Sunday 12th october,2003 11336العدد الأحد 16 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

لما هو آت لما هو آت
مخبرُ إيمانك... ميزانك!!
خيرية إبراهيم السقاف

مِن الناس مَنْ تجده يُقبل عليك إقبال المحب، يبشُّ في وجهك ويهشُّ، طلباتك عنده أمر مجاب، وأمانيك بين يديه دافعٌ لجلبها، وألمك أمامه حافزٌ لدموعه، لا يكلُّ لسانه من الدعاء لك، وتمجيدك ومديحك...؟
قد تتساءل لماذا أقبل عليَّ وهو لا يعرفني، وقرب مني وهو لم يخبرني، وزاد تودداً إليَّ وما رأى منِّي أكثر ممَّا يراه من عابر سبيل؟!
وتجده فُجاءة قد انسلَّ منك كما تنسل الشعرة من عجين، ولا يعد ممشاه لك، ولا إقباله عليك، ولا ثناؤه يخصك، ولا بشاشته من عبق صباحك، ولا توديع ليلك...!!
وتتساءل لماذا؟
وتجد عند التَّدبر والتفكير، والمقارنة، والمناظرة، والتَّقليب والتَّعليل، أنَّ فلاناً هذا كانت له حاجة عندك...
أيَّ حاجة؟
فتلك ما تفسّرها المواقف، وتحدِّدها الأوقات، ويظهرها الظرف...
فإن كنتَ صاحب وجاهة، أو مال، أو منصب، فتلك مواطن حاجته، وإن كنت صاحب سلطة أو قرار، فهناك مطمحُ حاجته، وإن كنت صاحب عطاء بأيِّ أنواع العطاء فإنَّ صاحبك ذلك في انتظار عطائك، ولأجله يبذل لك ما يبذل حتى إذا تقلَّبت بك الظروف، وغادرت إمَّا موقعك، أو منصبك، أو غيَّرت وجهتك، أو أسلوبك، أو ضاقت بك سبل البذل، والعطاء، فإنَّك لن تجده، لأنَّ حاجته لن يجد عندك ما يسدِّدها، ومطمحه أنت لن تحققه...
ومن الناس من يُحبُّكَ بالكلام، لأنَّه جُبِل على منح الكلام.
ولأنَّ الكلام ماسخ عند من يتعاطاه لحدود الفارق بين صحيحه وخطئه، وصدقه وكذبه، وكثيره وقليله، ومؤثّره وفاقده.، فإنَّ حبل كلامه موصول لا انقطاع فيه، لكنَّه يجيء بأشكال، تتلوَّن مع المواقف، وتتبدَّل مع الحاجات...
ومن الناس من تطغى عليه مطامحه، فلا يرى أمامه غير ذاته، يكتسح من أجلها كلَّ أحد، فلا يعير اهتماماً لك، بأيِّ حال أنت، وفي أيِّ حال تكون،
يمطرك بغضبه، ويلحقك بقوله، ويخدشك بلفظه، أمامك صامت، وإن أتيح له للكلام، أو العمل موقفٌ، تجده رافضاً معترضاً، متزمَّتاً متعالماً، متعالياً، متجاسراً، وإن لم يكن أمامك، فاحمل على نفسك صبراً، وعوِّدها على ذلك قسراً، لأنَّه سوف يسلِّط عليك نقده، فيجرحك ويؤلمك، ويصوِّرك بما ليس فيك.
والناس جميعهم، في قدرتك معالجة الأمور معهم، إمَّا بالإصلاح، أو التَّجاهل، أو النَّبذ، أو الابتعاد...
إلاَّ ذلك الذي يبقى معك، أو أمامك، أو في دربك، في حياتك، يقفز لك بين فينة وأخرى بألوان من الكلام، لا تعلم صدقها من كذبها، في قليلها، وكثيرها، كما لا تتبيَّن قناعته بها أوعدمها، ولا تستطيع ملاحقة سبله، ولا درء مسعاه إليكِ، فهو كالشجرة عند بابك..
وحالك يقول: كيف أتعامل معه؟، بل لماذا أتعامل معه؟، ولأنك إنسان، فإنَّ ثمَّة عائقاً بينك وبين هذا النموذج الوصولي في الحياة.
ولكن: أليس قلب المؤمن دليله؟
إذن فزنوا مقادير إيمانكم تستطيعوا الخلوص من مآزق هذه النَّماذج من البشر.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved