Tuesday 7th october,2003 11331العدد الثلاثاء 11 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شدو شدو
في نفض غبار الأسئلة (2)
د. فارس محمد الغزي

لعلك تتذكر عزيزي القارىء إن شدو قد حاولت في الخميس الفارط أن توضح باختصار شديد أهمية وكيفية (نفض!) غبار التجاهل الإنساني الذي عادة ما يطال الأشياء التي يتكرر حدوثها في الحياة. فحين يحدث ذلك تبدأ الحواس لدى الإنسان بالتعود على هذه الأشياء ومن ثم التآلف معها بشكل قد يدفع بالأذهان إلى الاعتقاد إما ببساطتها فتجاهلها كلية أو غموضها فصرف النظر عنها يأسا من تأتّي فهم حقيقتها. وقد اتخذت شدو في مقالتها المعنية من موضوع الحب موضوعا لتوضيح طريقة السفر المعرفي المعاكس أي دراسة نقيض الحب بالمعنى وذلك هو (الكراهية) ففهم الشيء المتكرر والمألوف والمبتذل من خلال العبور إليه من بوابة نقيضه بالمعنى يمثل في هذا المنحى اعظم (مكنسة غبار) ذهنية.
وفي هذه المقالة نواصل الحديث عن منهجية النفض الغباري باتخاذ (الحسد) مثالا على ذلك، فلو افترضنا أن فرداً ما في خضم البحث في ايجابيات السلامة من داء الحسد فعليه في مثل هذه الحالة ضمانا لتحقيق أفضل النتائج المبتغاة العبور إلى موضوعه ايجابيات عدم الحسد من خلال بوابة نقيضها وتلك هي سلبيات واضرار الحسد. ولنأخذ مثالاً على ذلك ما يحدث حين تعيد الأسئلة نفسها تتكرر على ذهن الإنسان. فحين يعايشها عن كثب في واقعه اليومي المعاش فهي إما أن تنحدر في ذهنه إلى مصاف (تحصيل الحاصل) من الهامشي غير اللافت للنظر.. أو قد تأخذ مسارا ذهنيا مغايرا بحيث تصبح بالنسبة لهذا الفرد ألغازاً مبهمة، وفي الحالين غالبا ما يلجأ العقل الإنساني إلى تسجية المتكرر من الظواهر الإنسانية بالتجاهل لتنزوي من ثم في مكان سحيق معزول من كيانه بحيث لا تطالها اساليب اعادة الاكتشاف. ان «الشيء مملول اذا كثر» و«الكثير عدو للطبيعة» كما اعتادت العرب على قوله: بل اننا بقليل من التمعن في مألوف حياتنا المعاشة نجد أننا نستخدم في لغتنا اليومية العديد من العبارات التي تشي بالتحذير من التكرار وتحذر من عواقب فعله سواء أكان ذلك تكرار الأخطاء والهفوات أو تكرار الذات.. ذاتها من قبيل قولهم (لا تكرر نفسك) وذلك على سبيل التحذير والوصم والتحقير.
إن وقوع الأشياء صيغة ومنوالا - على شكل نمطي متكرر له مفعول السحر (الصارف) للذهن الإنساني عن الاستقراء الواعي، بل ان تكرر وقوعها يزودها ما يشبه (ابرة التخدير) حيث تبدو وكأنها تسلب العقل شهيته المنهجية لأن يلاحظ ما تآلف معه وتكرر حدوثه عليه. وهذا بذاته قد يقود الى ضياع فرصة طرحه وتطارحه ذهنيا فتضيع من أيدينا بسبب ذلك كل فرص اعادة اكتشاف ما يحدث بشكل متكرر في واقعنا المعاش من الظواهرالانسانية المختلفة.
.. في المقالة القادمة تختتم شدو ان شاء الله هذه السلسلة القصيرة والمبسطة والمتمحورة حول منهجية نفض الغبار الذهني الذي يطال الأشياء حين تحدث في الحياة بشكل متواتر ومتكرر.. على وجه التحديد سوف نستعرض الفوائد التي تم الحصول عليها بفضل منهجية فهم الشيء من خلال دراسة نقيضه بالمعنى.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved