من منكم لم يطله السأم من محاولات البعض الحثيثة والمصرة على تسييس أسباب توجهنا نحو تطوير مناهجنا الدراسية وربط ذلك بكونه نتيجة للضغوط الخارجية خصوصا ما ارتبط منها بتداعيات أحداث 11 سبتمبر؟. حدث ويحدث ذلك رغم تواصل نفي المسؤولين وتأكيداتهم القاطعة بأن لا علاقة بين هذا وذاك وكان آخر ما صدر من هذه التأكيدات ما صرح به صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز حفظه الله في حديثه مع وكالة الأنباء السعودية الذي نشرته جريدة الجزيرة في عددها رقم «11390، الجمعة 11 من شوال»، حيث نفى سموه الكريم أية علاقة بين تطوير مناهجنا وما حدث من أحداث إرهابية عالمياً، مؤكداً أنها ليست ردة فعل البتة بل هي ضرورة تفرضها معطيات التطور والتحديث، وسوف تستمر ضمانا لمواكبة الجديد من التطورات العلمية والمعرفية بما يحفظ للأمة عقيدتها ومقوماتها الأساسية ويتفق مع حاجة المجتمع مما لا يتعارض مع ثوابت عقيدتنا وقيمنا الاجتماعية.
هذا وبعد ان قرأت تصريح سموه الكريم القاطع للتقولات والتخرصات غير المسؤولة عقدت بدوري العزم على البحث عن أدلة «علمية» من شأنها فقط تجلية اليقين من ناحية علمية قاطعة، فكان أن قررت البحث في «بطون» بعض المجلات العلمية الرصينة التي صدرت ما قبل 11 سبتمبر خصوصاً منها ما يُعنى بشؤون التعليم والتربية في دول مجلس التعاون. وبعد تنقيب مضن عثرت بفضل الله على ما كنت أبحث عنه.. فماذا يا ترى وجدت..؟!
حسناً لقد عثرت على العديد من الأدلة من ضمنها ما ورد في مجلة فصلية محكمة تعنى بالدراسات التربوية والثقافية العامة وتصدر عن مكتب التربية العربي لدول الخليج وتلك هي مجلة «رسالة الخليج العربي، العدد 68، جمادى الآخرة 1419ه 1998م، ص ص 201 207». فنقلاً عن جريدة المدينة «5/5/1419ه» أوردت هذه المجلة تحت عنوان «تغيير شامل في بعض الكتب الدراسية في السعودية» تقريرا وافيا شغل ما يقارب سبع صفحات..، ولضيق الحيز فسوف اكتفي هنا بايراد مثالين فقط عما ورد في ثناياه من بنود الاصلاحات التي كانت وزارة المعارف «التربية والتعليم حالياً» في خضم تنفيذها وقتذاك، أولاً: تعديل وتجديد المناهج الخاصة بمواد التربية الإسلامية: ومن ضمن بنود هذا التوجه: التركيز على تخريج الأحاديث الصحيحة والاكتفاء بالصحيح منها.. وثانياً: تعديل كتب ومقررات العلوم والرياضيات بناء على ما اقترحته العديد من الندوات والمؤتمرات العلمية المحلية خصوصاً منها الدراسة التي قامت بها لهذا الغرض مدينة الملك عبدالعزيز للتقنية بالإضافة إلى توصيات ندوة تعليم الرياضيات التي عقدتها جامعة الملك سعود في أواخر عام 1417ه. هذا وقد أبان هذا التقرير أن الوزارة المعنية قد عقدت العزم على اخضاع «عموم المقررات لتقويم شامل سيشارك فيه الطلبة والمعلمون وأولياء الأمور والتربويون».
إذن ما رأيكم في المحاولات الرامية إلى تسييس هذا التوجه التعليمي/ التربوي الخالص الذي بدأ العمل به منذ عام 1419ه بل وبدأت مناقشة أبعاده وحيثياته منذ عام 1417ه؟.. ومتى بالله عليكم! حدثت أحداث الحادي عشر من سبتمبر؟ وما هي الآن حجة أنصار الربط الغوغائي بين تطوير مناهجنا والأحداث الإرهابية المذكورة..؟!
اللهم احفظ لنا وطننا ورد كيد من أراد به شرا إلى نحره...
| 
