للزيارة التي قام بها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام الى الجمهورية اليمنية الشقيقة دلالات ومعان ومرام اكبر وأوسع مما تلقفته العديد من وسائل الاعلام وتكرمت به علينا خاصة تلك التي يحلو لها الاصطياد دوما في المياه العكرة وتعتسف كل جهد وبشارة خير وتعاون مثمر بناء في كلمات قليلة تطوقها بهالة من السلبيات والأقوال الممجوجة والدوران تحت رحى ما يسمى بطاحونة محاربة الارهاب التي تجمع في أحشائها كل طيب وخبيث.
والمملكة حفظ الله مليكها وحكومتها الرشيدة وشعبها المضياف اوسع صدرا من ان تلتفت الى نباح ذوي الأقلام المأجورة فقد وفق الله نواميس الكون التي هي بيده بأن حباها بوزن ديني وسياسي واقتصادي وثقل اجتماعي يؤهلها دائما لخط المقدمة والريادة لتتولى قيادة السفينة العربية بربان مهرة في ظل البروق والرعود والعواصف التي تكاد تخطف ابصار الأمة بما تواجهه من هجمة شرسة منظمة ومرتب لها وفق سياسة دولية مكشوفة تريد ان تأخذ من الامة الاسلامية كل مأخذ وتأتي المملكة العربية السعودية على رأس الاستهداف الحاقد الخفي الذي يعطينا المروجون له من أطراف ألسنتهم حلاوة لكنهم يروغون كما يروغ الثعلب.
نعم أقول هذا على هامش زيارة سيدي سلطان الخير الى اليمن السعيد، فقد حصر الاعلام المعادي هذه الزيارة الميمونة في بند مكافحة الارهاب فقط وقفز الحاقدون على كل العلاقات الأزلية للشعبين العربيين الأصيلين بتاريخها التليد وحاضرها المزهر ومستقبلها الباهر الواعد بخيرات كثيرة، نعم مكافحة الارهاب هم الجميع والمطلوب استئصال شأفته وتجفيف منابعه وملاحقة الارهابيين في جحورهم المظلمة بضربات استباقية وهذا افضل من ان يتركوا هكذا ويلاحقوا بعد ان يسفكوا دماء المسلمين، اذ كيف تنام الزهور اذا كان عصف الرياح يمور بها، وما نراه اليوم من ملاحقة وتطهير لقنوات ومنابع الارهاب البغيض بات من صميم الأهداف المجيدة لحكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين التي تسعى لتحقيق الأمن فوق أرضها الطاهرة لينعم بالأمان والرخاء كل من يعيش تحت سمائها الزاهرة.
ويحق لقادة المملكة حفظهم الله ان يرفضوا الوصاية والوشاية والمزايدة وفق مصطلحات يعرف الجميع نوايا ومقاصد الذين يروجون لها صباح مساء ونحن نربأ بوسائل اعلام بعض الدول الشقيقة ان تشرب من ذات الاناء الذي ولغت فيه الآلة الاعلامية الصهيونية وأسقت معها كذلك بعضا من ابواق الاعلام العربية التي تتاجر بقضايا الأمة ممن اعتادت ان تخلط السم بالدسم، وعليه بات من الضروري ان تفهم زيارة سيدي سلطان الخير لليمن في اطار عمومياتها خاصة اذا ما أخذنا في الحسبان ان هناك مجلسا سعوديا للتنسيق مفوضا من قيادات البلدين لانفاذ كل الاتفاقات وتفعيل مذكرات التفاهم التي تصب في مصلحة الشعبين الجارين اللذين يرتبطان بعلاقات أخوية تضرب بجذورها في اعماق التاريخ وقد لاحظنا جميعا سعي القادة الحثيث للارتقاء بالعلاقات الاخوية الحميمة القائمة بين البلدين لتحقيق المزيد من المنجزات الواسعة في شتى الميادين كي تسعد الشعوب بهذه العلاقات التي تشهد تناميا عاليا وملموسا لتصل الى الطموحات المأمولة وهذا تأكد لنا عبر ما رأيناه من حجم العمل الكبير الذي تم انجازه والاتفاقيات العديدة التي تم توقيعها والتي غطت مجالات واسعة من التعاون الثنائي.
دعوني اعيد القول: ان مكافحة الارهاب ومحاصرته وتجفيف منابع تمويله وايقاف المتسللين على الحدود الطويلة للبلدين الجارين أمر يحتاج الى تنسيق كامل متكامل، لكن في خضم زخم الارهاب علينا ألا نتناسى سبعة عشر وزيرا اضافة لعدد بارز من كبار المسؤولين اصطحبهم معه سمو النائب الثاني لتفعيل كل الاتفاقات التعليمية والانمائية والأمنية والاقتصادية وتحريك النشاط التجاري على أرض الواقع بل لاحت في الأفق بشارات دعم انشاء منطقة التجارة الحرة بين البلدين الشقيقين واذ ما تم ذلك فانه دون شك سيكون فتحا جديدا في عالم الاقتصاد خاصة وانها منطقة تجارية حرة بين دولتين مؤثرتين على الاقتصاد العالمي، ومن بشائر الخير أيضا التوقيع على اتفاقية في الجانب السياحي تستهدف تطوير آلية العمل اللازمة لتمكين الشعبين من الاستفادة في المجال السياحي وتأهيل العاملين وتطوير المواقع السياحية والثقافية.
ان زيارة سيدي سلطان بن عبد العزيز الى اليمن السعيد تعد لؤلؤة صاغها الماء من شغف ومن برد ومن أصالة معتقة فهاهو سموه يحمل راية النضارة والحضارة بكفه الناصعة ليداوي في روح العرب الجروح مما حرك في كوامن دواخلي شجونا عديدة، وما رأيته عبر شاشات التلفزة من صفوف بشرية ملأت جنبات الطريق الرابط بين مطار صنعاء وبين مقر اقامة سمو النائب الثاني والوفد المرافق له يؤكد مدى حب الشعب اليمني لسموه فتلك الجموع البشرية خرجت بصورة تلقائية لاستقبال سلطان الخير الذي ما حط رحاله في بلد الا وساق معه الخير العميم والبشارات الهتونة.
ان الشعبين السعودي واليمني في فرح زائد وسعادة غامرة بتدشين مشاريع تنموية تعود بالخير والفائدة للجميع وهذا ما يسعى اليه سلطان الخير في كل زياراته وجولاته على أشقائه العرب وبمثلما أعطانا هنا جواهر الخير بالمملكة، فقد ساق ايضا لأشقائنا في اليمن سحائب الرحمة والعطاء والرخاء فليهنأ الجميع بثمرات ما تمخضت عنه اللقاءات وبشرى تسوقها لاخوان العقيدة والعروبة في بلاد اليمن بأن فتوحات كثيرة وبركات غفيرة ستنزل عليكم بمجيء سلطان سفير الخير الى بلادكم، فهنيئا لكم يا أهالي اليمن بزيارة سلطان بن عبد العزيز الذي دونه الشمس والغيوم يتقدم لكم شامخا بعواطفه الرحيبة التي تمتد من صدره الغض الى فضاء النجوم يوازن بين الزهرة الخادرة والرياح العواني فلا توصدوا الأبواب على همومكم بل افتحوها للشمس والهواء الطلق اذ ستصدح مكارم سيدي سلطان كالبلابل نحو هامات الجبال لتجعلكم تضحكون في وجه العاصفة، خذوا تصريحات سلطان وادعكوها بالحناء والبنفسج ثم اقذفوها في وجه الريح ليعود الصدى موجا من الطراوة والندى باركوا شم أنفاس كلماته الملائكية الطروبة التي تنثر بدياركم عواطف قدمت من هواء الحنين رسالة يمامة زرقاء ترى ما وراء الأفق.
سلمت سيدي سلطان يا شجرة اصلها ثابت وفرعها في السماء فأنت بحر من المحبة والالفة والكرم ولين الجانب وطيب المعشر ترخي عطاياك لليل همومنا فيشتعل الليل قناديل تبدد حجب الظلام، فلك سيدي سلطان ان تكون كما تشاء وردة متوجة بأكاليل الانتصار فقد اشرعت الباب للعاصفة باعثا بمكارمك مع طائر البرق كي تداعبها الشعوب الظمأى بأحلام شاهقات كجبال اليمن، فها أنت سيدي ترفع سجاياك سيفا مضفرا في وجه الصعاب وردة معطرة على جبين الناس وماسا يرصع تاجك المشع من نارة محياك، فاليك سلطان البهاء ابعث الشوق المتسربل في الشرايين المدجج بوهج العاطفة كما ابعث سلامي اليك خالصا مخلصا راضيا مرضيا.
|