Friday 3rd october,2003 11327العدد الجمعة 7 ,شعبان 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

شعر شعر
الإبداع وخفاياه
منصور عبدالعزيز القدير

يعتبر الإبداع انطلاقة لما قد تختزنه النفس البشرية من مشاعر وأحاسيس.. سواء كانت أدبية أو فنية وغيرها.. حيث إنها تبرز وبأساليب وطرق مختلفة عند كل مبدع، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه.. هل تبرز أعمال أي مبدع عندما يكون في أقصى قمة حسراته وآلامه؟!
وللإجابة على هذا السؤال وبعد البحث لسوف نجد أن أشهر القصائد والروايات، وأروع اللوحات، وأجمل المقطوعات الموسيقية، قد ألفت عندما كان أصحابها في أقصى درجات أحزانهم وآلامهم، حيث سكبوا جميع آلامهم ومشاعرهم الفياضة في قوالب فنية مطرزة غنية ساحرة.. حيث صورت ما بداخلهم من مشاعر وأظهرتها للناس، والتي دخلت إلى قلوبهم ونجحت في كسب إعجاب محبي فنهم. فقد أثبتت دراسات بأن المبدعين وخاصة في مجال الاختراع تتراوح أعمارهم بين الثلاثين إلى الأربعين عاماً ويزداد.. وأن المبدع قد يستمر عطاؤه حتى ولو بلغ السن المتأخرة من العمر، فهناك «سيمون لابلاس» أنهى علومه الفلكية وهو في (76) من العمر، والعالم «الكسندر همبولدت» قد أنهى معظم أعماله وهو في (89) من العمر، والموسيقار «جوسيت فيردي» كتب أوبرا «فولستاف» وهو في الثمانين.
ونجد أن هناك مبدعين برزت أعمالهم بعد أن كبروا في السن.. منهم الموسيقار «انطوان بروكتار» حيث بدأت أول أعماله الفنية كمؤلف موسيقي وهو في سن الخمسين، ونجد فنانين لهم تصرفاتهم الغريبة بحيث تكون ملكة الإبداع لديهم قد سيطرت على عبقريتهم بحيث لا يتحملون عبقريتهم الإلهامية الفنية، منهم الموسيقي «بتهوفن» عندما تجتاحه لحظة الإلهام فإنه يخرج عن طوره ويصبح وكأنه أصيب بقبس من الجحيم.. ومنهم كتاب كبار حاولوا الانتحار.. ومنهم من دخل المصحات العقلية مثل الفيلسوف الكبير «نتشيه» قد أمضى سنواته العشر الأخيرة في غيبوبة جنون. فمن المؤكد أنه ليس من الضروري أن يكون الفنان حزيناً لينجح.. فإذا استطاع الفنان أن ينقل أحاسيسه ومشاعره وهو في قمة سعادته وفرحه.. يكون قد أضاف من روحه الزاهية متعة وجمالاً لأعماله الفنية.. فتبدو أكثر جمالاً وبهجة.. التي إذا رأيتها أو سمعتها أو شاهدتها.. أبهجتك وسرتك، فهل من الضروري أن نتعذب حتى نبدع في أعمالنا؟! وهل يجب أن ينتظر كل شخص لحظاته السعيدة كي يعكسها على من حوله!؟ والاجابة بالتأكيد «لا».. فشعور الفنان بالناس والعيش وسطهم والألم لآلامهم والفرح لفرحهم.. ليعكس ذلك على أعماله بنبض وإحساس ثابت، والإبداع ليس في الفن فقط..
بل يوجد من بين الأعمال التي نقوم بها في حياتنا ونتقنها أثر واضح يدل على وجود شخص يملك في داخله لمسات إبداعية خفية، سواء كانت مكتبية أو ميدانية ويشعر بتلك اللمسات من يجلس من حواليه ويتعامل معه.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved