التقلبات المتسارعة التي شهدها العالم أواخر القرن الماضي والتي كان من ابرزها انهيار الاتحاد السوفيتي، وضعت العالم تحت رحمة القطبية الاحادية بزعامة امريكا وما ترتب على ذلك من هيمنة للفكر الليبرالي وظهور جملة من المصطلحات الجديدة في السياسة الدولية تهدف الى ترسيخ قيم ومفاهيم العولمة.. في عملية منظمة ومقصودة تقودها وتحركها القوى الرأسمالية في المجتمع الامريكي لفرض نموذج فكري واحد ليسود العالم. ويتطابق فكرياً وسياسياً مع الفكر السياسي الليبرالي الجديد.
العرب بحكم موقعهم في قلب العالم وتحكمهم في اهم ممرات التجارة الدولية اضافة الي مخزون النفط في بلادهم هم اول ضحايا ظاهرة العولمة الأمريكية التي يسوَّق لها تحت غطاء اقتصادي يدعو الى فتح الاسواق والخدمات من جانب واحد وفي اتجاه واحد يكرس مبدأ هيمنة الشمال المتقدم على الجنوب المتخلف في حين أنها تشمل جوانب اخرى غير معلنة تستهدف النسيج الاجتماعي المترابط للشعوب، وقد تجلت اهداف هذه العولمة بوضوح سياسياً في المنطقة العربية، بإعطاء الليبرالية الامريكية الحق في اعادة صياغة النظام السياسي العربي وتخريط المنطقة بما يحقق الاهداف والمصالح الامريكية في السيطرة وفرض مفاهيم جديدة في العلاقات الدولية تحت ذريعة حماية حقوق الانسان ونشر الديمقراطية وتغيير المعتقدات والهويات الوطنية والترويج للقيم الاستهلاكية الفردية للمجتمع الامريكي والاوروبي واعتبارها قياسا للعلاقات واساسا للتعاون.
|