Sunday 14th december,2003 11399العدد الأحد 20 ,شوال 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

«رنية» حلقة الربط بين مكة والرياض والباحة وعسير «رنية» حلقة الربط بين مكة والرياض والباحة وعسير
رنية
الواحة الفيحاء في قلب الصحراء

  6/1
حلقات كتبها وصورها
حمّاد بن حامد السالمي - ومحمد آل ماضي
رَنْيَة: إنها تلك المحافظة الجميلة الفاصلة بين حد منطقة مكة، وحد منطقة عسير ووادي الدواسر.
بل هي المحافظة الوحيدة التي تربط بين أربع مناطق ادارية. فهي تشترك في حدود محافظة العقيق ومركز جرب، وهما من منطقة الباحة. وهي تشترك في حدود محافظتي بيشة وتثليث وهما من منطقة عسير. وهي تشترك في حدود محافظة الدواسر والقويعية وعفيف، وهي من منطقة الرياض، وهي تشترك في حدود محافظتي تربة والخرمة، وهما من منطقة مكة المكرمة.
وأخيراً.. فهي واحدة من كبريات محافظات منطقة مكة المكرمة.
السفر إليها ليلاً
جاءت زيارتي الى محافظة رنية، بناء على دعوة من وجهائها وأبنائها، ومنهم الزميل محمد آل ماضي، مراسل الجزيرة فيها.
وعندما قررت التحرك اليها من الطائف، كان ذلك بعد منتصف الليل، فقد تركت الطائف عند الساعة الثالثة، وادركتني صلاة الفجر بعيد رضوان بقليل.
وقبل استلام مفرق الخرمة من طريق الرياض، بزغ نور الفجر، وأطلت الغزالة من المشرق مبشرة بيوم سعيد وعهد جديد، وطيلة قرابة خمس ساعات من السير على هذا الطريق الطويل كنت أرتب في ذهني برنامج عمل ميداني، يستوعب تاريخ هذه البلدة، وجغرافيتها، وآدابها، وكافة أوجه الحياة، والنشاط فيها، إلا أني ما ان أشرفت على أطراف رنية، حتى تفاجأت بسحابة أو قتامة غبارية تغطي صخرها وشجرها، وتسد الأفق، فشعرت حينذاك ببعض الاحباط الذي لازمني حتى صبيحة اليوم التالي.
في رنية
دخلت رنية عند الساعة الثامنة صباحا، والتقيت أول ما التقيت الأستاذ محمد آل ماضي، الذي قابلني محيياً ومسلماً، وهو يلوح ببرنامج العمل الذي أعده في يده الأخرى.. وكأنه يطالبني بالتطبيق الحرفي، في ظرف جوي غير مناسب، لكن ماذا أقول..؟
دخلنا سكناً اخترناه هناك، ثم تهيأنا للخروج في دقائق معدودة، وتحركنا فوراً لمقابلة محافظ رنية حسب النص الحرفي لبرنامج الزيارة المعد من الزميل آل ماضي.
في مقر المحافظ
أخذنا طريقنا وسط شوارع مشجرة ونظيفة، وصوبنا نحو مقر المحافظة الذي يتوسط المدينة، فدخلنا مبنى جميلا منظما، رأينا في طريقنا الى مكتب المحافظ، صالة اجتماعات رائعة، ومكاتب استقبال جيدة، وموظفين نشيطين.
وفي مكتبه الواسع، استقبلنا الأستاذ منصور بن مانع العنزي محافظ رنية، وجرى حديث عام حول المحافظة ثم شرعنا بعد ذلك في القاء جملة من الأسئلة التي أجاب عنها في التالي.
حاضرة وبادية
عن الامكانات البيئية والسكانية يقول العنزي تتمتع محافظة رنية بمزيج سكاني من الحاضرة والبادية فهي جامعة بين الأصالة والحداثة، الجميع يتعاونون لخدمة محافظتهم أيضا تنوع الطبيعة الجغرافية لمحافظة رنية ما بين السهول والمناطق الجبلية مما يعطيها تميزاً خاصاً.
مشاريع تنموية
وعن المشاريع التنموية يذكر العنزي أن رنية مثلها مثل محافظات منطقة مكة المكرمة، أو مثل باقي محافظات المملكة تعيش تطوراً وتقدما في شتى المجالات وما زالت تسير بخطى حثيثة نحو التطور فهناك المشاريع البلدية ومشاريع الكهرباء ومشاريع الطرق والخدمات الصحية والاتصالات وجميع تلك الخدمات منها ما تم انشاؤه واستحداثه ومنها ما هو تحت الدراسة ومن ثم اعتمادها بإذن الله.
فهناك مشاريع بلدية للمحافظة ومراكزها رصدت لها مبالغ هذا العام تزيد عن عشرة ملايين بالاضافة الى المشاريع السابقة التي تحت الانشاء وهناك مشاريع مستقبلية في الطرق والمواصلات والكهرباء وهي جميعها محل عناية واهتمام من سمو أمير المنطقة حفظه الله الذي وجه الجهات المختصة بالعمل على تنفيذ تلك المشاريع.
ماذا ينقصها..!
ومحافظة رنية تعيش نهضة حضارية وأغلب الخدمات بل جلها أصبح متوفراً في المحافظة ومما لاشك فيه ان هناك بعض الخدمات تحتاج الى دعم لمواكبة التوسع في الأحياء السكنية الجديدة أو القرى أو لمواكبة الازدياد السكاني، فالأهالي يتطلعون الى توفير ودعم تلك الخدمات مثل ربط بعض القرى بالمحافظة بخط مسفلت وانشاء كلية للتربية للبنات ومعهد صانعي الأبناء بهذه المحافظة وغير ذلك ليكتمل عقد الخدمات بالمحافظة وقد وجه سمو سيدي أمير المنطقة بالعمل على دراسة تلك الطلبات والاحتياجات تمهيدا لتنفيذها بإذن الله.
تنافس شوري
وعن مجلس المنطقة يقول: مجلس المحافظة هو مجلس شوري مصغر على مستوى المحافظة. وأود ان أشير هنا الى ان مجلس المحافظة يعمل جميع أعضائه في لجان تم تشكيلها وهي أربع لجان، هذه اللجان تدرس جميع ما يعرض لها من مشاريع مطلوبة وخدمات تحتاجها المحافظة ويتم مناقشتها بكل صراحة وشفافية حسب الأولوية والأهمية وجميع الزملاء أعضاء المجلس يتنافسون ويتبادلون الآراء بكل وضوح وصدق، فلكل رأيه وجميع تلك الآراء تحترم وتقدر.
ويحرص المجلس على أولويات احتياجات المنطقة فلابد ان نفرق بين الدعم والاستحداث، فبعض المراكز تحتاج الى دعم في بعض الخدمات وقد تلا اتخاذ اللازم حيالها من قبل الجهات المقدمة لتلك الخدمات أما استحداث الخدمات التي لم تصل مثل الطرق وشبكة الهاتف الجوال فقد تم الرفع عنها لسمو سيدي أمير المنطقة والتي تدرس حالياً في مجلس المنطقة.
السعودة
وتحدث المحافظ عن جهود المحافظة للسعودة حيث يقول: السعودة خيار استراتيجي لا محيد عنه وتوجيهات سمو أمير المنطقة حفظه الله تقضي بايجاد فرص وظيفية للشباب السعودي، ومن هذا المنطلق تم التأكيد على لجان السعودة بالمحافظة على تنفيذ وتكثيف جولاتها للتأكد من التزام أصحاب الأنشطة التجارية المختلفة بنسب السعودة وهو ما ينعكس بالتالي على توظيف الشباب السعودي.
مياه الشرب.. مشكلة
وعن مشكلة مياه الشرب ذكر ان شح المياه مشكلة على مستوى المملكة نتيجة قلة سقوط الأمطار فمعلوم للجميع ان المملكة بلد صحراوي يعتمد على الأمطار فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يغيث البلاد والعباد وأما ما يخص مياه الشرب فتم الرفع لمقام سمو أمير المنطقة بطلب يوضح فيه احتياجات المحافظة من المياه وقد تضمن الطلب ايصال المياه المحلاة من محافظة الطائف الى رنية عن طريق الأنابيب والجميع متفائل بعد انشاء وزارة خاصة بالمياه ولعل ذلك حل لمشكلة المياه في رنية.
الثقافة
وعن النشاط الثقافي تحدث بقوله: لاشك في الدور الذي يقوم به المثقفون والمبدعون في هذا الوطن وسيتم عقد اجتماعات مع رئيس النادي وبعض المعنيين في المحافظة لتفعيل دور النادي وعبر «الجزيرة» أوجه الدعوة الى المثقفين من أبناء الوطن من أكاديميين وأدباء وشعراء لاقامة محاضرات وأمسيات أدبية في المحافظة وستجدون كل الترحاب من المحافظة وأبنائها الكرام.
إلى أين نذهب..؟!
بعد زهاء ساعة ونيف في مكتب محافظ رنية؛ خرجنا الى الشارع العام، وانغمسنا مرة أخرى في بحر من القتام، فتلفت يمنة ويسرة وأنا أتساءل الى أين نذهب..؟! لكن محمد آل ماضي بما فطر عليه ابن الصحراء من فطنة، يقرأ قسمات الوجوه، فها هو يلوح مرة أخرى ببرنامج العمل الذي أعده دون الرجوع اليَّ. ويقول: بعد دقائق لنا موعد مع رئيس البلدية، وبعده لنا موعد مع.. قلت: قف بنا قليلاً لنتزود بزاد الشعر ونتنفح ببعض نفحاته. فماذا وجدنا من شعر رنية هذه التي يصفونها بالدرة والعروس والجوهرة، وهي - وأيم الله - كذلك، لولا جور الزمان، وجفاف القطر، حتى تحول واديها الأخضر الى يباس، وأصبحت عروش نخلها اعجازاً ترتمي على أديمها الساخن.
رنية وطَنّا..
إن التجوال تحت أشعة شمس حارقة، ووسط أغبرة متراكمة، يشعرك بالجفاف والظمأ، فلا يطفىء ذلك سوى نهير الشعر. وهانحن نسير الى بلدية رنية ونردد مع الشاعر فليان بن ماضي السبيعي تغنيه في بلدته رنية حيث يقول:


رنيه وطنّا.. ما تبدل بالابدال
نخلص لها دايم وبالعهد نافي
نسمة هواها تنعش القلب والحال
تشفي الفؤاد وللجرايح تشافي
بضفاف واديها بساتين وظلال
والجو فيها دايم الدوم صافي

إلى أن يقول:


لها من «الفافه» الى «سلي» انزال
و«الحجف» و«الأملح» لهلها ملافي
و«الظرم» منزال.. وياوي منزال
وبالصيف مصياف.. وبالبرد دافي
و«الرجع» و«الفرعة» بها راحة البال
ثم «العماير» قربها ما يعافي
وفيها «العثيثي» ديرة مالها امثال
دار عذية.. ما يجيها المجافي
أنا بحب الدار باقي ولا زال
دايم لها عاشق وبالعهد وافي
يا الله بنوّ بارقه يشعل اشعال
ينشي من القبلة سحابه اردافي
يعم رنية كلها اسهول وجبال
لعل يسقي كل ذيك الضفافي

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved