حدث في المحكمة
الأحلام لا يبنى عليها أحكام
يرويها فضيلة الشيخ الدكتور إبراهيم بن صالح الخضيري ( * )

اتى بخطى ثقيلة إلى القاضي، يتهادى، وقدم لائحة ادعائه بأنها في ذمة فلان لابيه المتوفى مبلغاً مقداره كذا وكذا، ويطلب الحكم به عليه، فلما اعطاه القاضي موعداً، سأل القاضي المدعي ماذا تريد من هذا المدعى عليه؟ فقال: إن في ذمته لابي مبلغاً مقداره كذا، ومقابل كذا، وبصيغة كذا وكذا، فقال للمدعى عليه: ما قولك؟ قال: ابداً لا صحة لكلامه، وليس في ذمتي لابيه شيء، فسأل المدعي: أعندك دليل على دعواك او بينة؟ قال: بينتي هي رأيت ابي في المنام عدة ايام متواليات، يقول لي: ان في ذمة فلان بن فلان لي مبلغ مقداره كيت وكيت وكيت، فتبسم القاضي وضحك كثيراً، وقال: ما قولك في رؤياه ايها المدعى عليه؟ قال: لا علم لي برؤياه ولا اعرف شيئاً، فقال القاضي: اعلم - ارشدك الله لطاعته - ايها المدعي ان الرؤى والاحلام لا يُبنى عليها احكام، ولا تعتبر مستنداً ولا دليلاً، وإنما تكون الرؤيا مبشرات، وإذا كان ثبت ان احد اصحاب رسول الله - عليه الصلاة والسلام - رأى في المنام ان صاحباً له من الصحابة - رضوان الله - عليهم - يوصيه بمال، ويأمره بوفائه، ويدله عليه، فانطلق فوجده كما قال، فانطلقوا الى قائد الجيش فأنفذ وصيته، هذه القضية رواها البيقهي في السنن الكبرى، قالوا إن صحت فانما هي لا تعد دليلاً على العمل بالرؤيا، ولكن عُمل بالقرائن الظاهرة بهذه الرؤيا التي حفت بها ودلت عليها، وهو انه انطلق فوجد تحت البرمة وفي المكان المحدد في الرؤيا مالاً ووجد دآبة السيف ووجد اشياء قصها في الرؤيا - ليس هذا موطن ذكرها لاني نسيتها -، ولكن من المعلوم به ديانة ان الرؤيا لا يعمل بها بوجه من الوجوه، وبهذا يحرم الالتفات الى هذه الرؤيا، واتهام الناس بموجبها او ظلمهم.
وانهى القاضي القضية بسقوط الدعوى، وصرف النظر عنها، ونصح المدعي بتقوى الله - سبحانه وتعالى - بعد استكمال اجراءات النظر القضائي الشرعي، وفق الاصول الشرعية المرعية، والأنظمة المرعية المعتبرة.. والله ولي التوفيق.