تزامن انطلاق فعاليات دورة الخليج السادسة عشرة لكرة القدم تقريباً مع انعقاد القمة الخليجية ال«24»، في وقت تمر فيه المنطقة الخليجية تحديداً بالعديد من التحديات والاحداث السياسية والأمنية، عدا سلسلة أخرى من الملحّات الاقتصادية والاجتماعية.
** ويأتي على رأس ذلك كله ظاهرة الارهاب، وما يجري على أرض الرافدين من تداعيات فرضتها التركة الصدامية البغيضة، فضلاً عن قضية العرب الأولى.. قضية فلسطين.
** وبما ان الأحداث والأيام والتجارب، قديمها وحديثها قد أثبتت أننا كخليجيين أحوج ما نكون إلى بعضنا البعض في كل الأوقات.. واننا أحوج ما نكون إلى ذلك عند الأزمات والملمات والنوازل.. وان لا أحد منا سواء كيانات أو شعوب أو حكومات يستطيع العيش في معزل عن بقية المنظومة الخليجية المباركة.. حيث التمازج في اللغة والعادات والطباع والجغرافيا والمناخ، فضلاً عن التجاور الأزلي.. وفوق ذلك كله، وحدة الدين والمصير.
** من هذه البديهيات والمنطلقات يجدر بنا استحضار المصطلح الذي يقول «إن الرياضة تصلح ما أفسدته السياسة».. ولعلي أضيف من عندي «إن الرياضة قد تصلح ما تفسده الممارسات والتعاطيات غير المحسوبة بدقة.. سياسية كانت أم غير سياسية»، وقد تزيد الأمور تعقيداً «؟!»
** وبما ان العلاقات الخليجية الخليجية أضحت من النضج الفكري والسياسي بحيث لم تعد قابلة لأية اختراقات أو حماقات سواء من الداخل أو الخارج.. وبالتالي افتراض عدم حاجة تلك العلاقات لأن تستدعى وتستنفر الرياضة لإصلاحه.
** لذلك أرى أن الرسالة أو المهمة الأبرز والأسمى لخليجي «16» تتعدى آفاق التقليديات والممارسات المتعارف عليها في مثل هذه المناسبة.. وان تتجاوز أطر المكاسب والخسائر الكروية إلى دعم وتعزيز مفاهيم «الأسرة الخليجية الواحدة»، كذلك فإن من أهم وأكثر الضرورات الالحاحية الماثلة أمام هذه الدورة.. هو تفويت أية فرصة يمكن أن تُستغل من قبل المتربصين بالشأن الخليجي.. والذين دأبوا على تضخيم أية سلبية خليجية مهما كانت ضئيلة حتى وإن كانت على نطاق كرة القدم «؟!».
** كذلك أرى أن مسؤولية تحقيق جملة من المكاسب العامة والهامة دون المساس بأهداف وجوهر الدورة.. تقع بالدرجة الأولى على كاهل اللجنة المنظمة.. يليها الاتحاد الشقيق المستضيف للدورة.. ولا نعفي رؤساء الوفود المشاركة من تحمل مسؤولياتهم كل في موقعه، وفي حدود اختصاصه.
** ولأن تحقيق تلك الأهداف السامية أيسر من أن «يحك» أحدنا راحة كفّه.. ذلك أن الأمر لا يتطلب أكثر من ضبط أي انفلات سواء داخل الملعب أو خارجه بحزم وقوة.. علاوة على تقنين التعاطي مع الإعلام، وبخاصة ما يتعلق بالتصريحات، وحصرها في اطار المقبول من الألفاظ، والذي لا يخرج عن نطاق التنافس الميداني الشريف.. بعيداً عن العنتريات والاثارة والاستفزازات وما يدور في فلكها من أساليب بالية قد تثمر وتفيد على الصعيد الضيق، ولكنها حتماً تضر كثيراً على الصعيد العام.
** فهل يتم استثمار هذه الدورة لتصحيح العديد من أوجه القصور والممارسات الخاطئة السابقة، والتي لم يقتصر تأثيرها عند حدود كرة القدم «؟!»، أرجو ذلك.
هل يرعوي هؤلاء؟!
** العديد من الزملاء الكتاب والنقاد الرياضيين الذين انساقوا خلف تقليعة مجالسة المعلق خلف المايكرفون أثناء سير المباريات بحجة تحليل الأحداث.. وتحديداً بعضهم يوقعون أنفسهم سواء عن قصد أو عن غير قصد في مآزق ما أنزل الله بها من سلطان.. ولم يكن ثمة حاجة للوقوع فيها أياً كانت المبررات «؟!»..
** فالمتلقي تعود على أن يجد في ثنايا الكثير مما يطرحه هؤلاء الزملاء من خلال الصفحات الرياضية الكثير أيضاً مما يستحق القراءة.. وبالتالي فهو يحتفظ لهم بذكرى طيبة، وبقدر لا بأس به من الاحترام والثقة.. إلا أنه سرعان ما يسحب تلك القيم بمجرد أن يظهر ذلك الزميل من خلال المايكرفون في وضع أقرب إلى المشجع المتواجد في المدرج منه إلى المحلل الذي يفترض أن يمتلك من الأدوات والوعي ما يؤهله لمخاطبة شريحة عريضة من المجتمع مختلفة الثقافات والرؤى والانتماءات الرياضية «؟!!».
** عندما بدأت التجربة التمسنا لهم الأعذار على اعتبار أنها البدايات.. وقلنا لا بد أن يعتريها شيء من الارتباك والعك المبرر.. ولكن يبدو أن القضية لا علاقة لها بأي من تلك الأعذار.. حيث استمر الوضع بالسير من سيئ إلى أسوأ.. إلى حد أن بعضهم يبدو كمن يستغل الموقف ليقول ويردد أشياء تختلف كلية عن تلك التي يضمنها طروحاته الصحافية، ربما لعلمه بأن جمهور المشاهدين لا يقاسون عددياً بجمهور القراء.. إذ لا مجال للمقارنة العددية بين آلاف المشاهدين، وبين عشرات.. وفي أحسن الأحوال مئات القراء «؟!».
** لقد أذهلني الزميل الذي تولى المهمة التحليلية جنباً إلى جنب مع معلق لقاء يوم الجمعة الماضي.. وتعجبت كثيراً من جرأته على قلب الحقائق الماثلة وكأنه يخاطب ثلة من العميان، فضلاً عن انحيازه الفاضح لأحد طرفي اللقاء بصورة مخجلة، إلى حد وصفه بالمتميز الذي يسعى للتعادل.. فضلاً عن محاولة ايهام المشاهد من خلال تكرار الاشادة بالقدرات المهارية التي يبديها ويجسدها عناصر الفريق الذي ينحاز إليه حتى في ظل تواريهم كلية وانهزامهم.. تلك المهارات التي لم يشاهدها سواه «؟!»..
** كل ذلك كان على حساب المشاهدات الماثلة.. وعلى حساب النجوم الذين حرثوا الملعب طولاً وعرضاً، وملؤوا أرجاءه فناً وعطاءً قلبوا من خلاله الطاولة ليس في وجه المنافس المحترم.. وإنما في وجه هواة التملق الرخيص، بمن فيهم ذلك المتغطرس الذي كتب في يوم المباراة ما نصه «الهلال يسعى إلى العودة بنقطة ثمينة أمام الاتحاد»؟!!
** عموماً: لا أحد يملك حق التحكم في رغبات الناس الخاصة.. في مقابل حق الجميع في رفض الاستخفاف بعقولهم، وبما يشاهدونه بأم أعينهم تحت أي مسمى.. وانه على كل من يتصدى للحديث إليهم أو باسمهم أن يضع رغباته وتراكماته جانباً عندما يتولى مهمة بمقدور المشاهد العادي جداً كشف كلما يجري خلالها من سلبيات وايجابيات، ناهيك عن الالتفافات والاعتسافات «؟!».
** فهل يرعوي هؤلاء الزملاء.. فينصفوا أنفسهم قبل أن ينصفوا القطاع الإعلامي الذي يمثلونه.. وذلك من خلال الالتزام ولو بقدر يسير من الحيادية والموضوعية عندما يكونون خلف المايكروفونات، عوضاً عن الوقوع في مغبة المداهنات والمجاملات التي تنال من قدر وقيمة الصحافة ومنسوبيها «؟!»
الخاسر الأكبر؟!
** بعيداً عن دلق الأسئلة التي من بينها: هل هناك خطأ ما.. وإذا كانت الإجابة ب«نعم» فمن يا ترى يقف خلف ذلك الخطأ.. بعيداً عن ذلك كله.. إلا أن الشيء الذي أنا متيقن منه تماماً أنكم معي في أن ثمة أكثر من خاسر.. ولكن يظل عبدالله الباهلي هو الخاسر الأكبر والأوحد في موضوع مشاركته للمحرق.. فلا هو طال عنب الشام ولا بلح اليمن «؟!!».. ولن أقول مثلما يقول المثل الدارج، وإنما أقول «تعيش ولا تأكل غيرها»
إشارة
** قد يضطر الكاتب إلى عدم المشاركة في مناسبة بطولية كبيرة وغالية حتى بكلمة «مبروك» لكي يدرأ عن نفسه المزيد من العقوبات.. فعذراً يا قرائي الأعزاء إن تحولت مرغماً إلى «أحد طرشان الزفة»؟!!
|