Tuesday 7th october,2003 11331العدد الثلاثاء 11 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

في محاضرته: في محاضرته:
المالك أجاد وأفاد وشخَّص واقع «المدينة السعودية»

لقد أبدع سعادة الاستاذ خالد بن حمد المالك أيما إبداع وشخص المشكلة في حديثه عن هوية المدينة السعودية في محاضرته المتميزة والمنفردة من نوعها في يوم الأحد 24/7/1424هـ في مركز الملك عبد العزيز التاريخي.
لقد كنت اترقب بشوق محاضرة من هذا القبيل تبتعد عن الفلسفة العلمية وتتحدث عن جماليات تصميم المدينة السعودية فاذا بهذه المحاضرة تأتي من احد ابرز مثقفينا.. واجملهم اسلوبا في الحديث عن هوية المدينة السعودية.. لقد كانت عبارة الاستاذ خالد المالك موشاة بالعطر ولماعة بالذهب ومليئة بالمعاني.. كنت اتمنى سماعها منذ زمن.. لقد قال سعادته: «مطلوب منا اذاً تخطيط مدننا مستقبلا بشكل افضل.. ليس في مبانيها فقط.. ولكن في طرقها.. وحدائقها وكل شيء يضيف اليها لمسة من الجمال.. مع اتفاق مع وجهة نظر المهندس احمد حلمي من ان تخطيط المدن من تنفيذها من العمليات المعقدة التي تتأثر بكثير من المتغيرات والعوامل.. لكن مثلما نعتني بمنازلنا من الداخل فمن الضروري ان نعطي الاهتمام ذاته واكثر لمظهرها من الخارج.
اجل ان مدننا بحاجة الى عمليات جراحية.. وليس فقط في المخططات الجديدة يمكن ان نجعل من مدننا لآلىء في وسط الصحراء.. اذا اهتم كل صاحب متجر أو شقق أو منزل وخصوصا على الطرق الرئيسية التي تخترق المدن بواجهات عمائرهم ومنازلهم.. وما امامها من الشارع.. ولو اولت البلديات اهمية لهذا الجانب يمكن ان نجعل من شوارعنا جميلة اذا راعينا ثلاثة عناصر أو اربعة:
أ - تساوي ارتفاعات المباني والارتدادات.
ب - توحيد اشكال الواجهات.
ج - الحفاظ على جمالية الشوارع من حيث التشجير مع سهولة حركة المرور ومركز المشاة.
د - الاضاءة فاذا توفرت هذه العناصر الاربعة وروعيت سنحصل على مدينة جميلة.. رائعة المظهر.. ولكن عنصر الالوان والواجهات.. والتشجير والاضاءة يعتبر من اهم هذه العناصر.. حيث ان وجود تشجير أو اشكال جمالية في شوارع المدينة سيعطي لها منظرا جذابا.. ان المشكلة هي في عدم الاهتمام بمداخل المدن وتداخل الخدمات بها وحولها.. فتجد المخلفات من مداخلها.. والبلدية هي الاساس ويجب ان نعرف الدور المهم للبلدية في قضايا التنظيم المعماري وفي تطبيق الفلسفة المعمارية للمدينة والحفاظ على هويتها العمرانية وتنظيم شوارعها بحيث تكون جميلة «ان هذا الجهاز بحاجة الى بلدية تنظمه هذا اذا ما عدنا الى الهدف الذي وضعت البلدية من اجله وهو التنظيم، ولكن ما يهم في الحديث ان نتطرق الي دور هام جدا للبلدية ضاع في خضم مهامها الاخرى، الا وهو «التنظيم المعماري» للمدينة حيث ان البلدية هي الجهة المسؤولة الاولى عن تنظيم المدن معماريا وعن الحركة العمرانية كما ان المرور مسؤول عن تنظيم الحركة المرورية فبدون وجود المرور فسترتبك حركة السيارات وهكذا بالنسبة لحركة العمران فالبلدية جهة رقابية علي حركة المدينة العمرانية ان مظهر المدينة العمراني يجب ان يظهر متناسقا متكاملا دون اي بثور في وجه المدينة، والبلدية هي الجهة التشريعية الاولى في كل مدينة وهي الضابط لهذه الحركة لاشك ان للبلديات ادواراً عديدة منها الاصحاح البيئي والرقابة على المطاعم والمطابخ، وتوزيع الاراضي، والتشجير، والانارة، والسفلتة والرصف ولكن الموضوع محل البحث هنا هو تنظيم المدينة عمرانياً والحفاظ على واجهة عمرانية وفلسفة عمرانية محددة للمدينة وضبط التنمية العمرانية في المدينة ومراقبتها ويمكن ان يشمل ذلك ما يلي:
1- تنظيم مخططات التنمية العمرانية:
البلدية هي التي تقوم بتخطيط الاراضي قبل تعميرها والمخطط هو «الهيكل العظمي» الذي تقوم عليه المدينة ويجب العناية عناية تامة في دراسة المخطط بيئياً واقتصادياً وذلك بمعرفة النشاطات الاقتصادية والتجارية والسكانية التي يمكن ان تنشأ في المخطط مستقبلاً، وهناك اخطاء شائعة تقع عند تخطيط المخططات منها:
أ - عدم الاخذ بالحسبان زيادة عدد السكان في المخطط وعدم ربطه مع المخططات الاخرى.. فكلما زاد عدد السكان زادت حاجتهم الى الخدمات الاقتصادية أو الاجتماعية فترى المدارس صغيرة ثم تحتاج الى زيادة عدد فصولها حيث انها عند وضع المخطط وضعت على مساحة صغيرة نسبيا وكذلك المساجد التي تغص في بعض الاحيان بالمصلين مما يضطرهم الى الصلاة خارج المسجد نظرا لضيق مساحته.
وكذلك الشوارع التي تكون ضيقة ولا يتم تصميمها واسعة لتخدم الحركة المرورية المتزايدة.. وذلك بزيادة اعداد المركبات مع زيادة عدد السكان.
ب - وضع الشوارع في المخطط مع احتواء على منحنيات «Cuyves» خطرة جداً.. دون الاخذ بالحسبان مخاطر حركة المرور مع عدم وضع ميلان لاسطح الاسفلت في هذه المنحنيات «super clevation» والتي هي مقاومة للقوة الطاردة المركزية للسيارة الى خارج الطريق ويبدو ان السبب في عدم دراسة مثل ذلك هو ان من يقوم بوضع المخططات هم مخططون معماريون ليس لديهم خلفية في مبادئ هندسة الطرق.
ج - عدم دراسة طبوغرافية الاراضي دراسة وافية فكيف يتم وضع مخططات سكنية في مسارات الاودية أو في كثبان رملية غير مستوية مما يسبب كوارث مستقبلية في حالة نزول الامطار.
هذه الملاحظات تقع مسؤوليتها في المقام الاول على البلديات التي يجب ان تقوم بدراسات وافية قبل وضع المخططات وليس الهدف هو وضع وتنميق المخططات على الورق مع وجود مصاعب عند تنفيذها حيث ان وضع المخططات هو الصفر الذي تنطلق منه التنمية العمرانية للمدن.
وحين نلقي نظرة فاحصة على مدن العالم الثالث والمدن الصحراوية نجد العشوائية في التنمية العمرانية غير المنضبطة على الرغم من سلامة مخططاتها المعمارية فانت تجد البقالة بجانب الورشة ومحطة البنزين ملاصقة للفندق والسكن ملاصق للمستودع التجاري.. الي غير ذلك من المتناقضات.. ومن هنا وجب ان تقوم البلديات برقابة صارمة على مثل ذلك ووضع مخططات مناسبة للتنفيذ ويتم تنفيذها بدون تجاوزات.
وهانحن نرى المدن العالمية المتطورة تخطيطياً والتي تشتمل على شوارع رائعة التنسيق والمحلات التجارية عليها متناسقة.. فمثلا البقالات ذات لون واحد للأبواب وذات نمط واحد ولون واحد في اللافتة الموجودة على المحل.. كما هو حاصل في تجربة كبائن الهاتف لدينا والتي اثبتت نجاحاً باهراً.. فمن يريد كابينة الهاتف يراها من بعيد ويعرف شعارها ولون لوحتها بدون عناء للبحث أو السؤال عنها وفي هذا المجال لماذا لا تقوم البلديات بتطبيق نفس الفكرة على كل المحلات المتشابهة في خدماتها فمثلا المطاعم بلون واحد، البقالات بلون واحد والورش بلون واحد وهذا لا يعني تقييد حرية اصحاب المحلات في الدعاية لمحلاتهم بل باستطاعتهم وضع لوحات جانبية للدعاية لها وانما الهدف الاول هو الحفاظ على المظهر الحضاري المنظم لنشاطات المدينة التجارية.
2- ضرورة احترام قوانين المباني:
من اهم مسؤوليات البلدية تطبيق قوانين البناء فباريس مثلا حافظت على مظهرها العام باحترام هذه القوانين وبدون احترام لهذا القوانين فستبقى حبرا على ورق ولا احترام.. هذه القوانين اذا لم يكون هناك احترام ذاتي فلابد من فرض عقوبات رادعة لكل من يخالفها واقل هذه العقوبات فرض الغرامات المالية.. عندما تمر في شوارع باريس مثلا ستجد ان جميع المباني على ارتفاع واحد وعلى صف واحد دون بروز أو دخول «ارتداد» بل ان جميع المباني تقريبا يغلبها طراز معماري واحد.
3- إزالة الغبار عن المباني:
ان الغبار المتراكم على المباني يشوهها ايما تشويه ويجعل منظر ألوانها الفاقعة عندما كانت جديدة باهتا وذلك بفعل الرياح وعوادم السيارات التي تنفث ثاني اكسيد الكربون ومن الضروري إزالة هذا الغبار كل 7 - 10 اعوام ويزال هذا الغبار اما بسيل من الرمال الناعم أو يغسلها بالمياه أو باستخدام اشعة الليزر التي تنظف هذا الغبار من كل التجاويف.. وهانحن نرى المدن والعواصم العالمية تحتفظ بمبانٍ لماعة مشرقة براقة بفعل ازالة هذا الغبار والدخان المتراكم عليها على مر السنين.
4- ضرورة تعيين مسؤول للتنسيق المعماري في كل حي:
ان قسم واحد في الامانة أو البلدية يحوى عددا معدودا على الاصابع من الموظفين لن يمكنهم من مراقبة جميع الاحداثات في المباني أو بناء مبانٍ جديدة ولن يستطيعوا تغطية العدد الهائل من هذه المباني في المدينة ولهذا فمن الضرورة تعيين مهندس مسؤول في كل حي واذا اراد أي شخص ان يبني منزلا أو يحذف أو يضيف ان يعرض المخططات والرسومات على هذا المهندس المسؤول من قبل البلدية أو الامانة ليرى ما اذا كانت الواجهة المقترحة تتماشى مع واجهات العمارات الموجودة ام لا بل يتطرق جميع التفاصيل الدقيقة مثل اضافة شباك أو تغييره أو وضع خزان للمياه في اعلى المنزل.. ووجود مهندس متفرغ لهذا العمل يضمن لنا مدنا متناسقة ذات واجهات عمائر متماثلة وغير متنافرة جميلة اخاذة.
5- الابقاء على واجهات العمائر عند هدمها:
ان اعمال الهدم تمثل تخريبا لشيء قائم وربما كان هناك خطورة على المارة في الشوارع من اعمال الهدم هذه خصوصا في وسط المدينة وفي الشوارع التجارية وبقاء الواجهة بدون هدم يضمن عدم وصول الخطورة الى الشارع كما ان واجهات بعض العمائر اصبحت جزءا من تراث المدينة يجب الحفاظ عليه دون أي تغيير أو هدم ويكتفى بترميمه فقط.
6- معلوماتية شوارع المدينة:
من الضروري انشاء قاعدة معلومات لجميع شوارع ومنازل المدينة يضمن الوصول الى اي شارع أو منزل بسرعة متناهية خصوصا لاصحاب البريد أو الاسعاف أو سيارات الطوارىء أو الارساليات وايصال طلبات المنازل بسهولة فائقة عن طريق قاعدة المعلومات الشاملة هذه فلكل شارع اسم معين ولكل حي رقم يتفرع منه ارقام لكل شارع فيه ولكل منزل لا تتكرر في اي شارع أو منزل آخر.
7- تطوير وتحسين شوارع المدينة:
من الضرورة ان تقوم البلديات والامانات باعطاء لمسة جمالية لمداخل المدن والشوارع بأعمال الدهانات والاشجار والازهار والورود.. وفي حالة عشق البلديات لتحسين الشوارع بأنها تجعل منها آية في الجمال والروعة مثل جعل اعمدة الانارة واشارات المرور على شكل تحف واشكال جمالية وكذلك تنظيم الاكشاك ومواقف السيارات والحدائق بشكل رائع يضمن انسيابية حركة المرور لهذه الشوارع.

م. عبد العزيز بن محمد السحيباني

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved