* حوار - محمد الخضري:
يتحدث المراقبون الاقتصاديون بكثير من التفاؤل المشوب بالحذر عن أرقام الميزانية العامة للدولة للعام المالي 2003 - 2004م مؤكدين على حقيقة واحدة هي ان الاقتصاد السعودي سيتجاوز المصاعب الناتجة عن الظروف والاحداث السياسية التي تشهدها المنطقة والمملكة على وجه الخصوص ويقول المراقبون ان هذه الاحداث لم تؤثر في ارتفاع نسبة النمو العام الذي يصفه بعضهم بأنه سيتجاوز الـ7% مشيرين الى النمو المتزايد في حجم الودائع البنكية الذي اتى معظمه نتيجة عودة الكثير من الرساميل من خارج البلاد للاستثمار الداخلي وانتعاش حركة سوق الاسهم المحلية وكذلك المشاريع الاستثمارية الضخمة في الصناعات البتروكيماوية في الجبيل وينبع وغيرها من المواقع كما قامت المملكة مؤخرا بتوقيع عقود استثمارات الغاز مع شركة شل العالمية وشركة توتال الفرنسية علاوة على الاستثمارات العقارية التي يشهدها سوق العقار حاليا.
كما تأتي زيادة اسعار البترول في مقدمة مصادر نمو الاقتصاد الوطني وغيرها من الانشطة الاقتصادية المختلفة كل هذه المؤشرات تؤكد النمو الذي سيشهده الاقتصاد السعودي في الحقبة القادمة وتبرز مدى عافية الاقتصاد السعودي.. المهندس اسامة بن محمد الكردي امين عام مجلس الغرف السعودية السابق وعضو مجلس الشورى حاليا تحدث ل«الجزيرة» عن اهم ملامح الاقتصاد السعودي عبر هذا الحوار:
* هل استطاع اقتصادنا الوطني تجاوز الآثار السلبية التي شهدتها منطقتنا مؤخرا، وكيف تقرؤون واقعه؟
- من الواضح ان الاقتصاد السعودي في عام 2002م وفي الثلاثة أرباع الاولى من عام 2003م قد حقق نجاحات كبيرة في النمو الاقتصادي وفي النمو المالي والنشاطات المالية وهذا النمو في الواقع اظهر مما توقعه الخبراء، السبب الاساسي لهذا النمو هو ارتفاع اسعار النفط وانتقل تأثير ارتفاع اسعار النفط انعكس على القطاع الاقتصادي وبالذات نحو القطاع الخاص وايضا ساهم في ذلك ارتفاع الايداعات لدى البنوك التي عادت اليها الكثير من الرساميل السعودية في الخارج وساعد على هذا النمو ايضا الاستثمارات الكبيرة التي قام بها القطاع الخاص مؤخرا وتقديري لحجم هذه الاستثمارات قد يصل الى 20 مليار دولار وهي استثمارات في مشاريع بتروكيماوية ومشاريع صناعية ضخمة قام بها القطاع الخاص بالتعاون مع شركات اجنبية قدمت هي ايضا رؤوس اموال بالمليارات وبالتالي اثبت ذلك ثقة المستثمر الاجنبي والمستثمر السعودي في الاقتصاد الوطني وهناك على سبيل المثال شركاء شركة التصنيع الوطنية الاجانب وشركاء شركة الزامل للبتروكيماويات وتقديرها 5 ،1 بليون ريال والمجموعة الصناعية السعودية علاوة على الاستثمارات الضخمة في الجبيل وينبع جميع هذه العلامات والمؤشرات لا تدع مجالا للشك في موقف الاقتصاد السعودي وقوته ومتانته وايضا حماس واهتمام شركات الغاز الدولية للاستثمار في المملكة وتوقيع الغاز مع وزارة البترول وارامكو وهذا دليل آخر على ثقة المستثمر الاجنبي والسعودي بقوة اقتصادنا برغم الظروف التي نحن فيها يؤكد انه ليس فقط ان هذه النتائج ايجابية على الاقتصاد وبالتالي على المواطن ولكن كذلك ان التوقعات المستقبلية هي توقعات عالية.
فهذه الاستثمارات الجديدة والارتفاع في ايداعات البنوك ادت الى ارتفاع مؤشر الاسهم المحلية والى النشاط الكبير في النشاط العقاري كلها عوامل تظهر الى أي درجة هناك ثقة في الاقتصاد وعافية الاقتصاد السعودي.
* من خلال هذه المعطيات المتفائلة باقتصادنا الوطني كيف ترى ملامح المستقبل القريب خلال عام 2004م؟
- توقعاتي لعام 2004م ايجابية بدرجة اكبر ولكنه تفاؤل مشروط.. وتوقعاتي ايجابية فيما يختص بميزانية الدولة التي اتوقع ان تظهر عجزا بسيطا ولكني اعتقد انها ستنتهي بكونها ميزانية متوازنة ان لم يكن بها فائض وهذا من ناحية الميزانية العامة..
وأنا أقدر النمو العام في الاقتصاد للعام القادم بحدود 7% واعتقد ان هذا التفاؤل كما قلت لك مشروط باستطاعتنا وقدرتنا على التعامل الايجابي مع بعض التحديات يأتي اولها موضوع الاهتمام بالصادرات بدرجة كبيرة والانتقال بالاهتمام بالصادرات من مرحلة اهتمامات القطاع الخاص الى اهتمامات رسمية حكومية يصاحبها انشاء هيئة حكومية لتنمية الصادرات والتحدي الثاني هو الاستثمار فارتفاع معدل الايداعات البنكية يتطلب ان تتعامل معها بحيث تصبح مقدرة القطاع الخاص على الاستثمار اسهل مما هي عليه الآن، ما زالت هناك معوقات ادارية ومعوقات بفتح مجال اوسع للقطاع الخاص للاستثمار ومتصلة كذلك بالقرارات الحكومية المتعلقة بفتح مجالات الاستثمار في التعدين وخطوط السكة الحديدية والاستثمار في مجال الماء ومجال الكهرباء والتعليم العالي ومجموعة اخرى من القطاعات الجديدة نوعيا مثل الاستثمار في السياحة، وهناك مجموعة من القطاعات تم فتحها امام القطاع الخاص والمأمول ان تكون هناك اجراءات حقيقية لازالة اية معوقات حقيقية امام القطاع الخاص للاستثمار في هذه المجالات وهنا اود ان اشير الى الدور الذي تقوم به هيئة الاستثمار في دعم ومساندة المستثمر الاجنبي وايضا الخطوة الجديدة التي قامت بها وزارة التجارة والصناعة لتسهيل اجراءات المستثمر المحلي وفتح مركز الخدمة الشاملة وهذا نشاط ايجابي ارجو ان يساهم في مساندتنا في تجاوز عقبات الاستثمار، اما التحدي الثالث فهو تحدٍ مهم وحساس ويشكل اهمية بالغة لمتخذي القرار بشكل عام وهو موضوع القوى العاملة.
فنحن لا نزال نتعامل مع السعودة بعاطفة كبيرة ولكننا نحتاج الى اجراء دراسات حقيقية والخروج باحصائيات وأرقام معينة لا تظهر فقط ارقام البطالة ولكن تظهر كذلك عدد الوظائف المحدثة في القطاع الاقتصادي ويجب ان نتعامل مع موضوع القوى العاملة تعاملاً مهنياً متكاملاً لكي يمكن ان نقهر هذا التحدي، اما التحدي الرابع هو تحدي التخصيص.
وجزء من تفاؤلي بالميزانية القادمة هو املي ان يكون هناك تطبيق للعديد من الاستراتيجيات وانا لا اتحدث عن التخصيص الذي يتم بموجبه بيع الممتلكات الحكومية للقطاع الخاص او للمواطنين أنا اتحدث عن التخصيص الذي ينقل الادارة والتطوير وبناء المشاريع الجديدة الى القطاع الخاص بحيث تستمر ملكية الممتلكات الوطنية لدى الوطن والمواطن والحكومة وينتقل التشغيل والصيانة والتطوير والادارة والتوسع الى القطاع الخاص فاذن التخصيص يمكن ان يخفض المصروفات الحكومية بدرجة كبيرة ويبقي هذه الممتلكات لدى الوطن والمواطن.والتحدي الخامس هو تحدي التعاون الاقليمي.. الخليجي والعربي والاسلامي وتفعيله بدرجة اكبر مثل الاتحاد الجمركي الخليجي والاهتمام بالسوق الخليجية المشتركة والاستعجال في اعتماد العملة الخليجية الموحدة وعلى المستوى العربي تطوير وتفعيل منطقة التجارة العربية الحرة والاهتمام بالبرامج اللاحقة لها مثل الاتحاد الجمركي العربي والسوق العربية المشتركة والعملة العربية الموحدة. والتحدي السادس هو تحدٍ اساسي في تطوير وتفعيل ادائنا الاقتصادي هو تحدي انضمامنا لمنظمة التجارة العالمية، ومن المؤمل كما هو معروف ان ننضم لمنظمة التجارة العالمية بداية العام القادم، وهذا اتوقع ان يكون له اثر ايجابي كبير على امرين مهمين .. الاول: تشجيع المستثمر الاجنبي على الاستثمار في المملكة كما انه يفتح اسواقاً جديدة امام المنتجات السعودية ويوسع الاسواق الحالية لكي يزيد الصادرات.
اما التحدي السابع فهو اهميةالتعامل المناسب مع تنمية وتطوير قطاع المعلومات والمعلوماتية واستخدام الحاسب الآلي والانترنت.
* نحن كأي دولة نامية في العالم.. نعاني من تضخم الجهاز البيروقراطي في الدولة بشكل عام.. وبالتالي تنفق الدولة مخصصات باهظة من ميزانيتها للانفاق على هذا الجهاز، كيفية الحد من هذا التضخم؟
- الموشرات الرئيسية في الميزانيات الحكومية في اي دولة في العالم هي - مؤشر العجز - ومؤشر الدين العام - ومؤشر الانفاق الاستثماري، تحدثنا في سياق هذا اللقاء عن العجز وتحدثنا عن الدين العام، وكما قلت سابقا اتوقع ان زيادة سعر البترول سيساعد في معالجة الموضوعين وايضا التخصيص بالذات سيساعد على حل جزئية الدين العام، والانفاق الاستثماري يشكل عنصراً مهماً جدا ووضع الانفاق الاستثماري الحالي ليس على مستوى المتطلبات او الوضع الدولي ويجب ان يزاد حجم الانفاق الاستثماري من الميزانية الحكومية بعدم زيادة الموظفين الحكوميين وتوجيههم للعمل نحو القطاع الخاص وهذا ضمن اطار تطوير القوى العاملة، ويمكن معالجة الانفاق الاستثماري عن طريق التخصيص، فعندمانحتاج محطة مياه جديدة او محطة كهرباء جديدة.. وبالمناسبة اود ان اذكر ما فاتني ذكره من ضمن المجالات الجديدة للاستثمار هي الرسوم التي ستفرض على الطرق السريعة وبالتالي تستطيع ان تزيد من حجم الانفاق الاستثماري في المملكة، ان لم يكن عن طريق الميزانية الحكومية نفسها فعن طريق التخصيص وفتح مجالات جديدة امام القطاع الخاص للاستثمار اذن هذه المؤشرات الرئيسية في الميزانية الحكومية التي تحتاج الى اهتمام.
* مررنا في حديثنا على جزئية الدين العام وهو ايضا يشكل عبئاً كبيرا على ميزانية الدولة والمسألة ليست في اتخاذ قرار بتقليص حجم الدين في ميزانية هذا العام او خلال خمس سنوات قادمة على سبيل المثال، ثم تعود هذه الديون وتتراكم على الدولة.. ونحن نعلم ان كل دول العالم تعاني من مشكلات الديون العام في ميزانية مدفوعاتها.. ويجب ملاحظة أمر مهم وهو ان الدين العام هو دين داخلي فقط وليس هناك أي ديون خارجية وهذا الدين تملكه بعض مؤسسات الدولة نفسها مثل التأمينات الاجتماعية والصندوق السعودي للتنمية.
- أنا أرى ان افضل اسلوب للتعامل مع عجز الميزانية ومع الدين العام هو ايجاد برنامج اقتصادي وليس فقط مجرد تخفيض المصروفات الحكومية.. لانه في بعض الاحيان عندما تنخفض المصروفات الحكومية تؤثر سلبا على نمو الاقتصاد.. انا اعتقد ان افضل اسلوب للتعامل مع هذين الامرين هو التخطيط لنمو اقتصادي معين ينتج عن تعاملنا الايجابي مع هذه التحديات التي ذكرتها في اجابتي السابقة، فالتعامل مع الامرين لا اعتقد ان الاهتمام بالوضع المالي الحكومي يؤدي الى النتائج.. ولكن وجود برنامج اقتصادي متكامل ينقل المسؤولية عن طريق التخصيص او أي برامج اخرى من الحكومة الى القطاع الخاص يؤدي الى نمو اقتصادي وبالتالي اوتوماتيكيا تنخفض المصروفات الحكومية وعندما يستثمر القطاع الخاص في المشاريع الجديدة ينخفض المصروف الحكومي ويتيح نمواً استثمارياً واقتصادياً ولكن لا يعني هذا الا يكون لدينا برنامج لسداد الدين العام، يستفيد من النمو الاقتصادي لتحقيق النجاح في هذه الجزئية.
* نحن نعلم ان برامج التخصيص لدى الدولة تسير وفق استراتيجية بيع الدولة لحصص من اسهمها في بعض المؤسسات للمواطنين مثل سابك والاتصالات وان تؤسس الدولة مؤسسات قائمة على مفهوم القطاع الخاص بالكامل بحيث تتخلى عن حصصها للقطاع الخاص.. لكن الملاحظ انه في كلا الحالتين هناك بطء في تنفيذ هذه البرامج، ماهي الآلية المناسبة لتفعيل هذه البرامج وللاسراع في النمو الاقتصادي لاسيما وان المملكة ستنضم لمنظمة التجارة العالمية بحلول عام 2004م؟
- ارى بطئاً في تنفيذ برامج وسياسات التخصيص.. نحن نحتاج ان نكون اكثر حماسة في تطبيق الجزئيات المهمة من الاسلوب المناسب في التخصيص لانه كما ذكرت لك سابقا هناك شعور عن التخصيص بأنه يعني بيع الممتلكات الى القطاع الخاص واستخدام العائد من بيع هذه الممتلكات في اطفاء الدين العام نحن يمكن لنا ان نتحمل عجز الميزانية او الدين العام لعدد من السنين لكن في المقابل يجب ان يقابل ذلك برنامج حقيقي للتخصيص يؤدي الى تنفيذ البرامج التنفيذية والاستراتيجيات التي تم اعتمادها للتخصيص، هذا الامر يؤدي الى التقدم في موضوع التخصيص ولكني لا اعتقد ان هناك اخطاء او سلبيات تمت في برنامج التخصيص ولكن هناك بطئاً في التطبيق، لقد استغرقنا وقتا طويلا في دراسة الخطوط السعودية، والسكة الحديد والطرق السريعة وايضا الموانىء والزمن لا ينتظر.. ونحن نعرف ان عدد السعوديين الذين يدخلون الى سوق العمل في كل عام يقدر بمائتي الف عامل فيجب ان نتحرك لمعالجة هذا الامر.. لان هذا يعني ان العدد يتراكم كل عام فاذن يجب ان يكون لدينا برنامج تفصيلي للتخصيص بشكل عام.
* هناك من يرى اهمية انشاء هيئة او مؤسسة حكومية مستقلة للتخصيص، وهناك من يرى ان وجود مثل هذه الهيئة قد يشكل عائقاً بيروقراطياً لعملية التخصيص وبالتالي لا تسهم في عملية الاسراع في التخصيص، كيف تنظر لهذين الطرحين؟
- اعتقد انه حان الوقت لانشاء هيئة متخصصة للتخصيص ،الآن التخصيص هو جزء من نشاطات المجلس الاقتصادي الاعلى فنحن نحتاج الى جهة مختصة لوضع ما يقرره المجلس الاقتصادي الاعلى موضع التنفيذ، وانا عندما اطالب بهيئة للصادرات او هيئة للتخصيص لا ادعو لزيادة المصروفات الحكومية عن انشاء هيئات جديدة وايجاد وظائف جديدة.. لكني ادعو لتوجيه الامكانيات الحالية في بعض الدوائر لان هناك مجموعة من الدوائر المهتمة بالتخصيص فلماذا لا نجمع ما لديها من امكانيات في جهة واحدة، وهناك عدة جهات تعمل على تطوير الصادرات فلماذا لا نجمعها في جهة واحدة، وبذلك تنشىء هذه الهيئات المختصة بدون زيادة في المصروفات الحكومية.
* ولكن هناك من يعارض هذا التوجه؟
- عندما طرحت هذه الفكرة طرحتها من منطلقين، المنطلق الاول: هو خبرة الدول الاخرى، لا يجب ان نبدأ من الصفر، هناك دول مثل البرازيل وامريكا وبريطانيا ومصر والمغرب والباكستان وغيرها الكثير، هناك خبرات وتجارب جيدة للتخصيص فيجب ان نستفيد منها، اما المنطلق الآخر هو انه من غير المناسب ان نطلب من صاحب الشأن ان يعمل على تغيير وضعه، فاذن المنطلقان اللذان انطلق منهما في رؤيتي للموضوع هما الاستفادة من خبرات الآخرين فيما يتعلق بانشاء جهاز مختص للتخصيص والآخر انه لا يجوز ان نطلب من نفس الجهة ان تغير تغييراً جذرياً.. او دراماتيكياً في اسلوبها ومجال عملها ولهذا يجب ان تكون هناك جهة اخرى للقيام بهذا العمل.
* تطرقت في حديثك الى المجلس الاستشاري الاعلى،ما هو دوره، وهل هو جهاز استشاري فقط ام تنفيذي، ومدى اسهامه في تسريع عملية الاصلاح الاقتصادي بشكل عام؟
- المجلس الاقتصادي الاعلى ادى واجبه على افضل ما يكون، وقرر سياسات وبرامج تنفيذية للعديد من النشاطات سواء المتعلقة بالتخصيص او غير التخصيص واقترح العديد من الاقتراحات التي اخذت طريقها للتنفيذ، واقترح تعديل العديد من الانظمة تظل في جزئية التنفيذ التي يجب ان توكل الى جهات اخرى او الجهات المختصة لتنفيذ هذه السياسات وهذه القرارات.
* هل سيسهم نظام سوق الاوراق المالية في دفع عملية الاصلاح الاقتصادي نحو آفاق ارحب لاسيما ان الكثير من المواطنين يستثمرون مدخراتهم في الاسهم المحلية؟
- نظام سوق الاوراق المالية وجزئيات المتعددة يعتبر اهم الادوات التي يمكن ان تستخدم للتعامل مع التحديات التي ذكرتها في بداية حديثي ولإحداث اسلوب نظامي لتجميع هذه الايداعات في البنوك ورفع نسبة التوفير والادخار لدى المواطن السعودي لانه اصبحت هناك وسيلة لوضع هذه المبالغ وهذا التوفير الذي لدى المواطن السعودي في موضع الاستثمار وفي نظري هذا اسلوب مهم جدا وكذلك التأمين التعاوني الذي يعتبر وسيلة مهمة جدا لكن اعود واقول ان المعول على التنفيذ، فالسوق المالية آلية مهمة جدا لتسهيل اجراءات انشاء وتأسيس الشركات المساهمة وتوسعها وتجميع المدخرات وتوجيه هذه الابداعات للاستثمارات التي تعود على المواطن وبالدرجة الاولى في عملية احداث وظائف وبدرجة ثانية في نحو اقتصادي اكبر بالمناسبة فاتني ان اذكر في بداية حديثي معك.. ان النمو الاقتصادي الذي ينتج عن زيادة اسعار السلع المصدرة لا يصاحبه زيادة في عدد الوظائف المحدثة كذلك الامر ينطبق على سوق الاسهم.. فعندما يزيد سعر الاسهم ويزيد نشاط السوق، هذا لا ينعكس في زيادة وظائف او ايجاد وظائف للمواطن السعودي وهو موضوع على درجة كبيرة من الاهمية ولكن نشاط السوق المالي عندما يوضع موضع التنفيذ سيؤدي مباشرة الى استثمارات وسيكون افضل الوسائل المساعدة لانشاء استثمارات جديدة وبالتالي احداث وظائف وهذا هو المهم لدينا.
* في ظل الظروف والمتغيرات التي تشهدها المملكة، كيف تستطيع استقطاب الاستثمارات الاجنبية، قد لا يشكل الاستثمار المادي العقبة الاساسية في الموضوع فنحن لدينا من المال ما يكفي.. ولكن كيف نستطيع استقطاب الخبرات التي تساعدنا على النمو والارتقاء بأداء قطاعاتنا الانتاجية والاقتصادية؟
- هذه نقطة مهمة.. وبالفعل نحن لسنا بحاجة لاستثمارات مالية مباشرة نحن نحتاج الى من يستثمر خبرته وتقنيته وعلمه في المملكة ويفتح امامنا اسواقه، ولاضرب مثالاً على ذلك عندما بدأت سابك باتخاذ سياسة رئيسية وهي الشراكة مع الاجانب كان موضوع التسويق والاسواق جزءاً رئيسياً من حيثيات الاستفادة من هذه الجهات، ومن هذا المنطلق يجب ان نتعامل مع المستثمرين الجدد بأسلوب جديد ليأتي بخبرته ومعلوماته وتقنيته ويفتح لنا اسواقه ونحن في المقابل لدينا من المال ما يكفي لدعم هذه الاستثمارات التي يقوم بها والحديث عن ان المملكة بيئة طاردة للاستثمار الاجنبي اثبت خلافه الوضع الحالي، فبالرغم من الاحداث التي حدثت مؤخرا في بلادنا.. وقاها الله من كل شر فان حجم الايداعات في البنوك في ازدياد مستمر وحجم الاستثمارات الكبيرة الرئيسية مستمر ولكن مع ذلك اقول.. نعم يجب ان نمنح المستثمر الاجنبي مناخاً جاذباً لاستثماراته وللاستثمارات الوطنية كذلك لاننا نتنافس الآن على اجتذاب الرساميل الوطنية للاستثمار في الوطن.. ورأس المال الوطني امامه مجالات واسعة وكبيرة في مختلف مناطق العالم.. فيجب ان يكون لدينا من عوامل الجذب ما يكفي كذلك انضمامنا لمنظمة التجارة العالمية سيكون علامة ومؤشراً رئيسياً امام المستثمر الاجنبي والوطني ان الاستثمار في المملكة العربية السعودية سهل وميسر بدليل انضمامنا الى منظمة التجارة العالمية.
* انتم عضو في مجلس الشورى، وعضو في اللجنة المالية بالمجلس .. هل هناك دور فاعل لهذه اللجنة في المجلس لتفعيل القرارات او سن قرارات جديدة ضمن المنظومة الاقتصادية في الوطن بشكل عام؟
- كافة الجهات العاملة في المملكة لها دور.. ومن ضمن هذه الجهات يأتي مجلس الشورى، ومن مكونات مجلس الشورى اللجنة الاقتصادية واللجنة المالية.
واللجنة المالية تقوم بالاطلاع ودراسة كافة الدراسات التي تنشر والتي تذاع وتقوم كذلك باعداد مجموعة كبيرة من الدراسات ولعلك اطلعت مؤخرا على الدراسة التي قام بها مجلس الشورى في مجال القوى العاملة والتعليم وكيفية الترابط بين التعليم والقوى العاملة ونشرتها معظم الصحف المحلية، فاذن نحن نتابع ما يتم وما يدرس وما يحلل وما يراجع وتقوم بما نحتاجه نحن من دراسات.
* يعني دوركم لا ينحصر في مراجعة القرارات القديمة؟
- ليس فقط دور مجلس الشورى التجاوب مع ما يطرح عليه ولكن يقوم المجلس بالمبادرة في بعض الامور.. ولاشك ان قرار خادم الحرمين الشريفين حفظه الله الاخير القاضي بتعديل المادتين 17 و 23 من نظام المجلس يضع مسؤولية اضافية على مجلس الشورى لكي يبادر بمباشرة طروحات وانظمة ومجالات جديدة يساهم فيها في بناء هذا الوطن.
* تعقد القمة الخليجية الرابعة والعشرون خلال ايام، ماذا تتوقع ان تحققه من طموحات في مجالات التكامل الاقتصادي؟
- القمم الخليجية المتتالية والقادة الخليجيون والمسؤولون ادوا الواجب على افضل ما يكون وبالتالي انتقلت المسؤولية الى المسؤولين التنفيذيين والى القطاع الخاص ،فحين اقر القادة اتفاقية الاتحاد الجمركي والسوق الخليجية المشتركة واقرار العملة الخليجية الموحدة التي اتوقع ان يتم انجازها قبل 2010م، هنا القادة والمسؤولون هيأوا كل المناخات.. لكن حينما تأتي للتنفيذيين وتمسكهم بالبيروقراطية وبطئهم في تفعيل هذه القرارات الى حيز الوجود باجراءات وتعقيدات روتينية او ان يأتي القطاع الخاص ويطالب برفع الرسوم الجمركية على منتج معين حتى لا ينافس منتجه اذن الامر موضوع امام المسؤولين التنفيذيين والقطاع الخاص ويجب ان تكون نظرة هؤلاء نظرة تتعالى عن المصالح الفردية والمصالح الصغيرة والاهتمام بالنظرة الاكبر مع التركيز على الميزة التنافسية لكل دولة وعلى أي حال فبمجرد انضمامنا لمنظمة التجارة العالمية سينطبق موضوع الميزة التنافسية لانك لا تستطيع ان تضع الحماية على منتج لا يستفيد من الميزة التنافسية.
|