تعليقاً على ما جاء في صحيفتكم الغراء عن البطالة بعنوان «الواقع والمأمول» في عددها رقم 11302 وتاريخ 11/7/1424هـ في التحقيق الصحفي الذي اجري مع امين عام مجلس القوى العاملة، الذي بين فيه اسباب عدم تحقيق النسبة المطلوبة للسعودة بمحاولة تمرير المبررات غير المقنعة بأن المواطن السعودي يتطلع إلى العمل في قطاعات واماكن محددة ونوعية معنية من الوظائف وخاصة الادارية والمكتبية والامن الوظيفي، وبعد ان سرد كل سلبيات المواطن المزعومة، طمأننا بأن استراتيجية تنمية القوى البشرية في المملكة التي اقرها مجلس القوى العاملة تهدف إلى تهيئة القوى العاملة خلال مدى زمني يمتد إلى عام 1445هـ.
فالمواطن يرى بعينه بعض العمال من شرق آسيا يرفضون اقل من 1200 ريال اضافة إلى جميع البدلات المعروفة وغير المعروفة والسعودي يتم تعيينه ب 1000 ريال شاملاً جميع البدلات ويشترط عليه امتلاك سيارة وقد تم تعيين البعض منهم في القطاع الحكومي ب 800 ريال فتوجيه اللوم على المواطن بأنه سبب عدم تحقيق السعودة والتي لم تحصر كوجهة نظر وانما كحكم نهائي وامهال التاجر عشرين عاماً أخرى، وتبشيره باستمرار غض الطرف بتاريخ الاستراتيجية ويؤكد ذلك تزايد المشاريع الاهلية مثل ازدياد عدد المدارس الاهلية التي تبنى في مدينة الرياض التي اصبحت اكثر من المنازل في احياءه، مثالاً وليس حصراً، متروك لهم حرية فرض رسوم عالية واسعار خيالية وعدم الاسهام في توظيف السعوديين وعدم تحديد رواتب القلة القليلة من الموظفين المواطنين فنظرتكم للشباب السعودي القاصرة تعني الجهل به، فالانسان يبدو لكم انه عادي، والحق انه يملك شيئاً يتفوق فيه، ويميزه عن باقي اقرانه، وذلك لان الذكاء ليس نوعاً واحداً فهناك الذكاء اللغوي، والذكاء الرياضي، والذكاء الاجتماعي والتجاري، وهناك ذكاء في فهم الذات، وذكاء في فهم التاريخ، والمشكلة تكمن في عدم وجود من ينبه الشخص في نقطة التفوق لديه، أو عدم توفر الظروف التي تبرز الجانب اللامع في شخصيته، فان كثيرا من قصورنا في التعامل مع الابداع ربما كان يعود إلى سوء فهمنا للذكاء والابداع، وقد يخطئني البعض، بأن الطالب في المدرسة هو الذي ينبه والموظف الجديد لا، فأقول له ان الاشبال حديثو عهد بالوظيفة ويحتاجون إلى الوقت الكافي لاكتشافهم من المدير المباشر، أو غير المباشر، ومن ثم استغلال المواهب،
ان من غير الممكن أن نتوصل إلى حلول كاملة، في وسط غير كامل، فلو تأملنا في ادارات القطاع الخاص لوجدنا انها مصابة بحمى الانجاز السريع، الذي يزرع الخوف والانكماش بدلاً من الابداع، فالحرية شرط مهم للابداع، والتوجس من كل فعل وكل كلمة، قيود تقتل الابداع، ولن ينتشر الابداع في الجيل الا اذا نظرنا اليه نظرة جيدة، ويجب أن نبشر بها على كل صعيد وبكل وسيلة، ولا ابداع لمرؤوس الا بسبق رؤسائه له، ودافع الابداع انبهاره واعجابه الشديد برئيسه المبدع فصانع الابداع الرئيس، والمرؤوس بدوره يتقلد الطرق باختلاطه به، فالثقافة اداة تربية، واصلاح، كما انها اداة تصور للمشكلات، وتحديد التحديات، فهي الوسيط في كل اعمالنا الحضارية الكبرى، وخصوصا توسع الثقافة والدراية ببعض الافكار حول القلق والتوتر وكيفية المساعدة على خفضهما لدى الغير والوعي والاحساس بالشأن العام وبحقوق الاغلبية المستضعفة من الناس.
اخي المسلم: انتظار مثوبة الله في الآخرة، وتعويضه في الدنيا، يفتح لنا باب الامل، والرجاء، على مصراعيه، فبذلك نشعر بالامن، والاطمئنان، فالنموذج الرفيع هدف المسلم ان يكون متمثلاً فيه، فمهما كثر الخير لدى الناس، وعمهم الرخاء، فانهم سيظلون يتوقعون اللمسة الانسانية من قريب وصديق وجار وزميل، حيث إن هذه الحياة فيها اشياء كثيرة لا يمكن الحصول عليها بالمال وقال تعالى: {(وَالَّذِينَ تَبَوَّأُوا الدَّارَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) }.. ولابد ان يملك المدير قدرات القراءة والكتابة والكلام. فاكتساب احترام اللغة باعتبارها اغلى هبة وميراث لدى الانسان وفهم التعريفات القديمة للتعبيرات البلاغية باعتبارها الفن الذي يجذب قلب الانسان إلى حب المعرفة وبدون تحفيز الناس عن طريق الكلمة المكتوبة والمنطوقة لن يكون المدير ناجحاً ان نجاح المديرين يحدد بنجاح العمل والوصول إلى الهدف وهو أيضاً اتجاه الادارة بأكملها، اي لو جيء بعمال عاديين غير مبدعين وليس فيهم سيئ أو متقاعس لقامت المنشأة على انتاجهم بنجاح بدون مدير ولكن اهمية المدير توحيد الرأي وسياسته وابداعه اي ان شروط القدرة والابداع على المدير قبل العامل. فالقياس للانتاجية المرجوة ليست في الاجر المناسب للعمل المناسب، لان هذا يجعل العامل لا يعمل الا المطلوب منه فقط، وطبيعة الانسان تدعوه إلى ان يصبح افضل العمال وليس اسوأهم، وهذا هو الهدف المنشود للجميع لابد للتاجر ان يطمع في اكثر من مجرد «عامل مناسب» وذلك بالتكريث الطوعي بدلاًً من اذعان العامل ان نخلق فيه روح الجماعة.
عبدالله بن محمد الحميضي - الرياض
ص.ب: 20925 الرياض: 11465
|