Wednesday 9th july,2003 11241العدد الاربعاء 9 ,جمادى الاولى 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

المفتي.. والعمليات الإرهابية المفتي.. والعمليات الإرهابية
حمد بن أحمد السويلم / مدرسة صقر قريش بالرياض

قد كنت من ضمن الحاضرين لمقابلة عرضها تلفزيون العربية يوم الثلاثاء 19/3/1424هـ مع العالم الاغر الازهر معلمي واستاذي سماحة الوالد الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله ال الشيخ - وفقه الله وسدد خطاه ورحم الله من انجبه - وكان محور النقاش حول الاحداث التي المت بنا، نسأل الله ان يديم علينا نعمة الامن والامان وان يكف بأس ايدي الذي ظلموا وان يتم دعوة ابينا ابراهيم عليه السلام «رب اجعل هذا البلد آمناً».
وقد اجاب سماحته بكل صراحة ووضوح، والذي شدني من النقاش حتى عرض عليه الاخ المذيع السؤال الاول حينما سأله وقال له بأن سبب وجود هذا الفكر انه نشأ في محيط الدولة السعودية والمتهم في ذلك هو القيادة العلمية فأنتم بذرة هذا الفكر وكان رد الشيخ - وفقه الله - بأن المؤسسة العلمية لم تدعُ الى هذا الفكر والمؤسسة العلمية قائمة على منهج كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وانها لاتدعو الى مثل هذا الفكر فالمشكلة ليست مشكلة المؤسسة العلمية في هذه البلاد فهذا بسبب جهلهم وعدم فهمهم للدين وان مثل هذه الافكار حصلت في عصر النبوة حينما قال ذلك الرجل للرسول صلى الله عليه وسلم «اعدل» فقال الرسول صلى الله عليه وسلم «ومن يعدل اذا لم اعدل» فقال عمر اقتله قال الرسول الرحيم: «لا تقتله فإنه سيخرج من صلب هذا اقوام لايجاوز القرآن حناجرهم يحقر احدكم صلاته عند صلاتهم» فمثل هذه الافكار حصلت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وان الاختلاف حصل في عهده ولكن الرسول حذر الامة من الاختلاف فالقرآن الكريم دائماً يحذرنا من الامم السابقة التي اختلفت مع أنبيائها وخاصة الامم السابقة للاسلام من اليهود والنصارى.
قال تعالى {وّلا تّكٍونٍوا كّالَّذٌينّ تّفّرَّقٍوا وّاخًتّلّفٍوا مٌنً بّعًدٌ مّا جّاءّهٍمٍ البّيٌَنّاتٍ} وهم اليهود والنصارى الذين افترقوا على اكثر من سبعين فرقة ولهذا نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن متابعتهم في نفس التفرق والاختلاف مع انه صلى الله عليه وسلم اخبر ان امته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة واخبر انها كلها في النار اي الفرق الا واحدة قالوا من هي يارسول الله قال: «ما انا عليه اليوم انا واصحابي» وعن معاوية رضي الله عنه قال: «والله يامعشر العرب لئن لم تقوموا بما جاء به محمد كغيركم من الناس احرى ان لا يقوم به» فبين الرسول صلى الله عليه وسلم ان عامة المختلفين هالكون من الجانبين الا فرقة واحدة وهم اهل السنة والجماعة وهذا الاختلاف المذموم يكون سببه فساد النية لما في النفوس من البغي والحسد وارادة العلو في الارض ويكون سببه تارة الجهل اي جهل المختلفين بحقيقة الامر الذي يتنازعان فيه او الجهل بالدليل الذي يرشد به احدهما الاخر او جهل احدهما بما مع الآخر من الحق والجهل والظلم هما اصل كل شر كما قال سبحانه وتعالى {وّحّمّلّهّا الإنسّانٍ إنَّهٍ كّانّ ظّلٍومْا جّهٍولاْ}
و الاختلاف قسمان: اختلاف تنوع، واختلاف تضاد واختلاف التنوع منه مايكون كل واحد من القولين او الفعلين حقاً مشروعاً كما في القراءات التي اختلف فيها الصحابة حتى زجرهم الرسول عليه السلام وقال كلاكما محسن والاوجه منه كثيرة وكل واحد من المختلفين مصيب فيه بلا تردد لكن الذم واقع على من بغى على الآخر فيه وقد دل القرآن على حمد كل واحدة من الطائفتين في مثل ذلك اذا لم يحصل بغي كما في قوله تعالى {مّا قّطّعًتٍم مٌَن لٌَينّةُ أّوً تّرّكًتٍمٍوهّا قّائٌمّةْ عّلّى" أٍصٍولٌهّا فّبٌإذًنٌ اللهٌ} وقد كانوا اختلفوا في قطع النحل فقطع قوم وترك آخرون.
وكما في قوله سبحانه وتعالى {وّدّاوٍدّ وّسٍلّيًمّانّ إذً يّحًكٍمّانٌ فٌي الحّرًثٌ إذً نّفّشّتً فٌيهٌ غّنّمٍ القّوًمٌ وّكٍنَّا لٌحٍكًمٌهٌمً شّاهٌدٌينّ فّفّهَّمًنّاهّا سٍلّيًمّانّ وّكٍلاَْ آتّيًنّا حٍكًمْا وّعٌلًمْا} فخص سليمان بالفهم، واثنى عليهما بالعلم والحكم.
وكما في اقرار النبي صلى الله عليه وسلم يوم بنى قريظة لمن صلى العصر في وقتها ولمن اخرها الى ان وصل بني قريظة وكما في قوله صلى الله عليه وسلم «اذا اجتهد الحاكم فأصاب فله اجران واذا اجتهد فأخطأ فله اجر» ونظائره كثيرة.
اما اختلاف التضاد فهو ما حمد فيه احدى الطائفتين وهم المؤمنون فالمصيب واحد وهم المؤمنون وذم الاخرى كما في قوله تعالى{وّلّوً شّاءّ الله مّا اقًتّتّلّ الّذٌينّ مٌنً بّعًدٌهٌم مٌَنً بّعًدٌ مّا جّاءّتًهٍمٍ البّيٌَنّاتٍ وّلّكٌنٌ اخًتّلّفٍوا فّمٌنًهٍم مَّنً آمّنّ وّمٌنًهٍم مَّن كّفّرّ وّلّوً شّاءّ اللهٍ مّا اقًتّتّلٍوا } واكثر الاختلاف الذي يؤول الى الاهواء بين الامة من القسم الاول وكذلك آل الى سفك الدماء واستباحة الاموال والعداوة والبغضاء لأن احدى الطائفتين لاتعترف للاخرى بما معها من الحق ولاتنصفها بل تزيد على مانع نفسها من الحق زيادات من الباطل والاخرى كذلك.وهذه سنة الله فالاختلاف موجود والرسول صلى الله عليه وسلم لم يخف على امته الفقر وانما يخاف بسط الدنيا وتنافسها واهلاكها ففي صحيح مسلم عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «اذا فتحت عليكم خزائن فارس والروم اي اقوم انتم؟ قال عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه: نكون كما امرنا الله عز وجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «تتنافسون ثم تتحاسدون، ثم تتدابرون او تتباغضون او غير ذلك ثم تنطلقون الى مساكين المهاجرين فتحملون بعضهم على رقاب بعض» فالخلاف موجود وهو من سنن الله وان سبحانه وتعالى قال {وّلا يّزّالٍونّ مٍخًتّلٌفٌينّ إلاَّ مّن رَّحٌمّ رّبٍَكّ} فجعل اهل الرحمة مستثنين من الاختلاف جعلنا منهم برحمته ومنّه وبركته فأهل الرحمة مجتمعون متفقون والمشركون فرقوا دينهم وكانوا شيعاً فإذن الخلاف باق ولكن اذا كان كذلك فلماذا يورده الشرع واقول يورده الشرع محذراً من الخلاف وانه سبب ضعف المسلمين ومع ذلك فهنالك فئة تحدث عنها الرسول صلى الله عليه وسلم انها قائمة على الحق لايضرها من خالفها حتى يوم القيامة جعلنا الله منها برحمته وهي الطائفة المنصورة التي تنتسب الى كتاب الله وسنة رسوله علماً وعملاً لا الطائفة التي تدعو الى الحزبية او تدعو الى القومية او الى القبلية وانتساب الرجل الى وطنه او الى قريته حسن ومحمود دعا اليه الله ورسوله لكن لايكون هذا منتصراً لوطنيته او قوميته او قبليته فكذلك لما حصل مثل ذلك حينما قال احد الصحابة ياللانصار وقال للآخر ياللمهاجرين فقال صلى الله عليه وسلم دعوها فإنها جاهلية، وعن ابي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ان الله قد اذهب عنكم عُبّية الجاهلية وفخرها بالآباء، مؤمن تقي او فاجر شقي انتم بنو آدم وآدم من تراب ليدعن رجال فخرهم بأقوام اثماً هم فحم من فحم جهنم او ليكونن أهون على الله من الجعلان، التي تدفع بأنفها النتن» ومثله عنه رضي الله عنه عن النبي اليتيم الهاشمي صلى الله عليه انه قال: من خرج من الطاعة وفارق الجماعة، فمات: مات ميتة جاهلية، ومن خرج على امتي يضرب برها وفاجرها ولايتحاشى من مؤمنها ولايفي لذي عهد عهده: فليس مني ولست منه».
فياأهل الحرمين وياأهل الجزيرة ويا أهل الاسلام عودوا الى ربكم وسنة نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم واتركوا الشحناء والبغضاء التي زرعها اعداء الاسلام فأعداء الاسلام من يهود ونصارى درسوا هذا الدين واخذوا من تعاليمه السمحة وخططوا كيف يستولون علينا فلم يجدوا غير مخطط الخلاف والنزاع فهم درسوه من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم فعن ثوبان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ان الله زوى لي الارض فرأيت مشارقها ومغاربها وان امتي سيبلغ ملكها مازوي لي منها واعطيت الكنزين الاحمر والابيض واني سألت ربي لأمتي ان لايهلكها بسنة عامة وان لايسلط عليهم عدواً من سوى انفسهم فيستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بأقطارها او قال من بين اقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضاً ويسبي بعضهم بعضاً.. وهذا المعنى محفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم يشير الى ان التفرقة والاختلاف لابد من وقوعهما في الامة وكان يحذر امته لينجو من شاء الله له السلامة فلذلك اعداء الاسلام حاربوا المسلمين بهذه الطريقة وكانت الشرارة الاولى التي اشعلها عبدالله بن سبأ اليهودي الذي بث الفرقة في صفوف المسلمين واظهر مذهب التشيع لآل البيت ليفسد بذلك دين الاسلام كما افسد بولص دين النصارى فحذارِ من كيد اعداء الدين فلو عاد الناس الى شرع ربهم لنجو فشرع الله هو سفينة النجاة فمن ركبها فقد نجا فالحكام لو قبضوا مايسوغ قبضه، ووضعوه حيث يسوغ وضعه طالبين بذلك اقامة دين الله لا رياسة نفوسهم واقاموا الحدود الشرعية على الشريف والوضيع والقريب والبعيد متحرين في ترغيبهم وترهيبهم للعدل الذي شرعه الله لما احتاجوا الى المكوس الموضوعة ولا الى العقوبات الجائرة ولا الى من يحفظهم من العبيد والمستعبدين الامن القومي والحرس الجمهوري كما كان الخلفاء الراشدون وعمر بن عبدالعزيز وغيرهم من امراء بعض الاقاليم، وكذلك العلماء لو اقاموا كتاب الله وفقهوا مافيه من البينات التي هي حجج الله ومافيه من الهدى الذي هو العلم النافع والعمل الصالح واقاموا حكمة الله التي بعث بها رسوله صلى الله عليه وسلم وهي سنته لوجدوا فيها من انواع العلوم النافعة مايحيط بعلم عامة الناس ويميزوا حينئذ بين المحق والمبطل من جميع الخلق بوصف الشهادة التي جعلها الله لهذه الامة حيث يقول عز وجل {وّكّذّلٌكّ جّعّلًنّاكٍمً أٍمَّةْ وّسّطْا لٌَتّكٍونٍوا شٍهّدّّاءّّ عّلّى النَّاسٌ} ولاستغنوا بذلك عما ابتدعه المبتدعون من الحجج الفاسدة وكذلك العباد اذا تعبدوا بما شرع من الاقوال والافعال ظاهراً وباطناً وذاقوا طعم الكلم الطيب والعمل الصالح الذي بعث به الرسول صلى الله عليه وسلم.
فالمسؤولية مشتركة بين عامة الامة فيجب على كل احد من افراد هذا الدين نصرة هذا الدين ومؤازرته لأنه هو العاصم لنا في الدنيا والاخرة وخاصة في هذا العصر الذي تنوعت فيه سبل النشر فيجب اغتنامها وتفعيلها لخدمة الدين فدين الاسلام دين الوسط وهو الصراط المستقيم فهو غير هدى الذين ضلوا الطريق من اليهود الذين اعتمدوا على السلطان والقوة فقط وتركوا الجانب الروحي ولا النصارى الذين اعتمدوا على الجانب الروحي وتركوا جانب السلطان والقوة اما دين الله فهو يعتمد على الجانبين جانب الروح وجانب القوة والسلطان فقد قال تعالى {لّقّدً أّرًسّلًنّا رٍسٍلّنّا بٌالًبّيٌَنّاتٌ وّأّنزّلًنّا مّعّهٍمٍ الكٌتّابّ وّالًمٌيزّانّ لٌيّقٍومّ النَّاسٍ بٌالًقٌسًطٌ وّأّنزّلًنّا الحّدٌيدّ فٌيهٌ بّأًسِ شّدٌيدِ وّمّنّافٌعٍ لٌلنَّاسٌ وّلٌيّعًلّمّ اللهٍ مّن يّنصٍرٍهٍ وّرٍسٍلّهٍ بٌالًغّيًبٌ إنَّ اللهّ قّوٌيَِ عّزٌيزِ} فصراط الذين انعم الله عليهم الاخذ بهذا وهذا ثم نصرة هذا الدين بنشر افكاره وتعاليمه السمحة الى العالم عن طريق وسائل الاتصال ويكون ذلك بالكلمة فهو اعظم الجهاد اي الجهاد بالكلمة وهو ماقرره امامنا الامام محمد بن حزم الظاهري رحمه الله حيث قسم الجهاد الى قسمين بالكلمة وبالسيف ثم قال ان اعظم الجهاد هو جهاد الكلمة والدليل على ذلك ان الاسلام لم يقم على السيف بدليل ان معظم اراضي المسلمين دخلت هذا الدين دون قتال والقتال انما وقع في بعض ارجاء الجزيرة العربية وفارس والشام ومصر وباقي الاراضي دخلت في الدين دون قتال، ثم ان الاستشهاد في سبيل الله ليس مطلباً شرعياً بل هو وسيلة لتحقيق النصر فإذا لم يحصل النصر فلا حاجة للمسلمين له كما فعل خالد بن الوليد رضي الله عنه في غزوة مؤتة حينما رأى ان لامناص من الاعداء كر ورجع ولذلك الشيخ ابن باز - رحمه الله - حرم العمليات الاستشهادية التي يقوم بها ابناء فلسطين وقال بأنها ليست من دين الله لأن الله قال {وّلا تٍلًقٍوا بٌأّّيًدٌيكٍمً إلّى التّهًلٍكّةٌ}
فإذن ماموقف الفلسطينيين من هذا الاضلال فإذاً المطلوب منهم هو الصبر حتى يأتي الفرج والصبر مع التمسك اعظم من مجابهة العدو اذ كنا لا طاقة لنا به كما كان في بداية العهد النبوي حينما مر الرسول صلى الله عليه وسلم بآل ياسر وهم يعذبون فقال «صبراً ال ياسر ان موعدكم الجنة» وحينما سأله بعض اصحابه بالقتال فنهاهم صلى الله عليه وسلم ونزل في ذلك قرآناً فقال تعالى {أّلّمً تّرّ إلّى الذٌينّ قٌيلّ لّهٍمً كٍفٍَوا أّيًدٌيّكٍمً وّأّقٌيمٍوا الصَّلاةّ وّآتٍوا الزّكّاةّ فّلّمَّا كٍتٌبّ عّلّيًهٌمٍ القٌتّالٍ إذّا فّرٌيقِ مٌَنًهٍمً يّخًشّوًنّ النّاسّ} فالجهاد قام لإقامة الحجة ولبيان الدليل فليجتهد المؤمن في تحقيق العلم والايمان وليتخذ الله هادياً ونصيراً وحاكماً وولياً فإنه نعم المولى ونعم النصير وكفى بربك هادياً ونصيراً وان احب أن يدعو فليدعو بالحديث الذي روته الصديقة بنت الصديق عائشة حب الرسول صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها قالت: كان الرسول صلى الله عليه وسلم اذا قام يصلي من الليل يقول: اللهم رب جبريل وميكائيل واسرافيل، فاطر السموات والارض، عالم الغيب والشهادة انت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق، بإذنك انك تهدي من تشاء الى صراط المستقيم».

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved