Sunday 12th october,2003 11336العدد الأحد 16 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

تغطُّ في سبات بانتظار المد الحضاري تغطُّ في سبات بانتظار المد الحضاري
قرى وادي الشرقة بالطائف تواجه العزلة

تحقيق : محمد رداد السفياني
عند زيارة هذه القرى تحس بأنك خرجت من الحضارة ورجعت إلى العصور الأولى، منازل متهالكة متناثرة هنا وهناك، طرقٌ وعرة ومنحنيات خطيرة، لا يمكنك أن تسمع رنين الهاتف أو نغمات الجوال، عند إحساسك بالعطش فليس أمامك سوى ماء غير صالح للشرب، أُناس بسطاء، فقراء لكنهم كرماء، وجوههم أعياها التعب، وأقدامهم أحفتها الحجارة، لا يعرفون مظاهر الترف، جميعهم مشتركون في الفقر وقلة الحيلة، عيشتهم أبسط من البساطة، يكفيهم ويسد حاجتهم القليل، لا يطالبون إلا بأبسط الخدمات التي تنقلهم إلى الأمام قليلاً، تلك هي مظاهر القرى التي تقع على جانبي وادي الشرقة، الذي يبعد عن منطقة الهدا بمحافظة الطائف ثمانية عشر كيلومتراً للشمال.
«الجزيرة» زارت تلك القرى لتنقل لكم الصورة عن قرب.
الأمطار تعطل المدرسة
ففي البدء تحدث الأستاذ معتوق الغشمري مدير مدرسة الحساسنة وهي المدرسة الوحيدة في هذا الوادي حيث ان هذه القرى تقع على جانبي وادي يسمى واد الشرقة ويبعد عن منطقة الهدا ثمانية عشر كيلو متراً شمالاً. ويسكن في هذه القرى حوالي خمسة آلاف نسمة ومن قبائل متعددة يشتركون جميعاً في هموم مشتركة وآلام واحدة واحتياجات متساوية ومع حلول موسم الامطار خاصة الغزيرة فإننا في هذه المدرسة نتوقف عن الدوام وذلك خوفاً من أن تحاصر السيول هؤلاء الطلاب فلا يتمكنوا من العودة إلى منازلهم بسلام. كما أن الضباب الشديد يمنع كثيراً من المعلمين الحضور في الوقت المناسب وفي بعض الأحيان يمنعهم نهائياً من الحضور وذلك لعدم تمكنهم من رؤية الطريق وأيضاً لوعورة وخطورة الطريق المؤدي إلى هذا الوادي. كما أن الطريق وعر لا تستطيع أي سيارة أن تعبره سوى سيارة جيب صالون أو وانيت قد تمنع الكثير من الحضور إلى المدرسة سواءً من المعلمين أو الطلاب. وإزاء ذلك قامت إدارة المدرسة برفع خطاب إلى مدير تعليم الطائف أوضحت فيه مدى المشاكل التي تواجهها المدرسة وأهل الوادي من هذا الطريق نظراً لوعودته وعدم سفلتته. فقام مشكوراً برفع معاناتنا الى المسئولين في وزارة النقل ومنذ ذلك الحين وحتى وقتنا الحاضر لم نلمس منهم أي تجاوب. الجدير بالذكر أنه وقبل عدة سنوات تم سفلتة جزء بسيط من هذا الوادي ولكن أتت السيول وجرفت هذا الأسفلت الذي لم يوضع بشكل صحيح ووفق دراسة مستفيضة.
كما تحدث الشيخ جابر الحساني فقال: نحن في هذه القرى نعاني الأمرين فمع هطل الأمطار تنجرف معها أعمدة الكهرباء (الضغط العالي) وذلك لأن الشركة المنفذة لهذا المشروع قامت بوضع هذه الأعمدة وسط مجرى السيل ولم تضعها في مكان مرتفع ورغم ذلك تظل هذه الأعمدة ملقاة على الأرض لعدة أيام وبسبب ذلك تنقطع عنا الكهرباء أيام عديدة حتى تتكرم شركة الكهرباء وترسل من يقوم بإصلاح هذا العطل الذي يعود كما كان عليه مع هطل الأمطار الغزيرة مرةً أخرى مع العلم بأن هذه الأعمدة عند سقوطها فإنها تشكل خطراً كبيراً على الأهالى بسبب التماس الكهربائي الصادر من هذه الأعمدة ونحن أهالي قرى وادي الشرقة نناشد المسئولين في شركة الكهرباء بضرورة إعادة النظر في وضع هذه الأعمدة.
مشكلة المياه
أما الشيخ عابد الشريف فقد قال: جميع أهالي الوادي يعيشون على بئرين تبرع بحفرهها أهل الخير احداهما نضبت مياهها واصبحنا نستخدم البئر الأخرى التي أوشك ماؤها ان يجف نظراً لتأخر هطل الامطار علماً بأن ماءها غير صالح للشرب ولا نستخدمه إلا في الغسيل والاستحمام وسقاية الزرع. أما فيما يتعلق بمياه الشرب فهذه مشكلة كبيرة نعاني منها فنحن نعتمد على مياه التحلية الصالحة للشرب والتي ينقلها الينا أهالي الخير والذين لديهم سيارات وانيت ويقومون بتعبئة جوالين كبيرة من منطقة الهدا لنستخدمها للشرب حيث إن الوايتات لا تستطيع الوصول إلى هذه المنطقة مطلقاً نظراً لوعورة الطريق المؤدي إلى القرى، فلو قامت مصلحة المياه بمد أنبوب كبير لنقل المياه من منطقة الهدا الينا وقامت بعمل خزانات كبيرة عند كل قرية لأزاحت عنا حملاً كبيراً.
قدمنا أرضاً للاتصالات ولكن:
ويضيف سعد القرشي انه في هذه القرى تكثر الحوادث سواء حوادث غرق أو لدغ أفاعي وحشرات وغيرها من المصائب ونظراً لقلة السيارات الموجودة في هذه القرى وعدم تمكن سيارات الإسعاف الوصول إلى هذه المناطق بسبب انعدام وسائل الاتصال التي من خلالها نتمكن من الابلاغ عن الحالة فإن كثير من الحالات تفارق الحياة. ومن هنا تتبع حاجتنا لخدمة الهاتف سواءً الثابت أو الجوال. وقد قمنا مرات عديدة بتقديم طلبات لشركة الاتصالات لتوفير هذه الخدمة لنا ولكننا نقابل بوعود زائفة وحجج واهية مع العلم أن هناك مواطناً من سكان هذه القرى قد تبرع بقطعة أرض كبيرة ومرتفعة لشركة الاتصالات لتقيم عليها برج جوال يقوم بخدمة أهالي القرى ولكن شركة الاتصالات لم تعمل من أجل ذلك أي شيء، وكما يعرف الجميع فإن خدمة الجوال أصبحت ضرورة ملحة ويحتاج إليها الجميع وخصوصاً أهالي هذه القرى النائية.
أما مرزوق الشريف فيقول: هذه السيول التي تداهمنا كل عام فتقلع مزروعاتنا وتجرف بهائمنا وتهدم منازلنا تستطيع أن تشتعل مياه هذه الامطار بما ينفعنا وذلك بعمل سد عند بداية هذا الوادي حيث يحفظ المياه ويكفينا هذه السيول ومخاطرها وبذلك نستطيع أن نستغل هذه المياه في زراعتنا وشربنا ونحافظ بذلك على منازلنا ومزارعنا وطرقاتنا التي دائماً ما تجرفها السيول كما يحتفظ هذا السد بمخزون اضافي من المياه قد تستثمر في أمور عديدة ومفيدة.
أسر معزولة
وتحدث مشيلح الحساني بأن معظم الخدمات التي يحتاجها المرء تنقصنا في هذه القرى، وبسبب ذلك نعيش في عزلة عن العالم فمعظم أهالي هذه القرى لايعرفون المدينة ومعظمهم لم يخرج من قريته بسبب قلة الحيلة وقلة وسائل المواصلات وأيضا بسبب وعورة الطرق وخوف معظم أرباب الأسر على عوائلهم كما أن غالبية سكان هذه القرى يتمنون الخروج من قراهم والانتقال إلى المدينة (الطائف) ولكن لقلة الحيلة وارتفاع اسعار السكن هناك جعلهم يتراجعون عن قراراتهم ويجبرون على ما هم عليه.
ويطلب الحساني من أهل الخير ورجال الأعمال والجمعيات الخيرية زيارة هذه القرى والاطلاع على أحوال أهلها لمعرفة احتياجاتهم والوقوف عليها وتوفير ما ينقصهم سواء من سكن أو غذاء أو مال حيث إن معظم سكان هذه القرى هم من أصحاب الدخل المحدود والبعض منهم من دون دخل، وأثناء تجوال الجزيرة بين هذه القرى تقدم إلينا رجل يبدو على ملامحه البؤس والحاجة وأخذ يخبرنا بوضعه حيث يعتبر هو العائل الوحيد لأسرة تتكون من ثمانية عشر شخصاً هم أبناء وابناء أخيه المريض النفسي الذي لا يعمل وأخبرنا أنه يعمل على قطع الحطب وبيعه بسعر زهيد لا يكفي لإطعام هذه الأنفس كما أنهم يسكنون في بيت متهالك لا يصمد أمام الامطار والرياح وهم يعيشون على فضل الله وتبرعات أهل الخير ويطلب من الله ثم من أهل الخير النظر في حاله وحال الكثيرين من المحتاجين ومد يد العون لهم ومساعدتهم بما يستطيعون.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved