Tuesday 7th october,2003 11331العدد الثلاثاء 11 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

أضواء أضواء
شارون ليس وحده من ينتهك الشرعية
جاسر عبدالعزيز الجاسر

ليس مستغرباً أن يمتد العدوان الإسرائيلي إلى الأراضي السورية.. ولكن الغرابة أن يتأخر حتى هذا الوقت.
فالتصعيد الإرهابي الذي تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين المحتلة والذي سلك عدة صور واتجاهات جميعها تحرمها المواثيق والقوانين الدولية وتمثلت في الاغتيالات السياسية وهدم المنازل، واستعمال الأسلحة الفتَّاكة في محاربة المدنيين من طائرات مقاتلة، ومروحيات مطاردة، وتقطيع الأراضي الفلسطينية ببناء جدار عنصري في عصر نبذت فيه البشرية الصور العنصرية.. في ظل كل هذه الأعمال المنبوذة تتطوَّع أكبر قوتين دوليتين«الولايات المتحدة الأمريكية» و«الاتحاد الأوربي»، بإعطاء الشرعية لهذه الأعمال المقززة تحت يافطة «الدفاع الشرعي».
ففي رأي أمريكا وأوربا والغرب عموماً، يعتبر كل ما تقوم به إسرائيل من إبادة للشعب الفلسطيني دفاعاً شرعياً.. وهو ما يعني إبادة شعب لإتاحة الفرصة لشعب آخر للتمتع بالحياة والأمن على حساب مأسي شعب آخر.. ومهما خرقت إسرائيل القوانين والمواثيق، ومهما ارتكبت من جرائم.. فإن عملها هذا يعد دفاعاً شرعياً حسب التوصيف الغربي، أوربياً، أمريكياً، ولهذا فإن إسرائيل تمتلك مسبقاً رخصة للقيام بالأعمال العدوانية، سواء انحصرت هذه الأعمال داخل فلسطين أو امتدت إلى الدول العربية الأخرى..!!
أمريكا وأوربا تعي قياداتها تماماً أن الاحتلال يولِّد مقاومة وقد مارست شعوبها هذا الحق الشرعي، فأنهى الأمريكيون احتلال أجدادهم البريطانيين بالمقاومة والحرب، والأوربيون قاوموا الاحتلال النازي، وقادة المقاومة الأوربيين ترتفع تماثيلهم ويمجدون تاريخياً، ويستمد الجنرال شارل ديغول زعيماً قومياً فرنسياً، وحتى أوربياً، شرعيته كونه قاد المقاومة الفرنسية والأوربية ضد هتلر. هذه الشرعية يحرمونها على الفلسطينيين، ويتخلَّى الأوربيون عن عرفات فيما ينبذه الأمريكيون من أجل عيون الإسرائيليين.
هذا الدعم المطلق وإسقاط شرعية مقاومة الاحتلال بمنح المحتل رخصة إبادة شعب بحجة الدفاع عن النفس لا يدفع جنرال الإرهاب شارون إلى مد عدوانه إلى الأراضي السورية فحسب، بل سيستمرئ مثل هذه الأعمال ليمتد إلى أراضي وعواصم عربية أخرى، خاصة إذا مرت فعلته هذه وعجز مجلس الأمن الدولي عن وقف مغامراته وعبثه بالأمن الإقليمي ودفع المنطقة إلى حافة الحرب.
وأمام مجلس الأمن فرصة جديدة للقيام بدور في حفظ الأمن ومنع نشوب حرب في المنطقة بتحذير إسرائيل من اللعب بالنار ووقف تحرشاتها بالدول العربية.. وعلى واشنطن أن توظِّف «الفيتو» هذه المرة إلى جانب منع انحدار المنطقة إلى حرب لا يعرف أحد مداها، بدلاً من أن تجعله كالعادة أداة لخدمة مغامرات شارون الطائشة والخطيرة.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved