Friday 10th october,200311334العددالجمعة 14 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

من الأهازيج المنوّمة للأطفال من الأهازيج المنوّمة للأطفال

من الطبيعي أن الأمهات والجدات يبحثن عن كل ما يريح الطفل سواء باللعب أو بالصوت، ولهذا نجدهن يصنعن بعض الأهازيج التي تناسب الساعات الزمنية التي يستطيب الطفل الذي لم يبلغ أربع سنوات سماعها قبل النوم، بل ربما كان مع اعتياده لسماعها من جدته أو أمه، يطالب بلغة لا يفهمها سواهن، وذلك عندما يشتهي النوم، ويغازل النعاس أجفانه.
والأمهات والجدات يحرصن كل الحرص على أن تكون الأهزوجة ذات جرس يطرب لنغمته الطفل، ويتناغم مع حركات هدهدته باليد، أو مع تحريك سريره أو الطبطبة على صدره أو على أحد جنبيه باليد، فتكون له بمثابة التنويم المغناطيسي.
هذا في حالة تنويم الطفل في أول الليل، أما إذا استيقظ في وسط الليل لجوع أو عطش مسه، فإنه متى مارضع، لا يكون تنويمه بالأسلوب الذي هدهد به في أول الليل كما أسلفنا، وإنما يكتفي الطفل بأن تضع أمه يدها على صدره أو جنبه، وتطبطب عليه هنيهة، طبطبة خفيفة جداً، لأنه في تلك الساعة لا يطالب أمه بسماع أهزوجة، وإنما يطالبها بما يشعره بأنه آمن، وأن أمه إلى جانبه، ليس إلا.
ومن الأهازيج التي كنا نسمعها من جداتنا وأمهاتنا في ناحيتنا في منطقة سدير عندما كبرنا وهن ما زلن يقمن بتنغيمها عند تنويم اخواننا الصغار، هذه الأهزوجة:
يا النوم دَوُّخ.. دَوُّخ
وبراس.. نَوُّخْ.. نَوُّخْ
ويكررن هذه الأهزوجة حتى يغط الطفل في نومه.
ولا أظن أن هناك غموضاً في معاني ألفاظها، لأن التدويخ كما في لسان العرب: التذليل، ودوّخ الوجع الرأس: داره، وداخ البلاد يدوخها: قهرها واستولى على أهلها، وكذلك الناس دُخناهم دوخاً ودوّخناهم تدويخاً: وطئناهم.
وكذلك التنويخ كما في لسان العرب، هو إبراك الناقة أو البعير، فتقول: أنخت البعير فاستناخ، ونوخته فتنوّخ - وأناخ الإبل: أبركها فبركت.
فالأهزوجة إذن كان يقصد بصياغتها وبمعناها ولغتها، وبتكرارها على مسمع الطفل، تدويخه، و استسلامه للنوم لينوَّخ في رأسه.
ثم إن الأمهات والجدات يذكرن حينما يأخذن في تنويم الطفل على أنغام كلمات تلك الأهزوجة اسم الطفل، فإن كان اسمه منسجماً بطبيعته مع وزن الأهزوجة وإلا صغّرن اسم الطفل تصغيراً تمليحياً ينسجم مع إيقاع الكلمات، فإن كان اسمه مثلاً: عبدالعزيز قلن: «براس العِزّي نوخ.. نوخ» أو «عِزيّز» وإن كان اسمه عبدالوهاب، قلن: وَهَيِّبْ - أوكان عبدالرحمن قلن: دحيم - أو كان عبدالله، قلن: عبيد - أو ناصر، قلن: نويصر - وهكذا بالنسبة للأطفال الذكور.
أما إن كانت بنتاً اسمها مثلاً نورة، قلن: نوير، وإن كانت لطيفة قلن، إلطيِّفْ - وإن كانت هيا، قلن: هِيَيَّا- وإن كانت لؤلؤة، قلن: اللولو - وهكذا.
وتبقى الإشارة إلى أنهن يُكيِّفن الاسم بالتصغير مع موسيقى الهزج حتى لا يكون في النغم نشوز، وكأنما هن يدركن أن الطفل يعرف الخلل الذي يصيب وزن الهزج الذي يطرب لسماعه، وأنه سوف لا ينام إذا لم يكن اللحن منسجما، والإيقاعات متناغمة مع نبرات الكلمات التي يسمعها وحركة اليد التي تطبطب عليه أو هزات السرير الذي ينام عليه.
وبالمناسبة فقد قيل لي إن الطفل لا ينام بسرعة إذا لم تكن الأهزوجة بصوت من اعتاد سماع صوته كأمه أو جدته، ولا أدري عن صحة ذلك.

أحمد عبدالله الدامغ

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved