Sunday 12th october,2003 11336العدد الأحد 16 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

صناعة السعادة صناعة السعادة
الشيخ سلمان بن فهد العودة

السعادة: معنىً لا يمكن الوصول إليه بكنوز الذهب والفضة؛ لأنها أغلى من الذهب، والفضة.
السعادة: كاللؤلؤة في أعماق البحار، تحتاج إلى غواصٍ ماهر يتقن صنعة الاكتشاف والغوص.
السعادة: هي مواقف، وكلمات، وتطلعات، ونظرات في الحياة بواقعية، وأمل وتطلع، وإشراق.
ابحث في داخلك ففي أعماقك السعادة، وفيها الينبوع الذي لا ينضب.


دَوَاؤُكَ فِيكَ وَمَا تُبْصِرُ
وَدَاؤُكَ مِنْكَ وَمَا تَشْعُرُ
وَتَزْعُمُ أَنَّكَ جُرْمٌ صَغِيرٌ
وَفِيكَ انْطَوَى الْعَالَمُ الأَكْبَرُ

فهات يدك - أخي الحبيب - مستعيناً بالله عز وجل، وهلُمَّ نُبحر سويعة في عالم السعادة!
لكن دعنا نسأل أولاً: ماذا تعني السعادة؟!
في استفتاء أُجري على حوالي 16 ألف شخص، سُئلوا ماذا تعني لهم السعادة؟
- 38% قالوا: السعادة تعني: الحب.
- 28% رأوا أن السعادة هي: الرضا.
- بينما قال 17%: إن السعادة هي: الصحة.
- وقال 7%: إن السعادة هي: الزواج.
- وقال 5%: إن السعادة هي: المال.
- وقال 3%: إن السعادة هي: السفر.
يقول الأستاذ الأديب عباس محمود العقاد: إن له صديقاً رساماً، يتخيل الأشياء، فتخيل السعادة ذات يوم، ورسمها فتاة في سن العشرين، تركض ذات اليمين، وذات الشمال في توقُّد وحركة وحيوية، وشعرها يتطاير يمنة ويسرة، وهي في قمة السرور واللهو والبهجة، وعرضها عليَّ، فقلتُ له لا أتخيل السعادة كذلك.
أولاً: هذا يمكن أن يُعبّر عنه بأنه لهو أو طرب أو متعة.
لكنَّ السعادة شيء آخر.
إن السعادة: أقرب إلى التجربة والخبرة منها إلى الغَرَارَةِ والمراهقة والجهل.
إن السعادة: أقرب إلى سن متقدمةٍ منها إلى هذه السن التي فيها كثير من بهجة الشباب وعنفوانه وقوته.
وثانياً: أن السعادة فيها كثير من معنى الاكتفاء، ومعنى الهدوء، ومعنى الحزن.
فهي ليست بسبيل إلى الضجيج، وإلى الصخب.
السعادة: ذوق، ووجد، وإحساس في داخل المرء، في قلبه، في ضميره.
لا يمكن أن نضع لها تعريفاً، كما يوضع عادة في كتب العلم تعريف لكل علم من العلوم.
السعادة: لا ترسم بالحدود والتعريفات.
ربما تطرق السعادة بابنا، لكنها متنكرة فلا نعرفها، ولذلك لا نفتح لها.
وربما تأتي السعادة ويعيشها الإنسان بكل قواه العقلية والنفسية والبدنية، ولكنه لا يشعر بها.
كسعادة الأطفال الصغار الذين يسعدون بحياتهم، ولهوهم وبراءتهم وألعابهم وبساطتهم، ومع ذلك ربما لا يشعرون بهذه السعادة، فإذا كبروا وقرءوا وعقلوا سمعوا عن شيء اسمه السعادة، فبدءوا يبحثون عنه وكأنه شيء مفقود.
لو كانت السعادة بالمال والذهب والفضة والدولار والرصيد لكانت الجبال والمناجم أحرى بالسعادة منا، فإن فيها الشيء الكثير من ذلك.
لو كانت السعادة بالجمال والنضرة والحُسن والزينة والبهاء لكانت الطواويس أحرى منا بالسعادة، ولكانت الورود والزهور والرياحين والشقائق أجدر منَّا بها.
ولو كانت السعادة بالبطش والقوة، وجهارة الصوت والصولجان لكانت الوحوش أتم سعادة من الإنسان.
وإذا كانت السعادة هي الأخلاق الفاضلة، والأقوال الرشيدة، والأعمال الصالحة، والجاه العظيم، والعقل الراشد، فإن الإنسان أحق بها.
إن السعادة:-
- بسمةُ طفلٍ طَهُورٍ.
- أو لَهَجُ لسانِ صادقٍ بكلامٍ طيبٍ، أو ذكرٍ لله عزَّ وجلّ.
- أو خَفْقَةُ قلبٍ متسامحٍ تجاهَ إخوانِهِ المسلمين.
- أو هَدِيَّةٌ بلا مَنِّ وَلا أَذَى.
- أو كَربٌ يَكْشِفُهُ ربُّكَ عز وجل عنك وعن إخوانك المسلمين.
- أو هَدفٌ نبيلٌ يتحقق لك أو على يدك أو على يد غيرك من المسلمين.
- أو ساعةُ جهدٍ وعناءٍ وعرقٍ، تَعْقُبُهَا راحةٌ ويتلوها نجاح.
إن الأباطرة، والأكاسرة، والمجرمين، والأكابر والأثرياء، ربما يخرجون من الدنيا وما ذاقوا أجمل ما فيها: الأنس بالله عز وجل، والسعادة بمناجاته.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved