Friday 4th july,2003 11236العدد الجمعة 4 ,جمادى الاولى 1424

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

الدخان يخرب الفاه ويخل المخباه ولا يجعل لك عند الأتقياء جاه ليس في أوله بسم الله ولا في آخره الحمد لله وحكم الدين وقول الطب الدخان يخرب الفاه ويخل المخباه ولا يجعل لك عند الأتقياء جاه ليس في أوله بسم الله ولا في آخره الحمد لله وحكم الدين وقول الطب
بقلم الدكتور عبدالله بن سعد الرويشد

الدخان مشكلة اجتماعية خطيرة فقد استعبد كثير من الناس واستذل نفوسهم واحتل قلوبهم واستعمر جيوبهم وتملك أمرهم وسمم دماءهم وقوض أجسامهم واستولى على حريتهم أينما توجهوا وتحكم فيهم أينما ساروا فبعد أن كان غذاءهم وشرابهم الذي يستمدون منه الطاقة والحرارة هو الطعام والماء فاستبدلوا عنهما السجائر الضارة للصحة والمخسرة للجيب ناسين أنهم يخربون بناء قلوبهم ويسممون بوبائه دماءهم ويسدون بوابله رئاتهم ويحطمون بمعوله أجسامهم ويبيدون صحتهم وقواهم ويذبلون شبابهم ويتحولون وهم في أول العمر وريعان الشباب إلى شيوخ عاجزين وهياكل منهوكين ومرضى محطمين ولايكاد الواحد يملك نفسه فلا يستطيع أن يستمتع بطعام ولا منام ولا يملك أن يصبر عن الدخان ساعة من نهار ولا يقدر أن يزاول عمله أو يواصل سعيه أو ينهض بأمر من الأمور إلا إذا شرب هذا الدخان الذي هو أقرب إلى الحرام الخبيث منه إلى الحلال الطيب المباح والذي فيه من الاضرار والاخطار ما لا يستطيع أن يحصيه إنسان فهو نبت سيىء غالي الثمن كريه الرائحة والمذاق منتن للفم ومضر بالاسنان فتاك بالرئة مهلك للكبد مؤثر على الأعصاب مسمم للدماء يأكل عمر الإنسان ويحطم حياته ويسلبه أجمل ما يعتز به ألا وهما الصحة والمال فما أقبحها من عادة سيئة وما أبغضه من تقليد يضر بالصغير ويفتك بالكبير ويؤذي الأفراد والجماعات إذ يسلبهم معنى الراحة ولذة النعمة ومتعة الطمأنينة والهدوء فلكل هذه المعاني والصفات السيئة حرمه الدين ونفر من شربه وتعاطيه الطب، وحذر من تناوله العلماء والفقهاء لأنه من أهم أسباب ضياع المال ومن أكبر عوامل التبذير والتفريط ولأنه عبث ساقط ولغو لا فائدة فيه أو منه ولأنه يفتح عيون الأولاد وهم أكبادنا تمشي على الأرض على القدوة السيئة والأسوة الضارة والمثل الحقير فاذا أبصر الابن والده وهو لا يبدأ يومه إلا بشرب الدخان ولا يختمه إلا بشرب الدخان ولا يحيي ضيوفه الاعزاء ولا يكرم أصدقاءه المحبين إلا بشرب الدخان وإذا أبصر الابن أباه كذلك ظن أن الدخان شيء جميل وكبير وأن فيه من اللذائذ والمتع والمنافع الجمة والفوائد الكثيرة ما لا يخطر لأي إنسان على بال وإلا فلماذا يحرص عليه أبوه كل هذا الحرص ويبذل في سبيل شرائه كل هذا المال ويجعله رفيقه المؤنس وقرينه المخلص وصديقه الحميم في الليل والنهار والعمل والفراغ والحل والترحال بل لا يتركه في عسر ولا يسر أو في الفقر أو الغنى أو في الصحة أو المرض أو في ساعات الجد أو الهزل ولا ينساه في شدة ولا رخاء ولا يهمله في سعة ولا ضيق وآنذاك تميل نفس الابن وينشغل به حسه ثم لا يلبث حتى يشربه ويتعاطاه في السر تارة وفي العلانية تارة أخرى مرة بماله ومرة بمال غيره وثالثة بدون ثمن ولا مال وعند ذلك يغضب الوالد على ولده وتأخذه العزة بالاثم ويتبرم لشربه إياه ويعده من المخالفين والعاقين ثم يكثر من زجره والدعاء عليه ويبالغ في تأنيبه وتوبيخه وذمه أمام الناس فلو فكر قليلاً وتأمل كثيراً ورجع إلى نفسه طويلاً لأنصف هذا الابن المظلوم من نفسه وشخصه ولعلم أنه هو الذي أرشده إليه ودله عليه وفي وضح النهار فقد كان لابنه الصغير بئس القدوة وانه كان في ذلك المجال استاذه الأول ومعلمه الوحيد ومدرسه المثالي فليس على الابن حرج إذا قلد والده وليس عليه من بأس إذا سار على نهج أبيه ولذلك نهى الدين الآباء على ألا يكونوا قدوة سيئة لأبنائهم وأسوة دنيئة لخلفهم وأمرهم أن يرشدوهم في حياتهم إلى خير سبيل وأقوم طريق وأن يأخذوا بأيديهم إلى كل نافع مفيد ويحولوا بينهم وبين كل ضار دنيء وكل قبيح مرذول فليربوهم على الفضيلة والخلق الكريم والرجولة ومحاسن الأقوال والأفعال والسماحة والتواضع ومحبة الناس والرفعة والشهامة وهل أتاك نبأ الداهية، الدهياء والنكبة النكباء والعار الكبير والشر المستطير والوقاحة المتناهية والسخافة المتدنية وقلة الحياء التي لا مثيل لها في كل زمان ومكان إذ لا يقبل لها عذر ولا يقاومها نصح ولا يحاربها نظام أو قانون تلك هي تعاطي كثير من النساء في بعض المجتمعات العربية والإسلامية لهذا النبات الخبيث: الدخان فبعد أن كان المصلحون يحاربون هذه العادة المرذولة بين الرجال أصبحت متفشية كذلك بين النساء «إذا لم تستحي فاصنع ما شئت» فأينما اتجهت وحيثما حللت تجد المرأة قابضة على السيجارة مداولة لها بين أصابعها وفمها بكل وقاحة ناسية أن هذا الدخان أول شيء يذبل جمالها ويطفئ سحرها ويجر عليها الكثير من المتاعب والآلام في مقدمتها نعمة الأنوثة التي بدونها لا تصبح المرأة شيئاً مذكوراً ولا غير مذكور فهو ينتن ريحها ويشوه شفتيها ويطفئ بريق أسنانها ويخشن صوتها ويفتك برئتيها ويسيء نضارتها إن كانت بكراً ويضر بجنينها إن كانت حاملاً ويضعفها عن واجباتها إن كانت أماً ويعجل بها إلى المشيب إن كانت في زمن الشباب وميعة الصبا ويجعلها أقرب إلى الرجال منها إلى النساء فقلما يحفل بها رجل أو تهتم بها امرأة اللهم إلا على سبيل التهكم والتفكه والسخرية والاستهزاء فليعلم الرجال والنساء أن الله لم يحرم علينا نافعاً ولم يحرم علينا مفيداً ولم يبعدنا عن منابع السعادة والهناء بل قربنا سبحانه وتعالى إلى كل خير وبر وفضيلة وسمعة حسنة وذكر عطر وخلق كريم فيجب على العرب والمسلمين محاربة هذه العادة السيئة والمشكلة الاجتماعية الخطيرة الحقيرة والفعلة القذرة المرذولة وليفكروا فيما هم فيه من بلاء ووباء وليبحثوا عن علاج لهذا المرض الذي أصبح اليوم أعضل داء فليفتشوا عن كل دواء وعلاج واجتهدوا في هذا ما استطعتم لكي تحرروا أنفسكم من عدو قاهر ولص ماكر ومرض عضال واعلموا انكم إذا تحررتم من الدخان سلمت أجسامكم من كثير من العلل وستبرأ أبدانكم من كثير من الآفات وستصفو أرواحكم وتسلم صدوركم فتصبحون من الأصحاء الأقوياء والعقلاء الأشداء فتفتح لهم الحياة ذراعيها وتمد لهم كفيها فتمنحهم من الحياة والسعادة ما يشتهون وفوق ما يشتهون فليعقدوا النية على تركه وهجره بعزيمة صادقة وهمة موفقة وتصميم أكيد وتخيلوا ما سوف تتمتعون به بعد تركه من صحة وعافية وما سوف تدخرونه بعد ذلك من مال وما سوف تتمتعون به من حرية وما سوف تظفرون به من مدح وثناء وإجلال وتقدير وحب واحترام من أهليكم وأبنائكم وأزواجكم واحبابكم الذين يكنون لكم كل خير وسعادة وسرور ومحبة وفضيلة وحبور وكل تقدير واجلال واحترام ومما يزيد الدهشة ويضاعف الحيرة أن ترى جمعاً غفيراً ممن أنيطت بهم مسئولية تربية الشباب وتوجيه العامة كالمدرسين والأطباء ورؤساء الدوائر والمؤسسات نراهم يمارسون هذه الظاهرة الضارة على مرأى من طلابهم ومراجعيهم وربما أمام أولادهم وذويهم وتظهر هذه الظاهرة السيئة في نفس الوقت الذي تتوالى فيه النشرات وتتعاقب فيه التقارير الطبية العالمية المتخصصة محذرة الناس من التدخين ببيان أضراره العديدة وعواقبه الوخيمة مقرونة بالاحصائيات الدقيقة عن ضحاياه في كل عام والاكتشافات الجديدة المتوالية المشخصة للأمراض الخطيرة بل والمستعصية الناتجة عنه ومطالبة الجهات المسئولة في أنحاء العالم ببذل الجهود الجبارة لمحاربته مع غيره من المخدرات بكل وسيلة لتقي شعوبها من شره وتحول بينها وبين مخاطره.
الدخان ومادته: الدخان خليط من غازات ومواد كيماوية متبخرة كالقار والنيكوتين واكسيد الكربون السام وملايين من جزيئات الرماد الدقيق والمواد الصلبة الأخرى وهو يحدث بسبب احتراق مادة التبغ والتدخين وهو عملية ادخال هذا الغاز أو بعض جزئيات مادته إلى الجوف سواء كان بواسطة لفائف السجائر أو الغليون أو المص والمضغ أو الاستنشاق أو كان موضوعاً على الجمر وهو ما يسمى «الشيشة» والتبغ نبات حشيشي مخدر مر الطعم كريه الرائحة من الفصيلة الباذنجانية وقد ظهر بعد البحث والتجربة والتحقيق إنه يحتوي على مواد سامة كثيرة منها:
1 - النيكوتين وهو أسوأ المواد السامة في الدخان قال عنه الأطباء والباحثون أن الكمية الموجودة منه في سيجارة واحدة كافية لقتل إنسان لو أعطيت له بواسطة إبرة في الوريد وإنه لو وضع منه نقطتان في فم كلب مات في الحال.
قالوا وخمس نقط منه كافية لقتل جمل ومما يزيد الطين بلة أن السجائر التي تباع في البلاد العربية والإسلامية وجميع الدول النامية تحتوي على اضعاف ما تحتويه مثيلاتها في أوروبا من السموم الناقعة.
يقول الدكتور كيث بال: إن السجائر التي تباع في البلاد النامية تحتوي على ضعف كمية الغاز «القطران» والنيكوتين الموجود في مثيلاتها في أوروبا والتي تصدرها نفس الشركة وبذات الاسم نتيجة للتساهل في الرقابة أو عدمها.
2 - كما وجد أن في السجائر مائتي مادة كيميائية من بينها اثنتا عشرة مادة معروفة بأنها تسبب الاصابة بمرض السرطان.
3 - تاريخ معرفة نبات الدخان ومن وراء ترويجه يقال إن أول من جلب الدخان إلى أوروبا كولومبس مكتشف أمريكا وأنه أحضره معه من المكسيك إلى الأندلس ثم انتشر بعد ذلك في سائر أنحاء أوروبا أما عن كيفية دخول هذه المادة السامة القاتلة إلى البلاد العربية والإسلامية فيحدثنا عنه أحد علماء المسلمين وهو أبو الحسن المصري الحنفي رحمه الله حيث يقول: وكان حدوثه في حدود الألف من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم وأول خروجه بأرض اليهود والنصارى والمجوس وقد أتى به رجل يهودي يزعم أنه حكيم أي طبيب إلى أرض المغرب العربي ودعا الناس إلى شربه وأول من جلبه إلى البلاد الرومية التركية رجل اسمه ألاتكلين من النصارى وأول من أخرجه ببلاد السودان المجوس، ثم جلب إلى مصر والحجاز وسائر الاقطار. انتهى فتبين بذلك أن وراء ترويجه وانتشاره والدعاية له عصابة المجرمين من اليهود والنصارى وشأنهم فيه كشأنهم في سائر المخدرات والخمور التي يتاجرون بها ويعرضونها على الشعوب فيسقون الناس سمومها ويضلونهم بدعاياتهم المختلفة واساليبهم المغرضة. يقول: هنري فورد ووراء الدعايات للمشروبات الروحية وكل الخمور جماعة من اليهود قلت هذا ما شهد به شاهد من أهلها فترويج المخدرات هو واحد من وسائلهم التي يحاولون بها الفتك بالمجتمعات الإنسانية وتحطيمها دينياً وأخلاقياً وسياسياً واقتصادياً فلو تتبعنا المصانع العالمية لهذه المادة الخبيثة وغيرها من المسكرات الخطيرة لوجدناها لا تخرج عن ملك اليهودية المجرمة وأذنابها ممن ينفذون سياستها الجهنمية من النصارى وغيرهم، فالدخان هو الجمرة الخبيثة التي تحرق جسم شاربها.
أضرار التدخين: أجمعت التقارير الطبية المتعاقبة الصادرة من جهات مختلفة وفي أزمان متباينة التي تعتمد على الاختبارات والتجارب أن تأثير التدخين السيىء على الصحة يعتبر الآن أشد من أخطار الطاعون والكوليرا والجدري والجذام والسل والتيفود، ويؤكد التقرير أن الوفيات الناتجة عن التدخين هي اكثر بكثير من جميع الوفيات للأمراض الوبائية مجتمعة هذا ما قاله ويقول تقرير الصحة العالمية الصادر عام 1975م ان عدد الذين يلاقون حتفهم أو يعيشون عيشة تعيسة من جراء التدخين هم عشرات بل مئات الملايين من البشر والذين الموت لهم خير من الحياة ويقول تقرير كلية الأطباء الملكية البريطانية ما يلي:
1 - ان 27500 بريطاني تتراوح أعمارهم بين 24 - 65 سنة يموتون سنوياً نتيجة تدخين السجائر.
2 - إذا استمرت الحال على ما هي عليه في بريطانيا فان 155 ألف بريطاني يموتون سنوياً بسرطان الرئة خلال الثمانينات.
3 - ان نسبة 90% من حالات الوفاة بسرطان الرئة تحدث نتيجة التدخين.
4 - ان مدخني السجائر اكثر عرضة للوفاة في الأعمار المتوسطة بنسبة الضعف عن غير المدخنين.
5 - من الاسباب الرئيسية لحدوث الوفاة بين المدخنين الاصابة بسرطان الرئة والنزلات الشعبية المزمنة وتفتت الكبد والسل وسرطان الفم والبلعوم والحنجرة والمثانة.
6 - ان تدخين سيجارة واحدة تنقص من عمر المدخن خمس دقائق ونصف الدقيقة وهي نفس المدة التي يقضيها المدخن عادة في شرب سيجارة واحدة.
ويقول تقرير اللجنة الطبية الاستشارية الأمريكية عن التدخين ومضاره الصحية ما ملخصه:
1 - ان الوفيات الناجمة عن سرطان الفم في الولايات المتحدة في عام 1962م بلغت 6481 وفاة منها 3381 ذكور و3100 إناث وكل ذلك بسبب التدخين.
2 - ان نسبة وفيات مدخني السجائر لغير المدخنين مرتفعة بصورة خاصة في أمراض معينة وتبلغ هذه النسبة 1 ،4 في سرطان الفم.
3 - ان الوفيات ترتفع بارتفاع عدد السجائر التي يدخنها المرء يومياً.
4 - نسبة وفيات المدخنين إلى غير المدخنين تبلغ حدها الأقصى بين الأربعين والخمسين من العمر.
رأي الدين في حكم شرب الدخان:
1 يقول الإمام العلامة شيخ الإسلام مفتي المملكة ورئيس قضاتها واستاذ الأجيال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله «لا ريب في خبث الدخان ونتنه واسكاره أحياناً وتفتيره وتحريمه بالنقل الصحيح والعقل الصريح وكلام الاطباء المعتبرين.
2 - وقال علامة القصيم الشيخ عبدالرحمن بن سعدي غفر الله له (أما الدخان فشربه والاتجار به والاعانة على ذلك فهو حرام لا يحل لمسلم تعاطيه شرباً ولا استعمالاً واتجاراً وعلى من كان يتعاطاه أن يتوب إلى الله توبة نصوحاً كما يجب عليه أن يتوب من جميع الذنوب وذلك أنه داخل في عموم النصوص الدالة على التحريم داخل في لفظها العام وفي معناها وذلك لمضاره الدينية والبدنية والمالية التي يكفي بعضها في الحكم بتحريمه فكيف إذا اجتمعت والله من وراء القصد.

 

 

[للاتصال بنا] [الإعلانات] [الاشتراكات] [الأرشيف] [الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الى chief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-janirah Corporation. All rights reserved