Sunday 14th december,2003 11399العدد الأحد 20 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

دفق قلم دفق قلم
نعم للجهاد في سبيل الله
عبدالرحمن صالح العشماوي

حينما تحتدم الفتن، ويدلهمُّ ظلام الأحداث، ويختلط حابل الأفكار بنابلها، وآخر الأمور بأوَّلها، وحينما يركب الإنسان بجهله وظلمه وتطاوله أسوأ المراكب، وتستوي في نظرته المشارق والمغارب، وتختلُّ في ذهنه المقاييس، وحينما يكون الحق واضحاً بارزَ المعالم، ويأبى كثير من الناس إلا طريق الباطل ودروب المحارم، فإنَّ الأذهان تحار، والقلوب تهتز والصدور تضيق، وتفتح الأبواب لكل ناعق يردِّد بصوته النشاز ما يريد، ويدَّعي أنه يحسن التغريد، وتتعالى أصوات خارجة على «الفطرة» السليمة، تناقش وتحاور، وتبارز وتناور، وتقول كلاماً تنفخ فيه بعض وسائل الإعلام حتى يشرِّق ويغرِّب، ويؤذي مسامع أهل العقول والأفهام، كما يؤذي مسامع الملائكة الكرام، بما فيه من مصائب عظام، تغضب ربَّ الأنام.
في هذه الحالة يكون قول الحق ممن يملك العلم والحكمة واجباً لا يجوز تركه والتفريط فيه، بحجة السكوت التي يتضمنها قول الشاعر:


إذا نطق السفيه فلا تجبه
فخيرٌ من إجابته السكوت

وقول الآخر:


ولقد أمر على السَّفيه يسبّني
فمضيت ثَمَّتَ، قلتُ لا يعنيني

وقبل ذلك كلِّه، وأهمّ منه وأولى وأجدر، قول الله تعالى:{وّإذّا خّاطّبّهٍمٍ الجّاهٌلٍونّ قّالٍوا سّلامْا}.
أقول: لا يصح - في حالةِ الاضطراب والفتن - التي تموج بها وسائل الإعلام الفضائية موجاً، وتنقلها إلينا الصحافة فوجاً فوجا، أن يسكت أهل العقل والرأي والحكمة، والفقه والعلم والمعرفة، محتجين بمنطق السكوت عن الجاهلين».
فهنالك فرقٌ بين استخدام أساليب السبِّ والشتم، ومواجهة الجاهل والسَّفيه - بمثل ما يقول - وهذا ما لا ينزل إلى مستواه أهل الفضل -، وبين بيان الحق الواضح الصريح، والردِّ العلمي الرزين على أهل الثَّلْب والإساءة والتجريح، من كتَّابٍ في عالمنا الإسلامي، ومتحدِّثين في عالمنا العربي، يكتبون ويتحدَّثون في أمور علمية دينية فقهية، وهم لا يفقهون، وكيف يفقهون وهم يتفاخرون بأنهم تتلمذوا على يد أساتذة من متعصبي اليهود والنصارى، وروَّاد الإلحاد الفكري، والانحراف الثقافي في أوروبا وأمريكا، فذلك يفاخر بأستاذه الملحد «جن جان» والآخر بأستاذته اليهودية «شن شان» والثالث بأستاذه الصليبي «خن خان» وهكذا يستمر اللف والدوران، وعقلاء الأمة وعلماؤها يردِّدون:
ولقد أمر على السفيه يسبّني..
نعم، العاقل لا يرد على السفيه بألفاظ سفاهته، ولا على الجاهل بعبارات جهله، ولكنه يقوم بواجبه الإيضاح والبيان، والتوجيه الصحيح لما يدور من الأحداث في هذا الزمان.
«الجهاد» كلمة نملأ بها الأفواه، ونرفع بها الصوت، ونؤكد - دائماً - أن ذروة سنام الإسلام، كما قال رسولنا عليه الصلاة والسلام، ونؤمِّن أنَّ من لم يجاهد ولم يحدِّث نفسه بالجهاد يموت ميتة جاهلية، ونترحَّم على أولئك الذين جاهدوا أعداء الإسلام جهاداً واضحاً صافياً نقياً في أي مكان من هذا العالم، ونرجو لهم أن يكونوا من الشهداء، ولكننا مع ذلك - وبالمنهج نفسه - نرفض الاعتداء والظلم والإرجاف وقتل الأبرياء والمعاهدين، والإسراع إلى التكفير والتفسيق، وإشاعة الفتن، وإشعال نيران الاضطراب، والخوض في أوحال «الإرهاب» بمعناه الواضح المطروح الآن في العالم، وبصورته المؤلمة التي لا تفرِّق بين مواجهة المحتل الغاصب الغاشم، وبين تهديم البيوت على الصغير والمرأة والغافل النائم.
يجب أن تكون لغتنا واضحة كل الوضوح، مشرقة كلَّ الإشراق، وأنْ نبصِّر الناس بالفرق الكبير بين جهاد شعب أو مجتمع أو أمة ضدَّ عدوٍّ يقتل ويسلب ويدمِّر ويقصف بطائراته ودباباته، وصواريخه، وبين إرهابٍ يستهدف مواقع آمنة مؤمَّنة بعهودٍ وعقود.
قال لي أحدهم: لقد ناصرت بشعرك الجهاد في أفغانستان، وأنت ترى بعد ذلك ما حصل وما جرى، قلت له:


لا تلمني حين ناصرت الجهادا
أنا ما ناصرتُه إلا جهادا

الجهاد في سبيل الله حقٌّ لا شك فيه، وهو قائم على أسسٍ واضحة لا مراء فيها، تنطلق مواكبه عبر العصور وهي تحمل لافتةً كبيرةً فيها: «لا تقتلوا شيخاً ولا امرأة ولا طفلاً ولا عابداً في صومعته، ولا تحرقوا شجراً»، وبهذا تظهر الحقائق، وتغلق أبواب فتاوى المتعالمين..
إشارة


إنْ كان بُعْدُ المرء عن إيمانه
داءً فإنَّ القربَ منه علاجُ

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved