الجيل الجديد الذي قد نسميه جيل «الثقافة» نسبة إلى إنشاء وزارة الثقافة افترض شخصياً أنه يجب أن يكون جيلاً مختلفاً عن الأجيال السابقة التي عاشت حياتها بلا وزارة ثقافة ترعاها وتهتم بشؤونها وهمومها وطموحاتها! فهذا الجيل قد يكون اسعد حتى من جيل الطفرة الذي كان حتى الآن الجيل النموذجي لدينا قياسيا للناحية المادية ولكن كناحية ثقافية فالسنوات كلها عجاف خاصة بالنسبة للأطفال الذين عاشوا أيتاماً لا يوجد لهم من يرعاهم ثقافياً!
فالجيل الذي نشأ قبل وزارة الثقافة وفي ظل ذلك الفراغ الثقافي والترفيهي الذي كان يسود وما يزال بخاصة في مجال الأطفال يجب أن لا يشابه جيل وزارة الثقافة هذا أمر بدهي وإلا ماهي العبرة من وجود وزارة أو بعبارة قد تعبر أكثر عما أعنيه يجب أن يكون الطفل الذي أنشئت في زمنه وزارة ثقافة أن يكون اطلاعه وفرص نموه الثقافي والفكري أكبر من طفل نشأ على ثقافة المصادفات أو ثقافة غير منتظمة المصدر وبشكل أدق ثقافة غير واعية يقوم بجمع خيوطها من عدة جهات وفي أوقات مختلفة وحسب جهده الذاتي وجهد أبويه.
حتى الوقت الحاضر لا بد من الجزم ان اطفالنا مهمشون ثقافيا لسبب واضح أنه لا توجد لدينا جهة لا رسمية ولا حتى أهلية يعول عليها في رعاية الأطفال ثقافيا وترفيهيا بل ان ذلك الأمر تزعمته بعض الجهات التي ليست معنية بالأساس أو ليس لها تخصص وليس لديها مختصون في أدب وثقافة الطفل.
من ذلك فلا يستغرب إذا ما وجدنا أن القطاع الخاص له اليد الطولى في هذا المجال سواء في مجال المطبوعات أو الاحتفالات أو المسرح أو غير ذلك وما يزال الفراغ الذي يرمي بظلاله حول اطفالنا كبيراً جداً.
ولقد كان لإنشاء وزارة الثقافة صدى واسعاً لدى المثقفين بعامة ومن لديهم اهتمام بالأطفال بخاصة بالنظر إلى افتقادنا إلى مجلس أعلى للطفولة أو أية جهة رسمية تعنى بشؤون الأطفال.
الدول من حولنا لديها العديد من الجهات التي تهتم بالأطفال تقدم لهم ما تتطلبه سنوات عمرهم في مختلف مراحلها تحت إشراف مختصين في هذا المجال قامت تلك الجهات بتدريبهم وابتعاثهم لكي يتخصصوا في مجال يعتبر من أهم المجالات وهو مجال العناية بالطفل.
إلا أن الكثيرين ممن لدينا الآن ولهم اهتمام في مجالات ثقافة الطفل هم طلاب نجباء لجهودهم دفعهم حبهم للأطفال للكتابة لهم أو لتنفيذ بعض الأنشطة أو كان عملهم الرسمي قريباً من مجالات الأطفال ولكنهم مهما كانت جهودهم يحتاجون للتدريب وزيادة خبراتهم وهذه بلا شك من أهم مسؤوليات وزارة الثقافة التي يجب ألاّ تركن إلى جهود المتحمسين وذوي الخبرات البسيطة لتسلمهم زمام قيادة نشاطات الطفل وبرامجهم فأولئك يحتاجون إلى التدريب المستمر وإلى حضور الندوات والمهرجانات التي تقام في مختلف الدول العربية التي لديها جهات متخصصة للأطفال لأن تسليم زمام الأمور لبعض المتحمسين سيجعل الأمر يسير كالأسبق وان تم تشكيل لجان أو إدارات تتبع لوزارة الثقافة وتهتم بالطفل.
إنني أعتقد أن أهم الخطوات التي يجب أن تبدأ بها الوزارة عندما ترغب العمل في أهم مجالات عملها ألا وهو ثقافة الطفل هو تشكيل جهاز إداري ثقافي يهتم بالأطفال ويكون لديه استراتيجية وخطط زمنية يديرها أشخاص يهتمون بالدراسة الأكاديمية والخبرة العملية، وفي جانب المسرح الخاص بالاطفال أرى أن تنشىء الوزارة له جهازاً إدارياً آخراً يعمل به عدد من الخبرات المحلية يساعدهم عدد من الخبراء في مجال مسرح الطفل من بعض الدول العربية على أن تقوم الوزارة بعد ذلك بإنشاء مسارح للأطفال في كافة المدن والقرى ضمن مراكزها الثقافية التي نتمنى ان نراها قريباً للكبار والصغار ويكون في كل مركز مسرح ومكتبة ومرسم وأماكن للموهوبين وان تستقدم لتلك المراكز في البداية المخرجين المسرحيين من خارج المملكة بالنظر إلى اننا حتى الآن لم نؤسس مسرحاً لا للكبار ولا للصغار فالوزارة كان الله في عونها ستجد انها سوف تبدأ من الصفر في بعض المجالات هذا بالرغم من عمر المملكة الذي احتلفنا بمئوية تأسيسها قبل أعوام!!
|