هذا العنوان يعني أن الخطر موجود ومتحقق من العمالة الأجنبية الوافدة على الأخلاق والثقافة والأمن ولكن هل من الإنصاف أن نتحدث عن خطر هذه العمالة وسلبيات وجودها دون الحديث عن إيجابيات هذه العمالة والدروس والعبر التي ينبغي أن نتعلمها منها، ونتساءل أولاً أي العمالة الوافدة نقصد؟ هل العمالة الوافدة التي تصب البنزين في السيارات؟ أو العمالة التي تكنس الشوارع أو العمالة التي تعمر البيوت وتشيدها؟ أي عمالة نقصد؟ هل العمالة هي الموظفون في المكاتب والشركات والمؤسسات؟
سأتحدث أولاً عن الإيجابيات وذلك لملاحظتي أن بعضنا يصاب بالتكبر والعنجهية إزاء كل ما هو غير سعودي، نعم لنا كثير من الميزات والحمد لله ولكنها لا ينبغي أن تصل بنا إلى حد الغطرسة والكبرياء والعجرفة، ولذلك أقول إن من إيجابيات العمالة الوافدة حرصها على العمل المهني فهم يعملون في معظم المهن إن لم يكن كلها، كذلك شدة دأبهم وحرصهم على الوقت فهم يعملون أكثر من عشر ساعات يومياً وقد يصل الأمر ببعض العمالة الوافدة العمل أكثر من خمس عشرة ساعة في اليوم.
كما يعجبني في العمالة الوافدة أنها تقبل أن تعيش حياة متواضعة من أجل التوفير ومسألة التوفير مسألة حساسة فقد ورد في القول المأثور (ما عال من اقتصد) فهم يعرفون كيف يقتصدون بحق ويدل على ذلك تحويلاتهم في البنوك والمؤسسات المالية.
ويعجبني في العمالة الوافدة حرصهم على تعليم أبنائهم فهم يعيشون حياة الضنك من أجل أن يوفروا لأبنائهم فرص الدراسة في المملكة في المدارس الخاصة أو في الخارج في الجامعات.
ويعجبني في العمالة الوافدة حرص معظمهم على توظيف أبناء جلدتهم فلو كان في المؤسسة مدير من بلد ما لوجدت تلك المؤسسة تكثر فيها العمالة من بلد ذلك المدير أو الرئيس.
أما الحديث عن السلبيات فهي تختلف بين فئة وفئة وهذا يقتضي أن نقسم البحث الى أقسام نتناول كل فئة من العمال على حدة أو يمكننا أن نوجز الحديث عن خطر كل فئة.
سأبدأ الحديث بالخطر الكبير على الثقافة والهوية، من أهم مكونات الهوية في هذه البلاد الدين واللغة، فإن كان العمال قد أتوا إلى بلادنا من بلاد يضعف فيها تطبيق الإسلام أو إن هذا التطبيق وصل إلى قريب من درجة الصفر أو حتى أن الإسلام أضحى محارباً عندهم، فمن يأتينا سيكون بلا إسلام - إلا من رحم الله، وقليل ما هم - فإذا جاء إلى المسجد جاءه بلا وعي بما ينبغي له أن يفعله إذا دخل المسجد أو حتى قبل دخوله فكم منهم من يعرف الوضوء معرفة صحيحة؟ ثم إذا دخل المسجد فهم قليلا ما يعرفون للمساجد حقوقها وحرمتها، وإن رأيتهم يوم الجمعة رأيت عجبا يتكلمون والإمام يخطب، أو يقوم بعضهم بترتيب بضاعتهم في أثناء إلقاء الخطبة على أبواب المساجد، بل أكثر من هذا فبعضهم يتعاطون البيع والشراء والخطيب على المنبر، ناهيك عن الكثير منهم الذين يأتون الى المسجد بلباس النوم.
وقد يحدث من جراء الاختلاط بالعمالة الوافدة أو الوافدين على مختلف تخصصاتهم ومستوياتهم تأثرنا بهم عقدياً، فهؤلاء لم يتلقوا العقيدة صافية زكية كما يتلقاها طلابنا في المدارس وفي الجامعات بل هم خارج المملكة يواجهون كثيراً من الممارسات العقدية الخاطئة التي لا بد أن بعضنا تأثر بها.
أما الممارسات المخالفة للدين فهي تنقلهم مع زوجاتهم في الأسواق والنساء سافرات وبخاصة منهم القادمين من بلاد عربية إسلامية فكثير من نسائهم لا يعرفن الحجاب المعرفة الصحيحة، أضف إلى ذلك أنهن ربما لا يعرفن معنى أن لا يخضعن بالقول، ويكون الرجل يسير إلى جوار زوجته أو ابنته أو أخته وهي سافرة ولا يهمه ذلك مطلقا وكأنه يسير مع رجل آخر.
وجانب آخر لتأثير العمالة الوافدة يتمثل في اختلاطهم بالأسر السعودية حيث أدخلوا إلى مجتمعنا نوعاً من الاختلاط الاسرى غير المنضبط بالضوابط الشرعية فيجلس الرجال مع النساء ويكون الاختلاط المذموم، وقد يصل الأمر إلى أبعد من هذا حيث تحدث ممارسات غير شرعية من جراء هذا الاختلاط.
وننتقل إلى الجانب اللغوي فالعمالة الوافدة التي أتت من بلاد إسلامية غير عربية قد أحدثت كارثة في اللغة العربية فنحن نضطر أو نزعم أننا نضطر الى عوج ألسنتنا ليفهمونا فنؤنث المذكر ونذكر المؤنث ونقدم ونؤخر ونحذف ونضيف حتى إن اللغة التي أصبحنا نتحدثها لا تمت إلى العربية بصلة.
لا أريد أن أتحدث عن الأخطار دون أن أقدم بعض المقترحات التي أراها مفيدة فمنها أنني رأيت في الولايات المتحدة الأمريكية وقبل أكثر من ثلاثين سنة معاهد ومدارس ليلية حكومية تقدم دورات في اللغة الانجليزية وفي بعض المهارات المختلفة برسوم رمزية وتفتح للأمريكان وغير الأمريكان، والرسوم كانت فيما أذكر - وقد دفعتها لدراسة الآلة الكاتبة - ربع دولار فقط، ألا يمكننا أن نفرض على الشركات التي تأتي بالعمالة الأجنبية أن تسهم في إنشاء هذه المعاهد؟
والأمر الثاني أن نقدم في أثناء هذه الدورات في اللغة العربية بعض المحاضرات عن الدين الإسلامي نقدم لهم الأساسيات بأسلوب مرن بعيداً عن التعقيدات والتشدد والغلو.
|