Wednesday 9th july,2003 11241العدد الاربعاء 9 ,جمادى الاولى 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

يارا يارا
همسات العاشقين
عبد الله بن بخيت

وأنا أقلب مقالات قديمة كتبتها في صيف العام الماضي أثناء سفري خارج المملكة، لم أميز أيها الذي نشر وأيها الذي لم ينشر. فأنا لا أملك أرشيفاً جيداً أحفظ فيه أعمالي بطريقة علمية. ومن باب الحرص لكي لا أكرر مقالاً سبق أن نشرته، قررت أن أراجع محتوياتها لاعادة كتابتها بطريقة مختلفة وبأسلوب مختلف ولهدف مختلف. ويبرر هذا أني كبرت سنة كاملة ومجتمعنا كبر سنوات بعد الأحداث الكريهة وربما كبرت عقول صغار العقول الذين يطاردونني لأنني أتطاول في بعض الأحيان وأكتب عن الجمال والحب والعلاقات القائمة على التنهدات المتبادلة. أظن أن الصيف هو أفضل فصل للكتابة عن هذه المواضيع، فالناس في حالة استرخاء ومتباعدون عن هموم العمل على الأقل بمشاعرهم.
احدى هذه المقالات المشكوك في نشرها مقال كتبته عن أستاذ جامعي منافق سبق أن درَّسني عندما كنت طالباً في الجامعة. طبعاً لم يكن الاستاذ الجامعي المنافق الوحيد. فالجامعة مليئة بالمنافقين ولكن نفاق استاذي هذا كان من النوع المميز المسبوغ بنكهة غير مسبوقة. فهو الأول الذي كان يؤيد المحبين ويدافع عن أغراضهم النبيلة وأكبر دليل أنه ألف رواية زود بها شباب تلك الأيام بأهم الاجراءات والخطوات اللازم اتخاذها عند البدء في العمليات المغازلجية وفي الوقت نفسه كان يزود المحبين بأهم الطرق لتجنب الانزلاق في مهاوي الحب العنيف، وهو بهذا يمسك العصا من وسطها. يوجه قلوب الشباب نحو الازدهار والتفتح، وفي ذات الوقت يبعد عن نفسه غضب المحافظين ومتعهدي حراسة الجفاف العاطفي. ما زلت أشعر بكثير من الأسف على فقدي واهمالي واستهتاري بذلك الكتاب القيِّم.. لا يمكن أن أتخيل أن يأتي ذلك اليوم الذي يعاد فيه طباعة ذلك الكتاب إلا إذا قررت الأمة في يوم من الأيام فتح ملف سخافاتها القديمة. من حسن حظكم على أي حال أنني ما زلت احتفظ في ذاكرتي بكثير من توحيهاته ونصائحه. فالكتاب ما زال يتلألأ في ذاكرتي.
كان عنوانه همسات العاشقين. لاحظوا جمال العنوان وإمكانياته ومدى قدرته على تحويل سطوع النهار في صيف لاهب إلى مساء ربيعي خاثر. من الواضح أنه اختار العنوان قبل أن يكتب السطر الأول من الكتاب، فبعد نهاية الكتاب لا يمكن لأي عاقل أن يطلق عليه همسات العاشقين وأقرب عنوان يمكن أن يصف محتواه هو (همسات البعارين) فهو يتجه نحو الحب ولكنه غير قادر على الاقتراب منه، بحكم أنه كان يريد أن يقدم وصفات عشق غير مسبوقة في التاريخ العاطفي للإنسان، يعني كيف تكون عاشقاً ومعادياً للعشق، كيف تعشق المرأة وأنت تحتقرها، يريد أن يقدم عشقاً بعد إخلاء موقع المرأة فيه، هذه طريقة في الكتابة لو تم تطويرها لحصلنا على امكانيات عظيمة لأنها تقدم منظوراً عفوياً للتناقض الذي يعيشه كثير من الرجال. نؤجل بقية الكلام ليوم السبت القادم.
الفاكس غير موجود في الخدمة لأنني أكتب الآن من خارج المملكة

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved