Friday 9th January,200411425العددالجمعة 17 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

رياض الفكر رياض الفكر
عينه.. آه منها
سلمان بن محمد العُمري

عندما يتحدث الإنسان عن العين، قد يظن البعض ان في الموضوع غزلاً، قد يتوقع بعضنا أننا نتحدث عن جمال نكتشف أسراره يوماً بعد يوم، ولكن الأمر لا هذا ولا ذاك، فالعين عين من وجهة نظر أخرى، إنها العين عندما تصبح مكمناً للشر، ومنبعاً للظلمات -والعياذ بالله-، فتفقد بريقها لتحل مكانه نيرانها، وتفقد جمالها ليسيطر قبحها، ويزول وهجها لينبعث مكانه القذى «الغمص» والعياذ بالله.
تلك هي العين الحاسدة، العين التي ربما أصابت - والعين حق- والواجب الاحتياط منها، وهي لصاحبها تدل على ضعف إيمان وقلة تقوى -والعياذ بالله-، إنها العين التي قد تؤذي الغير، ولكنها تورد صاحبها موارد الهلاك والبوار، موارد الضياع والخسران.
ما أكثر القصص التي تتحدث عن ذلك، وكلها قصص من الواقع تعرض أصحابها لمواقف من أصحاب العيون الظالمة، وكانت النتيجة خسائر دنيوية على شكل فقد مادي أو اعتلال جسدي أو ما شابه ذلك، ولكن لا بأس أحبتي، فالخاسر الحقيقي هم أصحاب العيون أنفسهم، إنهم أخرجوا أنفسهم من ظلال الإيمان الحقيقية ليدخلوا ظلمات ومتاهات الحسد والحقد.
لقد علمت من خلال حياتي وخبرتي العملية المتواضعة ان هؤلاء الحاسدين يتوزعون على مختلف شرائح المجتمع فمنهم الغني ومنهم الفقير، ومنهم صاحب المركز ومنهم الوضيع، ومنهم الطبيب ومنهم المريض، ومنهم هذا وذاك، وكل أولئك جمعهم عامل واحد، ألا وهو عامل ضعف الإيمان والحسد وأذية الآخرين.
بعضهم يحدث ذلك منه بدون قصد، وبعضهم يتلذذ بافتراس الضحايا، يقول الله تعالى بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {قٍلً أّعٍوذٍ بٌرّبٌَ الفّلّقٌ، مٌن شّرٌَ مّا خّلّقّ، ومٌن شّرٌَ غّاسٌقُ إذّا وقّبّ، ومٌن شّرٌَ النَّفَّاثّاتٌ فٌي العٍقّدٌ، ومٌن شّرٌَ حّاسٌدُ إذّا حّسّدّ}.
لقد وصف الحق -عز وجل- تلك الفعلة التي تنطلق من الحاسد بأنها شر، وما جزاء الشر إلا سوء العاقبة.
إن علاج القضية في نظري يكمن في زاويتين، الأولى تتعلق بنا كلنا من خلال تحصين أنفسنا بالذكر والدعاء، والاتكال على الله، وإخلاص نيتنا له سبحانه، والاعتماد عليه في كل أمورنا، والاستعاذة به من هذه الشرور وغيرها، وتجنب هؤلاء الأشرار، والثانية تتعلق بالحاسد نفسه الذي يجب علينا أن نبعده عن هذه الأذيات، وذلك حرصاً على نفسه -قبل كل شيء-، بشتى السبل من الوعظ والهداية والدعوة والإرشاد، وتقديم النصح المباشر واللامباشر، وفي هذا المجال فإن دور الأمة كلها مطلوب من علماء وطلبة علم، وأشخاص أفاضل، وأقارب وأهل، واخوة مخلصين، كل هؤلاء مطلوب منهم ان يأخذوا بيد هذا الضائع نحو طريق السعادة، وأن يقدموا له طوق النجاة، مع معرفتنا الأكيدة بأن الهداية ليست بيدنا، وإنما ربما نكون نحن سبيلا لها، فالهداية من الله تعالى، ولا نستطيع ان نهدي بإرادتنا من أحببنا هدايته إلى مدارج التوفيق، ولكن الذي بأيدينا واستطاعتنا هدايته بالدلالة والإرشاد ومن ذلك دلالة أمثال هؤلاء العائنين بأن عليهم إذا تاقت نفوسهم إلى شيء أن يقولوا ما شاء الله تبارك الله.
إن في هذا المجال زاوية أخرى يجب أن نأخذها بالاعتبار ألا وهي تنبيه اخوتنا لمعرفة هؤلاء الحاسدين ليتجنبوا شرهم وعيونهم، وهذه التنبيه ضروري ما دام الهدف رضوان الله تعالى وليس التشهير، وبه نحمي اخوتنا، وبنفس الوقت يكونون عوناً لنا في ردع الحاسد ورده إلى جادة الصواب، وما توفيقي إلا بالله.


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved