Monday 5th January,200411421العددالأثنين 13 ,ذو القعدة 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

عبير في مداخلة على الدكتورة خيرية عبير في مداخلة على الدكتورة خيرية
أشعلتِ ناراً ما آن لجمرها أن يبرد ولا لهيبها أن يهدأ

ورد في العدد «11407» بتاريخ يوم الاثنين 1424هـ مقالة للعذبة أبداً الدكتورة خيرية السقاف.
حروف.. لا يكتبها الا قلم متمرس مدرك.. وعاطفة شفافة لا تخص الا المبحرة نحو الصدق الدكتورة الفاضلة خيرية..
لست في مدح.. ولا ثناء.. اقف في لحظات تجلٍّ صادقة لا تعرف كيل المديح ولا اغتنام فرص الثناء.. لكنها الفرص البيضاء لمن هم اكثر بياضاً.
الدكتورة خيرية اشعلت ناراً ما آن لجمرها ان يبرد.. ولا صار للهيبها ان يهدأ مع برودة الرياض هذه الايام.
عن العطاء الكتابي ولي معه وقفة طويلة قد لا استطيع ان اصف مرارة ما يحدث.
لكنه حديث الجمال يسرقني لأن اعطي للروعة مكانها وللبهاء سيدته فأنت لست مجرد استاذة وقفنا معها في محاضرة أجبرتنا المناهج الدراسية ان ننهل منها، أنت جامعة.. يا سيدتي منذ ان تهادت الخطى مبنى «15» في جامعة الملك سعود وأنا أرقب لحظات حاسمة أن ألتقي ذلك الوجه الذي قرأته. .وما رأيته.. حتى نزل صوتك الملائكي هادئاً ينتشر بين ثنايانا حواراً يطول.. كنت تصنعين للحروف معاني.. وللمعاني كلمات عمرنا الصغير وعظمة وجودك لا يسمحان الا ان نتكلم بطلاقة وحرية ونناقش.. كنت تهديننا شيئاً آخر ما استطاع احد ان يعطينا إياه.. طوال سنوات الدراسة كنت تمشطين الامل في مفارق احلامنا.. وتحيطيننا باهتمام وهم.. اهتمام بكل دقائق امورنا البسيطة وهم كلما لاحت في افق سماء الادب لائحة.. وتواصلنا لأنك عظيمة وكذا العظماء لا يتركون عواصم مدنهم تذبل مع زمن المفارقات والاختلافات والتباعد.. والتناسي.
صوتك كان ينزل مطراً كلما كان ذاك الحوار الهاتفي..
انقطعنا..
واتصلنا..
استاذة بحجم جامعة كلما رأتك عيوني في اي مكان مصادفة يجمعنا أرى كومة حنان وأرتالاً من اهتمام..
تتابعين مشواري الصغير بتوجياتهك وحروفك البيضاء..
أنت كذا.. مع عبير وغير عبير..
وحيث كان اصداري الثاني وتعليقك الابيض الذي ابهجني في وقت ضاعت فيه البهجة وفقدنا الكلمات الصادقة بين افواه البشر.. الذين يعنوننا ونعنيهم، فكيف بالآخرين الذين لا نعنيهم.. ويهمني ان اسمع اطراء.. لعله بي يليق واهتماماً أنت به موكلة دائماً.
سيدتي..
رفعت كل الرايات البيضاء.. ومن أروقة الصحف سحبت اسمي ورسمي.. ولن يكون بعد هذا الحرف حرف آخر.. جمعت كلماتي وحروفي وصرت بها احتفل وحدي.. صحافتنا حزبية شللية..
الحروف الهشة تظهر وتفرد لها مساحات عريضة ويطبل لها المطبلون.. ويمدحها المادحون..
واقلامنا المسكينة لأنها لا تنتظر الا ان تنشر سماء ادب وافق ثقافة.. يزاحم حضورها وترمى بين اروقة النشر بلا اهتمام حتى تموت.. ليبقى غيرها.. يقتات من وجودها النظر. سيدتي.. عشت اجمل لحظات النشر الاولى في اروقة «الجزيرة» وكانت بيتي وغابة حلمي منذ ان كانت البدايات صغيرة يحمل أبي «حفظه الله» خربشاتي الصغيرة ويقول «ذا إبداع ابنتي» تواصلت سنوات طوالاً مرت من زاوية لي.. مسكينة على كل الايام.. واهملت لعدة اشهر وخنقها حضور باهت تارة الزاوية هنا وتارة هناك.. لست جاحدة لاهتمام القائمين على الملحق الثقافي مع عبير وغيرها.. ووقفات بيضاء ومحاولات دؤوبة لأن اكون.. لكني ما وجدت تقدير السنوات العشر التي مضت ما فارقت الجزيرة الا لها.
صحافتنا لا تعترف بوجودنا أبداً ولا تقدر عطاءنا.. واذا متنا مَجَّدونا بمقالات باكية ومتباكية.. ثم نسوا إرثنا الادبي..
صحافتنا باهتة.. لا شيء فيها يغري.. ماتت تلك المساجلات والاختلافات المثمرة بين الادباء، على صفحات الصحف.
وصارت الكتابة مهنة.. اكثر من انها عطاء ودور انساني تثقيفي لمجتمع نحن عنه مسؤولون.. تشتتت آراء الآخرين عن الكتاب. صارت العملية ديناميكية باهتة، لا تكتب الا من اجل حضور مملول او اجر مدفوع او مقالات عفا عليها الزمن لأفكار تعيسة.. او من وكل بالهجوم الباهت على الدين والتطاول على العلماء.. او من كان يستميت ليصل واذا وصل فجع بما يحدث من ترهات مزعجة.. او من يكتب مناضلاً ومدافعاً لعله لا يتراجع مثلما فعلت أنا.
الكتابة فقدت قيمتها مع بعض الطروحات الباهتة.. والصحافة ما اعطتنا حضورنا الذي نتمناه او على الاقل نستحقه.. لذا كل الرايات مرفوعة.. فهو ليس استئذاناً بالانصراف كما فعل «هيكل» لكنه إلزام بالانسحاب القسري امام تقدير مفقود وعطاء منثور في هواء ملوث..
لذا..بكل حزن الكلمة وبكل مفرداتها التي الآن تخون.. أنا من صحافتنا انسحب.. اعلن انهزامي.. ولا بواكي عليَّ.. ادرك ذلك.. لكنه تقدير لذاتي الكسيرة، فلا شيء يستحق.. ربما أحلق وأسافر مع كتابة اكتبها صباحاً وأتلوها في نشيد عزاء ليلاً على ذاتي.. حتى من يقرأ ما عاد يسمع يا سيدتي.. حتى من يطرب.. ما صار يعجبه الحداء الحزين.نكأت جرحاً.. واشعلت ودّاً لك لا ينطفىء.. حب لك لا ينقطع.. يا سيدة البهاء.. دمتِ وسلمتِ..

عبير عبدالرحمن البكر


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved