Tuesday 7th october,2003 11331العدد الثلاثاء 11 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

ضياع الأبناء سببه بعض «الآباء»!! ضياع الأبناء سببه بعض «الآباء»!!

هناك موضوع دائماً عندما اطلع على اي كتابة عنه أجده يحاكي ما لدي وما يجول بخاطري واريد نثره ولكن احيانا الافكار تتشتت واحيانا التسويف يلعب دورا كبيرا في تأخيره، امر يصارعني بداخلي عندما اشاهد الاشخاص الذين يتحدث عنهم هذاالامر فما اكثرهم.. هذا الموضوع كتب عنه عدة كتابات ومشاركات كثيرة وكل يدلي بدلوه وآخر مرة كتب عنه يوم السبت الموافق 11/6/1424هـ وهو بقلم الاخ/ خالد عايض البشري بعنوان «حول الحوار مع الابناء» ومصاحبتهم والحرص عليهم وتهيئة الاجواء المناسبة لهم اي نعم حول اغلى ما عند الانسان في هذه الدنيا حول فلذات الاكباد واي فلذات اكباد نتحدث عنهم هل هم مثل ممن سبقهم؟ لا بل هم الآن يعيشون في زمن كثرت فيه مغرياتهم وكثرت الاسباب التي تحرفهم من جلساء السوء فلذلك لا نلوم الشباب اذا انحرفوا فهم عندما ولدوا لم يكونوا منحرفين بل ولدوا على الفطرة، وكما قال الرسول صلى الله عليه وسلم «كل مولود يولد على الفطرة فأبواه ينصرانه او يهودانه او يمجسانه» فحقا التي عاش فيها وليس كل ابن يكتسبها بل بعض الابناء مهما عاش في بيئة غير مناسبة ويوجد فيها الكثير من المنحرفين فهو تجده حريصا على ان لا ينحرف معهم بل تجده يبتعد عنهم حتى يجد من يميل اليهم وتوافق افكاره وينضم الى قافلتهم، اما بعض الابناء والعياذ بالله تجده مهيأ لاي سبب يحرفه فهو كما يقال على جريف متمايل قد يقع فيه في اي لحظة.
فالابناء مهما تحدث عنهم الكثير او حاولنا ان نربيهم التربية الصحيحة السليمة بطريقة عنيفة كالضرب والشدة والتعامل بالرسمية، فهذا الاسلوب لن ولن يعقب ابناً ناجحاً بل سوف يكون الابن معقداً ومتشتتاً ومتدنياً في دراسته وبالتالي يشذ وينحرف ويضيع مستقبله، فاذا اتينا الى هذه الطريقة وجدناها طريقة فاشلة والذي يقوم فيها اب فاشل لا يستطيع ان يكون عائلة ناجحة ومتميزة في المجتمع. فالابن بحاجة الى اب يخاويه ويرافقه ويوفر له كل شيء ويهيئ له الاجواء الاسرية المناسبة في المنزل ويربيه تربية صحيحة على التعود على الذهاب الى المسجد وتأدية الصلاة مع الجماعة من الصغر وخاصة صلاة الفجر وان يجعله ملماً بجميع الظروف المحيطة فيه ويحاول ان يبعده عن كل من يراه منحرفاً ويحذره عنه بالاسلوب المناسب وان لا يستخدم سلطة الابوة باستمرار.
ان بعض الآباء تجده لا يهمه في هذه الحياة الا ترفيه نفسه وجلب السعادة والسرور لها وهو بعيد عن ذلك مهما حاول لانه اهمل الابناء المسئول عنهم امام الله سبحانه وتعالى، فتجده السنة كلها يحاول الابتعاد عن البيت فهو ما بين العمل والاستراحة والاصدقاء الخاصين ولا يعرف المنزل الا وقت النوم في ساعة متأخرة من الليل، واذا اقبلت الاجازة الصيفية قدم اجازته وفر هاربا الى دولة يبحث فيها عن راحة نفسه وترك وراؤه تلك العائلة المسكينة ووالدتهم المغلوب على امرها، فبهذه الحالة كيف لا يكون ابناؤه منحرفين وفاشلين في دراستهم، فهم لم يجدوا أباً يقف بجانبهم بل انه وفر لهم ما يحتاجونه من امور الدنيا وترك الامور الباقية. فالابناء ليس فقط بحاجة الى توفير امور المعيشة والسيارة والجوال وغيرها، فهذه امور لا تعوض ما يفقدونه من حنان وسؤال عنهم وها هو يغرف في غفلة مع رفقائه ومع الاصدقاء الخاصين والعائلة ابعد ما يكون عنهم ولكن بعد ان يشاهد فشل ابنائه وكل يوم وهم اما لدى الشرطة او المرور او مع شلة فاشلة ومنحطه تجده يتحسر ولكن لا ينفعه ذلك.. فنقول لهذا الاب عفوا انت اب فاشل!! فلا تستغرب فشل ابنائك اذا كان قدوتهم لم ينجح في حياته فكيف تريد هؤلاء الابناء الذين منهم الابن الصغير والمراهق الذي لا يعلم عن مصلحته شيئا كيف تريد ان ينجح.. فأقول بامكانك ايها الاب ان تسعد نفسك وتوفر لها سبل الراحة والسرور وانت قريب من ابنائك.. فالمسئولية عظيمة ليست كما نتصورها، الابناء بحاجة الى قرب ومتابعة والسؤال عنهم أين ذهبتم ومتى عدتم الى المنزل والى من تذهبون، نسأل عن رفقائهم فالرفيق في هذا الزمن هو اهم شيء فكما قال «قل لي من هو رفيقك اقول لك من انت» فعن المرء لا تسأل وسل عن خليله.. فكل خليل بالخليل يحتذي.. فمرة اخرى اقول لكل اب فشل في تربية ابنائه افق ايه الاب وتدارك ما بقي منهم فالامر ليس صعبا وفي نفس الوقت ليس سهلا وانت الذي بيدك ذلك.. فكل شخص عندما تأتي اليه وتسأله سؤالاً هل تريد ابناءك يصلحون ام يفشلون.. من الطبيعي تجده يختار الصلاح ولكن لم يأخذ بالاسباب.. فماذا تنتظر ايها الاب الغافل هل تنتظر ان يعلن لك بان ابنك قبض عليه وهو مع رفقة سيئة اصحاب مخدرات او غيرها؟! اعلم انك لا تريد ذلك.. ولكن اسمح لي ان اقول اذا كان ابنك ذلك: فانت اب فاشل، فادع ربك ان يحولك الى اب ناجح بالارادة والعزيمة القوية والتغيير الجاد من قبلك انت وغير مبدأ حياتك انت اولا.
اما بعض الآباء جزاه الله خير الجزاء فتجد امره يختلف عن الذي سبقه فهو لا يستطيع مرافقة العائلة عندما يريدون السفر اما لاقاربهم او لغيرهم ذلك بل تجده يقوم بارسال الابن معهم معتذرا بالعمل او بغيره وهذا الابن تجده ما زال مراهقا وجاهلا في امور كثيرة.. فالحقيقة لقد استغربت من اب قام بارسال ابنائه ووالدتهم الى مكة المكرمة وهو لم يأت معهم بل انه وفر لهذا المرافق الخليفة للوالد اطال الله في عمره جوالا وخليفة الوالد هذا ما زال يغرق في عالم المراهقة حيث عندما سألته عن مرحلته الدراسية قال انه يدرس في الصف الاول الثانوي وعندما سألته عن والده لماذا لم يأت معهم قال إنه في العمل ولكن هل هذا الابن فعلا عندما اتى الى مكة المكرمة طبق الامر الذي اتى من اجله فعلا.. لا بل شاهدته شابا يحمل جواله مفتخرا فيه وكل ما يرى شابا في عمره يحاول ان يقترب منه ويكون معه صداقة ومعرفة وما هي الا لحظات حتى يتبادلون ارقام الجوالات والام المسكينة في الحرم او داخل الشقة.. انني عندما وجدته لدى الاستقبال في الشقة التي نسكنها واضعا جواله على أذنه ويتكلم مع صديق له واحيانا يطلق كلمات تخدش الحياء امام مسمع ناس لا يعرفهم ولم يوليهم اي اهتمام.. فيا ايه الاب الذي وكلت امر عائلتك الى هذا الابن اقول اي ابن وكلت الامر اليه.. أليس هو ابنك وتعرفه جيدا فكيف تتركه يمرح ويسرح على كيفه ويختلط بآخرين لا يعرفهم.. اللهم انه تعرف عليهم في مكة المكرمة.. واذا اتى الليل انطلق يتجول معهم في الاسواق وفي الساحات ولا يعود الا بعد طلوع الشمس ويغرق في سبات عميق حتى يأتي المغرب وها هو على هذا الوضع ويظن انه فعلا اعتمر وادي ما يجب تأديته في هذه البقعة المباركة التي قدسها الله.. فهذا الاب انخدع بهذا الابن ونقول له، لقد وكلت امر عائلتك الى ابنك المراهق.. فحاول ان تكون انت المرافق لهم وليس هذا الابن.. هذا ما نشاهده من جانب اما من الجانب الآخر فنشاهد آباء كبار السن رافقوا أبناءهم وبناتهم ووجدوا المتعة في مرافقتهم في جنبات بيت الله الحرام فأقول لهؤلاء هنيئا لكم وضاعف الله اجركم وعظمه.. فانتم قدرتم المسؤولية واتمنى من الله ان تقوموا فيها على الوجه الذي يرضي الله سبحانه وتعالى.
اما بعض الآباء فهو حقا يعتبر نموذجاً للابوة وقدوة في المسئولية. فهو بكل ما تحمله الكلمة من معنى ناجح في تربية لابنائه نجاحاً باهراً وبالتالي كانوا ابناء ناجحين، فهو كما ذكرنا خلق لهم اجواء مناسبة في المنزل واوجد جسوراً بينة وبين المدرسة واصبح صديقا لابنائه وليس أباً فقط بل تجده مرافقاً لهم وتجده يستشيرهم في بعض الامور ويجعلهم يحسون بوجودهم كأبناء فعلا ويتبادل معهم الحديث والطرائف، فهذا يجعل الابناء ناجحين ومستمرين في نجاحهم حتى ينهوا دراستهم وبعد انهاء الدراسة لن تواجههم اي عقبات بل سوف يكونون هم ايضا نماذج لغيرهم والدهم كان نموذجا بتعامله معهم فالابن كما تشير الكثير من كتب علم النفس حول تربية الابناء ونجاحهم بالحياة في حاجة الى اب يوفر له اجواء تربية مناسبة ويحترمه ويحاوره في الامور بهدوء ولا ينفره بل يقربه اليه ويجعله صديقاً له وليس ابنا فقط، فالحقيقة ان هؤلاء وهبهم الله سبحانه وتعالى الاسلوب الامثل والجيد الذي اوجد منهم ابناء صالحين ومتميزين في دراستهم وجميع شئون حياتهم، اما الاب الذي استخدم الغلظة والشدة وتثير ثارئته لادنى سبب فهذا لا يستطيع ان يصلحهم مهما حاول بهذا الاسلوب بل يزيدهم تعقيداً وينفرهم منه ونقول لهذا الاب.. ليس هكذا تورد الابل.

مناور بن صالح الجهني
محرر صحفي الجزيرة - الارطاوية

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved