففي مرات كثيرة تطرح آراء أو توصيات من بعض أعضاء المجلس أو حتى من إحدى اللجان المتخصصة يتهيأ للمراقب أن الرأي أو التوصية المطروحة ممكنة من جميع جوانبها ولكن عندما يفتح الباب لدراستها أو مناقشتها تنهال شتى الأفكار والاقتراحات والمداخلات عليها وحولها من جوانب شتى اقتصادية وشرعية ونظامية وفنية وعملية وغيرها مما يجعل المرء يرى مصداق قول الله تعالى: {وّمّا أٍوتٌيتٍم مٌَنّ العٌلًمٌ إلاَّ قّلٌيلاْ} فكل عضو في المجلس يرى الموضوع المطروح من وجهة نظره المبنية على خلفيته العلمية والعملية والثقافية وعندما تطرح هذه الأفكار مع بعضها تنتج تلك القرارات والأطروحات المحكمة والجادة والمنظورة من شتى الجوانب والوجوه.
* هل ترى أن المجلس ومكوناته حالياً تتناسب مع المرحلة الحالية.. أم أن هناك حاجة لتعزيز صلاحيات المجلس؟
- عمر مجلس الشورى السعودي في الوقت الحالي حوالي ثمان وسبعين سنة وقد مر خلال هذه المدة بمراحل عدة تم خلالها تطوير آليات عمله وصلاحياته وتشكيله، ولكن أهم وأشمل مرحلة تطوير شهدها المجلس هي التي صدرت في عهد خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - عندما صدرت الأنظمة الحديثة في عام 1412هـ ومن ضمنها نظام مجلس الشورى وتم بموجبه إعادة تشكيل المجلس وتحديد صلاحياته وتطوير أساليب عمله، وخلال فترة عمل المجلس بتنظيمه الحديث من عام 1414هـ حتى اليوم تم مراجعة بعض الأنظمة واللوائح والصلاحيات وتعديلها في ظل الممارسات والتطبيق العملي لها، ومن أهمها زيادة الأعضاء من ستين عضوا في الدورة الأولى إلى مئة وعشرين عضوا في الدورة الثالثة، وكذلك تعديل المواد السابعة عشرة والثالثة والعشرين من نظام المجلس مؤخرا مما أعطى المجلس مجالاً أوسع وصلاحيات أكثر في اقتراح ودراسة وتنقيح الأنظمة والقوانين، وقد تم ذلك كنتيجة طبيعية لحسن الأداء وتحمل المسؤولية والمساهمة الفاعلة للمجلس وكسب ثقة ولاة الأمر في القيام بما أسند إليه من مهمات على أكمل وجه.
ومما لا شك فيه أن الجميع من ولاة الأمر والحكومة والمواطن ومجلس الشورى على قناعة تامة بأن التطوير المدروس والتطور المستمر لا بد منه فهذه سنة الحياة لكل كائن حي والركود والثبات الدائم لا يكون إلا في الجماد، ومجلس الشورى عضو فاعل في كياننا الوطني الحي والمتطور ولا بد له من مواكبة التطور الذي نشهده في بلادنا لكي يستطيع أن يقوم بواجباته التي أنيطت به، ومع النمو السكاني الكبير في المملكة والتطور العلمي والتقني والحضاري الذي تشهده بلادنا لا بد للمجلس كذلك من النمو والتطور والاستفادة من الامكانات المتاحة لتحمل أعبائه بكفاءة واقتدار وتقديم الرأي السديد والمشورة الناضجة لولي الأمر ودعم أجهزة الدولة الأخرى ومساندتها للقيام بمسؤولياتها كذلك على أكمل وجه.ومن نافلة القول أننا نعيش في عالم يتطور بسرعة هائلة لم يحصل مثلها في عصر من العصور السابقة، فسهولة المواصلات والاتصالات جعلت العالم يعيش ويتفاعل مثلما كانت تعيش قرية صغيرة في الماضي وأصبح العالم بأسره يشهد ويلاحظ تطورات الأمم والشعوب ويلحظ كذلك تخلفها عن الركب أو تأخرها عن مسايرة التطور في محيطها العالمي، والمملكة العربية السعودية ولله الحمد من الدول التي خطت خلال عمرها الوجيز خطوات تطوير شاملة وكبيرة لم تشهدها دول كثيرة على مدى قرون، ولدينا المقدرة للمحافظة على دور ريادي في التطوير والتحديث مع المحافظة على المكتسبات والحفاظ على الثوابت الأساسية في حضارتنا ومنهجنا الذي ارتسمناه منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وهناك أساليب إدارية حديثة مؤسسة على أسس علمية ومجربة في دول شتى ويمكننا في ظل التواصل الحضاري الحاصل اليوم الاستفادة منها واختيار ما يلائمنا ويخدم احتياجاتنا ومقاصدنا، ومن ثَمَّ اختصار زمن التطوير وتجنب تكرار الأخطاء التي وقع فيها الغير وتعظيم الإفادة من التجارب الناجحة في العالم.
* ماذا تقول لأبناء هذا الوطن وأنت منهم في هذا المجلس؟
- أقول لأبناء هذا الوطن الغالي: إن الله منحنا الكثير وأعطانا الكثير وأنعم علينا بالكثير {وّإن تّعٍدٍَوا نٌعًمّةّ اللَّهٌ لا تٍحًصٍوهّا} وإن من نعم الله الجليلة علينا نعمة الإسلام التي تنصهر تحتها كل الفوارق وتذوب كل الاختلافات، ويعم السلام وتسود الألفة والمحبة والتعاون والتراحم في ظل نظام الإسلام الوارف الواضح الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وإن من واجب كل مواطن التمسك بآداب الدين السمحة وتطبيق شرائعه ومقاصده من إشاعة الخير ونشر الأمن والأمان والسلم الاجتماعي والتعاون على الخير لنكون قدوة للعالم، فبلادنا مهد الإسلام ومهبط الوحي والعالم أجمع ينظر إلينا كأحفاد الصحابة رضوان الله عليهم الذين جسدوا مقاصد هذا الدين في حياتهم وأعمالهم وتعاملهم، وواجب علينا اليوم أن نحمل تلك الأمانة الموروثة باقتدار ووعي ونُري العالم جمالها ورونقها ونعرض عليهم هدي النبوة بأسلوب حضاري ومتحضر كما فعل أسلافنا. فمَن يقرأ ويطلع على تاريخ الأمم التي دخلت الإسلام ومعظمها عرفته خلال القرون الثلاثة الأولى من تاريخ الهجرة النبوية اعتنقته عن حب وإقناع وليس عن قهر وإذلال وتقتيل وتشريد. اعتنقه أناس من لغات شتى وأجناس شتى وحضارات سابقة وما ذلك إلا لما لمسوا فيه من الحق والعدل والرحمة ولما رأوا من المسلمين من حسن السيرة ونبل التعامل الذي حبب إليهم هذا الدين.
كما أقول: إن عصرنا الحاضر عصر المنافسة الشديدة في المجالات العلمية والتقنية والإنتاج والهيمنة الاقتصادية وإن أهم عناصر النجاح والتفوق في هذه المجالات هو كفاءة العنصر البشري، فالأفراد المتعلمون والمزودون بالمهارات العالية المصقولة هم أساس نجاح بلادهم وشعوبهم ونجاحهم أنفسهم كأفراد، وتطوير الفرد مسؤولية مشتركة بين الفرد ذاته ومحيطه من مدرسة وحكومة ورجال أعمال ومربين وغيرهم، ولكن أهم العناصر هو الفرد ذاته فالإنسان الذي يحس بقيمة الوقت ويستشعر أهمية وجوده في هذه الحياة يسعى جاهداً لاستغلال كل الامكانات المتاحة له لتطوير ذاته وبذلك يصبح لبنة صالحة في مجتمعه. وقد سئل أحد العلماء المشهورين عن سر النجاح: هل هو الذكاء أم الجهد أم الامكانات المتاحة؟ فأجاب أن تسعين بالمئة من أسباب النجاح تكمن في بذل الجهد والاجتهاد. وأنا أؤيد هذا الرأي؛ فقد أتيحت لي الفرصة للاحتكاك بكثير من الشباب في مرحلة الجامعة ومراحل قبلها وبعدها ورأيت أن السر الكبير في النجاح هو بعد توفيق الله في بذل الجهد والاجتهاد والعمل الدؤوب للاستفادة من الامكانات المتاحة مهما كانت محدودة. ومَن يقرأ في سير العلماء المشهورين والمخترعين الأوائل ورواد النهضة في كل العصور يرى أنه لم تتح لكثير منهم أو كلهم امكانات لا محدودة ولكنهم كانوا مجتهدين وجادين ويتحلون بالصبر والمثابرة وعدم التماس الأعذار لأنفسهم، بل كل منهم جدّ وعمل بما تيسر له ووظفه في خدمة أهدافه النبيلة حتى حقق بعض مقاصده وأهدافه، فالإنسان العظيم تكون أهدافه كبيرة وعظيمة ونافعة له ولغيره. ولذلك أقول لكل فرد في بلادنا الحبيبة: عليك بالجد والاجتهاد والمثابرة وعليك بالاستفادة القصوى من الوقت والامكانات المتاحة، فإن الله سائلنا جميعاً عما أعطانا وماذا عملنا فيه.. فماذا يكون الجواب؟.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved